سحر الرمال السعودية

العناصر الأربعة في الكون وهي: النار, الهواء, التراب والماء - وهي أسس الفلسفة القديمة, الرمال عميقة التحليل والمدى وتحوي مواضيع متعددة وأولاها في وقتنا الحاضر البحث عن مصادرة الطاقة البديلة وتسخيرها لتوليد الطاقة الكهربائية، وذلك بسبب وجود أزمة في مصادر الطاقة لم تعد خافية, لذلك يجب الاستفادة من الطاقة الكامنة والحركية للرمال الناعمة في خليجنا الآثر لتوليد الطاقة الكهربائية, وحيث يدخل الرمل في معظم العمليات الإنشائية وهو من فصيلة التراب أو من المعدن الترابي وهو عنصر محبذ, لأنه يمثل الإنسان الثابت والمحافظ على مبادئه كالخليجيين الذين ركبوا المخاطر وتحدوا هبوب العواصف والرياح الرملية أيام الغوص, ويقال إن النبي إدريس عليه السلام هو أول من استخدم الرمال لكشف الأمور الغيبية, ثم سار على نهجه ضاربي الودع والمرجمين بالغيب,على أن العلاج بالدفن في الرمال الساخنة أيضا هو من أقدم أنواع العلاجات وهي التي يوضع فيها المريض في حمامات خاصة ثم يغطى بالرمال لمدة ساعة أو أكثر يظل رأسه خارج الرمال ثم يترك في الشمس الحارقة بعد تغطية رأسه حتى لا يصاب بضربه شمس, هذه الطريقة تستخدم في علاج كثير من الأمراض الروماتيزمية وعرق النسا وآلام الأعصاب والعضلات، لكن الحديث عن سحر الرمال السعودية الذي يسمح بتصدير منتجاته عبر المصانع المرخص لها من الرمال ومنتجات الكسارات من البودرة وغيرها, ذلك أن السعودية تتمتع بأجواء معتدلة في أطراف المدن ومناطق أواسط الرمال الصحراوية المنتشرة جعلت الاقتصاديين الخليجيين يتدارسون الأثرين الإيجابي والسلبي للرمل, فبعد صدور توجيهات العاهل السعودي وخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز بإيقاف تصدير الرمل والبحص إلى خارج المملكة, وذلك إثر دراسة تصدير الرمال قام بها خبراء وجيولوجيون ومهندسون في وزارة البترول والثروة المعدنية السعودية أوضحت السلبيات البيئية الناتجة عن تصدير الرمل والبحص خارج المملكة والآثار السلبية المترتبة على تصدير الرمل والتي تؤثر سلبيا في صحة المواطنين والمقيمين من الغبار المتطاير الناتج عن عمليات الحفر والردم ومن عمليات نقل الرمل وغيرها في ثنايا الأراضي السعودية وهي التي تضم أطنانا من الرمال وكميات ضخمة وتجارية من المعادن الثمينة, وحيث يتفق العالم كله على أن الصحراء هي خطر بات يهدد حياة البشرية مع تنامي حرمة البيئة وسعي مختلف الدول للسيطرة على الأراضي الجافة الصحراوية, المصادر الأكاديمية المتخصّصة تؤكد على أن تركيز السليكون في رمال بعض مناطق السعودية وصل إلى 99.9 في المائة وهي تعد من أجود الأنواع وتتمتع بشفافية عالية وخالية من الشوائب ما يؤهلها إلى ولوج أرقى الصناعات المتطورة كصناعة الزجاج والمنظفات. يشار إلى أن قرار إيقاف التصدير هذا سيكون جاذباً لاستثمارات محلية وعالمية ضخمة في مجال التقنية المتطورة داخل البلاد السعودية, وحيث إن مشاريع الإسكان ومشاريع القطاع الخاص الضخمة تشترط مواصفات معينة لا تتوافر في الرمال المستخرجة من البحر في مختلف البلدان جعلت الاعتماد يكون شبه كلي على الرمال السعودية التي توافرت فيها المواصفات المطلوبة للبناء, وكما هو معروف من صفات المستهلكين هي البحث عن المواد المعقولة والرخيصة, فالمواطنون الخليجيون ما فتأوا يستخدمون الرمال البحرية في بناء منازلهم لأنها منخفضة التكاليف وأن العمر الافتراضي للمنزل عادة ما يكون أقل من العمر الافتراضي للبيت المبني بالرمل السعودي, فلا يوجد بديل حقيقي عن الرمال السعودية عدا الرمل البحري لكنه في حاجة إلى غسيل للتخلص من نسبة الملوحة العالية الموجودة فيه. وبعد أن لاقى المستثمرون صعوبة في ذلك خصوصا بعد أن منعت إدارات الثروات البحرية غسيل الرمال في البحر لما له من آثار سلبية على الحياة البحرية والثروة السمكية, هذا القرار الذي لاقى ردود فعل متباينة. البحرين التي اعتمدت على الرمل السعودي على مدى أكثر من 15 عاما مضت بعد أن كان اعتمادها على الرمل المحلي من بعض الأراضي التي تغسلها مياه الأمطار، إلا أن شح الأمطار وتزايد ملوحة المياه الجوفية أديا إلى تدهور نوعية الرمل البحريني وتزايد الاعتماد على الرمل السعودي, وأنه من الصعب عودة الاعتماد على الرمل البحريني المغسول بالكميات التي يتطلبها قطاع الإنشاءات، خاصة بعد أن تدهورت النوعية بسبب تركز الأملاح فيها وفي المياه التي تغسل بها إلى درجات لم تعد مقبولة. الاستثمار في تجارة واستيراد الرمال والأسمنت يحتاج إلى مبالغ ضخمة تصل إلى ملايين الدنانير من إنشاء مخازن خاصة وشراء معدات للنقل وبوارج للنقل وأن أي مستثمر لن يخاطر بتوظيف كل هذه الأموال, بينما المشاريع الحكومية البحرينية ـ لا سيما الإسكان ـ وكذلك مشاريع القطاع الخاص الضخمة قد تتوقف مع دخول قرار وقف تصدير الرمال السعودية للبحرين حيز التنفيذ ونفاد الكميات المتوافرة منه إلى حين إيجاد بديل بالمواصفات المعترف بها وهي لا تتوافر في الرمال البحرية الأخرى. شح الرمل في البحرين أدى إلى زيادة أسعاره وإلى نشوء سوق سوداء للكميات القليلة المتوافرة منه. وفي ظل الاشتراطات والمواصفات والمقاييس لمواد البناء التي وضعتها وزارتا الصناعة والأشغال البحرينية جعلت الأمر يكون أكثر صعوبة, ورأى مقاولون أن قرار السعودية إيقاف تصدير الرمال والبحص «الكنكريت» إلى البحرين بات يهدد بإصابة قطاع الإنشاءات والمقاولات, كما أوضحوا أن التأهل لدخول المناقصات الحكومية غدا أمرا صعبا ما لم يستطع المستثمرون والمقاولون توفير مواصفات ومقاييس معينة في عملية تنفيذ المشاريع الحكومية خصوصا مشاريع القطاع الخاص الضخمة من المباني والأبراج المرتفعة التي تشترط مواصفات محددة في تنفيذها, وفي ظل الثقة التي يوليها البحرينيون القيادة السعودية وحرصها على دعم الاقتصاد البحريني ودعم التبادل التجاري سيجعل من تذليل هذه العقبة أمرا منالا بناء على ما يؤكده التاريخ المتين للعلاقة بين البلدين. إيقاف استيراد الرمال من السعودية ستكون له آثار سلبية كبيرة في مجمل قطاع الإنشاءات بسبب أن هذه الرمال تستخدم في صناعة أغلب مواد البناء كالخرسانة الجاهزة والطابوق. للرمل سحر خاص ويضعه البعض في قناني تحوي ألوانا مختلفة وعلى هيئة أشكال مختلفة كالنخلة والسمكة وقارب الصيد والسمكة وهي جميعا تعكس التاريخ الاقتصادي الخليجي. وحيث إن الناس معادن وإن بني آدم لا يملأ عينه إلا التراب أرجو ألا تكون مساحة هذا المقال قد تزاحمت عليها مواضيع عديدة. ومعدنه ترابي ولكن سرت في لفظه لغة السماء.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي