إلى أين نتجه في المستقبل؟

يموج العالم اليوم بكثير من التحديات والمتغيرات المتلاحقة التي قد يدركها العقل وقد لا يدرك معظمها، فبعد الثورة الصناعية اشتدت السرعة والتغير في عصر الثورة التكنولوجية التي تلتها والتي تتجلى في الاتصالات والعولمة وبالتالي أصبح المستقبل يأتي سريعا وأكثر بكثير مما نتوقعه، وقد يكون القادم في العقود المقبلة ما يمكن تسميته بثورة ما بعد التكنولوجيا، والإنسان يستطيع قراءة المستقبل من إرهاصاته وملامحه الواضحة على الرغم من كثير من الالتباسات والفوضى والاحتمالات لكي يتعلم العيش بشكل مريح في هذه البيئة على هذا الكون.
أين نتجه؟ مجالات جديدة من المعرفة: ثورة في علم الوراثة، وظواهر العولمة. وأود أن أشير إلى ضرورة اتجاه مؤسسات التعليم العالي والبحث العلمي إلى مزيد من البحث والتدريس حول القضايا العالمية (التجارة والفقر والبيئة والجريمة والمؤسسات الدولية .. إلخ). وستكون هذه الخصائص المميزة في العقود المقبلة.. فالمستقبل يختزن «فيضا» من آفاق جديدة في البحث والإبداع وإرساء نهضة معرفية شاملة تخدم الأهداف الإنسانية.
فتكنولوجيا النانو Nanotechnology مثلاً التي ساهمت في تحسن كبير في كفاءة تقريبا كل جانب من جوانب الحياة، لديها القدرة عندما تنضج على تغيير العالم على نطاق واسع ، إن لم يكن أكبر من ثورة الكمبيوتر ما سيحدث ثورة علمية مبهرة. إضافة إلى تدخل الهندسة الجينية والبيوتكنولوجيا والنباتات الطبية، وإحداث زراعات بديلة لمواجهة متطلبات العولمة لا سيما في استنباط سلالات وأنواع جديدة لم تعرفها البشرية من نباتات تمتاز بالنوعية الأفضل والإنتاج الأوفر. وأيضا ظاهرة الاحتباس الحراري الناجم عن التلوث البيئي نتيجة زيادة غازات الاحتباس الحراري التي تبعثها النشاطات الصناعية والبشرية، مثل ثاني أكسيد الكربون، والكلوروفلور، وأكسد النيتروز... جعل البيئة قضية ومن التحديات المستقبليةً. ومثلما أن إنجازات وإسهامات جامعاتنا وبالخصوص جامعتنا العريقة، جامعة الملك سعود، قد اتسعت بشكل مطرد على مدى السنوات الماضية فإن عليها مسؤولية عظيمة في البحث العلمي
هذا هو طريقنا للتأكد من أن مؤسسات التعليم العالي لدينا لا تزال قوية وذات صلة، والمعروف أن من الخصائص التي تسهم في نجاح الجامعات وصمودها أمام اختبار الزمن هو مدى استجابتها لأعمق الاحتياجات البشرية في عالم يتميز بالتعقيد غير المتناهي والمحير.. وإن تكريم الدكتورة خولة الكريع من سيدي خادم الحرمين الشريفين كباحثة وعالمة سعودية ومنحها وسام الملك عبد العزيز من الدرجة الأولى يعد رمزاً للرعاية والتشجيع والاهتمام بالبحث العلمي وهو تكريم للعلماء والأطباء والباحثين ومن منطلق إرساء اقتصاد حديث بمضامينه المعرفية التكنولوجية من خلال العمل على الارتقاء بحصة البحث العلمي والتكنولوجيا من الناتج المحلي.
والوطن مشدود البصر إلى المستقبل.. في عهد ميمون ينتمي إلى مستقبلنا.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي