الموازين لاحتساب إعانة البنزين
سلطت الأضواء خلال الفترة الماضية على إيرادات وتكاليف البنزين كوقود للمركبات ولم أجد في جل ما كتب تحليلاً دقيقاً لتكلفة وحدة البنزين الثابتة والمتغيرة، المباشرة وغير المباشرة، فمن دون تلك المعلومات يبقى التحليل اجتهاداً وليس مبنيا على حقائق. كما أن التوجه لاستيراد البنزين والاستثمارات الهائلة لزيادة الطاقة للوفاء بحاجات الاستهلاك المحلي لم يصاحبه إفصاح مقارن عن تكلفة الإنتاج مع تكلفة استيراده، للاحتياجات الحالية والمستقبلية وغيرها.
كنت أتمنى أن أثري هذا المقال بتحليل مالي يلقي الضوء على ميزان العائد والتكلفة ونقاط التعادل، ولكن لم أوفق في الحصول على المعلومة. وكما نعلم أنه، دون الإفصاح عن بيانات تفصيلية، تبقى الكتابة من الناحية المهنية لا جدوى منها، وإنما تعبر عن آراء فكرية واجتهادية، ولعل أهمها كما يقال إن إعانة البنزين (أو الفرق بين سعره سابقاً وحالياً) تتجاوز عشرة مليارات سنوياً، ويتم توزيعها بين طبقات المجتمع، الذين يستخدمون المركبات بالتساوي سواء كانوا سعوديين أو غير سعوديين، ويقال نظرياً إن استثمار هذه المبالغ الضخمة التي تعادل ميزانيات البلديات مجتمعة في مشاريع أجدى وأنفع للاقتصاد كالصحة والتعليم مثلاً، مع ضرورة العمل بكل الوسائل في عدم تأثر ذوي الدخل المحدود بأي تغيرات في أسعار البنزين.
هناك نماذج مالية متعددة يمكن من خلالها العمل على قاعدة ''لا يموت الذئب ولا تفنى الغنم''، وهذه النماذج تحتاج إلى بيانات أساسية، مع اقتناعي بأن متخذي القرار سواء في شركة أرامكو أو الجانب الحكومي يدرسونها بعمق، وتشكل المدخلات الحقيقية لنماذج تسعير البنزين، فالوضع الحالي للتسعير بكل تأكيد يحتاج إلى إعادة هيكلة، حيث إن بقاءه يعود بالضرر الجم المباشر وغير المباشر على جملة الاقتصاد الوطني. أعانهم الله، والله أعلم.