شوربة وليمون وفوبيا !

لم أشعر طوال حياتي بأنني مثير للرعب في قلوب الناس بمن فيهم أقاربي مثلما شعرت خلال الأيام الماضية.. الكل يهرب من مصافحتي أو الاحتكاك بي، فيما أنا أتبع العطسة بالعطسة على إثر نوبة زكام دهمتني فجأة عقب ممارستي لرياضتي المفضلة «السباحة» وخروجي من المسبح كطرزان لمواجهة جهاز التكييف.
ورغم كل المشاعر السلبية التي تتركها نظرات الناس في ظل أخبار وفيات الفايروس اللعين «إنفلونزا الخنازير»، لم أفكر مطلقاً في زيارة المستشفى.. فقط اكتفيت بتناول لترات كثيرة من الشوربة والليمون والينسون والفوبيا!
كان جميع من حولي يطالبونني بزيارة الطبيب، ويفاجأون عندما أرفض.. ذلك لأنني أعلم جيداً سبب نوبة «الزكام» التي أعيشها .. كما أنه ليس من المستبعد أن أذهب لأي مستشفى طمعاً في العلاج وأتسلم بدلاً منه فيروساً تائهاً من أي مراجع مصاب به!
لقد تعرفت خلال الأيام الماضية مكرهاً لا بطلاً على معلومات مهمة جداً عن فيروسات الانفلونزا، وكيفية مكافحتها دون مراجعة المستشفيات والصيدليات، كما تعرفت على معلومات في غاية الأهمية عن «تاميفلو» وهو الدواء المستخدم لعلاج الإنفلونزا بشكل عام بما فيها إنفلونزا «اللي ما يتسموش» أعاذنا الله وإياكم منها، وأخذت أوزع الوصفات الطبية البديلة على الناس غير المرضى، للاستفادة منها في حال مرضهم، ذلك لأنني لم ألتق بـ«مزكوم» آخر طوال فترة استهلاكي المبالغ فيه للشوربة والليمون.
أيضاً تعرفت على معلومة مهمة قد لا يعرفها كثير من الناس وهي أن أكثر من 97 في المائة من المصابين بالفيروس اللعين يشفون منه خلال 8 أيام من إصابتهم به حتى بدون أن يتلقوا أي رعاية طبية !
أما المعلومة الطريفة فهي أن الشعوب التي تأكل الخنازير وتربيها تتكون لدى كثير من أفرادها مناعة من هذا المرض، وخصوصاً أولئك المخالطين للخنازير.. وهو ما يعني أن اليهود والمسلمين بما فيهم نحن السعوديين لا مناعة لدينا منه والله المستعان!
أحد الأصدقاء طلب مني في اتصال هاتفي أجراه معي قبل يومين بحجة رغبته في الاطمئنان على صحتي - طبعاً مستحيل أن يفكر بزيارتي - الكتابة عن شعوري تجاه خوف الناس من الاقتراب مني كلما عطست، أو ظهرت على ملامحي آثار الزكام، وهو ما حرضني على متابعة تصرفات الآخرين في الأماكن العامة، وأنا أغطي أنفي بالمناديل وأعطس بين الدقيقة وأختها.
لقد شاهدت الخائف الذي يحاول الابتعاد عني بحذر شديد، وشاهدت من لم يهتم للأمر أو أنه حاول تصنع ذلك، وبين هذا وذاك شاهدت أفراد أسرة كاملة يضعون واقيات الأنف والفم على وجوههم وهم يتسوقون مستلزمات شهر رمضان من أحد الأسواق بما فيها الشوربة.. وكم هو الفرق كبير بين شوربتي وشوربتهم!
كل عام وأنتم بخير.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي