حق الإنسان في صون اتصالاته
في المقال السابق انتهينا من الحديث عن (خدمة العلم) وهو الاقتراح الذي أبديته لمن يعنيه الأمر في بلادنا وأشرت إلى إيجابياته المتعددة التي تتلخص في تعليم وتدريب الشباب السعودي على التقشف والانضباط واللياقة البدنية والجد وطاعة الله تعالى ثم ولاة الأمر والاهتمام ببر الوالدين وصلة الأرحام والالتزام بمكارم الأخلاق والتدرب على الدفاع عن النفس باستخدام (الكاراتيه) والأسلحة الخفيفة وإعداده بعد ذلك للدفاع عن أمن الوطن حتى لا يكون الشباب عالة لا ينتفع بها وقت الحرب والأزمات، وأحب أن أضيف هنا أنه ما دام قد ورد في المادة (34) من نظام الحكم الأساس للمملكة أن الدفاع عن العقيدة الإسلامية والمجتمع والوطن واجب على كل مواطن، فالأحرى، أن يدرب الشباب المدنيون ليقوموا بواجبهم الوطني المذكور، ولا يتم ذلك إلا من خلال مشروع خدمة العلم المذكور، كما أن مشروع الخدمة المذكور هو مجال خصب لانخراط الشباب الذين لا يعملون والذين يشكلون ضرراً على المجتمع والوطن وأن انضمامهم للمشروع المذكور هو محاربة للبطالة التي لها مضارها المعروفة، كما أن برنامج التدريب على الرماية على الأسلحة الخفيفة يمكن أن يكون في آخر البرنامج وقبل التخرج ولا ينضم إليه إلا من ثبت انضباطهم واستقامتهم، كما أن العادة جرت في جميع المعسكرات في القوات العسكرية أن الأسلحة التي يتم التدريب عليها لا تترك في حيازة المتدربين وهذا من البديهيات، كما يمكن أن تكون الرماية في ميادين إلكترونية، حيث لا تستخدم الأسلحة النارية بل تستخدم أسلحة كهربائية وبالليزر وتعطي نتائج طيبة للتدريب على مهارة الرماية وإن كانت الرماية الحية هي الأفضل لهيبتها وقوتها عند الرمي وأهمية التحكم فيها أثناء الرماية، وكل ما ذكرت خيارات يمكن اللجوء إليها، ولا شك أنه لو بدأ المشروع العسكري المذكور وأحسنت إدارته ووضع له نظام مدروس، فإن آثاره الحسنة تنعكس على شبابنا وتخفف كثيراً من سلبيات وترهل وتسيب الشباب وكلي أمل أن يتحقق هذا المشروع الجاد المفيد، والآن نعود للحديث عن بقية مواد نظام الحكم الأساس للمملكة والمادة (40) تنص في ذلك النظام على صيانة حق الإنسان في استخدام جميع وسائل الاتصالات بكل أنواعها إلا إذا ثبت أن هناك حالات تضر بسلامة وأمن الوطن وتتعارض مع أنظمة الدولة فيحق للدولة التدخل، وقد حددت تلك المادة أن المراسلات البرقية والبريدية والمخابرات الهاتفية وغيرها من وسائل الاتصال مصونة ولا يجوز مصادرتها أو تأخيرها أو الاطلاع عليها أو الاستماع إليها في الحالات التي بينها النظام، وهكذا يتمتع الإنسان بحقه في القيام بكل الاتصالات المذكورة دون أن تتعرض تلك الاتصالات للاختراق والتنصت أو الحجز أو مصادرتها من صاحبها، كما نصت المادة (41) من النظام المذكور على ضرورة (التزام المقيمين في المملكة بأنظمتها وعليهم مراعاة قيم المجتمع السعودي واحترام تقاليده ومشاعره)، وبذلك يلتزم جميع المقيمين بما ذكر فلا يجوز للمقيم غير المسلم أن يجاهر بتناول الطعام والشراب علناً في شهر رمضان، كما يجب على المرأة التستر والحشمة وعدم التبرج، كما لا يمكن للمقيمين أن يقوموا بأي عمل مخل بالإسلام والقيم المتعارف عليها في البلاد مثل إنشاء مصانع للخمور أو أي نوع من المواد المحرمة والممنوعة والمحظورة أو تناولها وترويجها وغير ذلك من الأعمال التي تتنافى مع مبادئ الإسلام، كما يجب على المقيمين الالتزام بأنظمة الدولة، وعادة ما تقوم الجهات التي سهلت دخول المقيمين إلى المملكة بشرح أنظمة الدولة وطبيعة الحياة الإسلامية والقيم والمشاعر المتعارف عليها في المملكة لهم، وبذلك حرصت الدولة على كرامة البلاد ونقاوة المجتمع السعودي من المفاسد التي قد ينخدع بها ضعاف النفوس، كما أن الالتزام بما شرع الله تعالى قد يؤدي بالنسبة للمقيمين إلى اعتناق الإسلام لأن كل تلك المحرمات والمحظورات هي في صالح الإنسان للمحافظة على صحته وعقله وعرضه، وفي الحلقة (98) القادمة نكمل ما تبقى.