سوق الأسهم من يحمينا منا؟
سوق الأسهم السعودية بشكل خاص والأسواق المشابهة بشكل عام أصبح الحديث عنها أو الكتابة لما يدور فيها من الأمور المملة للكاتب والمتحدث والمتلقي, خصوصا بعد الضربات الموجعة التي تعرضت لها تلك الأسواق, ومنها سوق الأسهم السعودية, ومع أن سوق الأسهم السعودية تعد من الأسواق الناشئة أو الجديدة التي تتأثر بأي إخفاقات في الأسواق الأخرى أو سوء تصرف ضمن العاملين فيها من إداريين ومستثمرين ومضاربين, وخلال المرحلة الماضية تطور منهج وأسلوب وقدرة السوق على ضبط العمل ضمن مسؤولياتها وبدأت تسترد عافيتها وقبل العافية الثقة من مختلف المسؤولين والمستثمرين داخل المملكة وخارجها وبدأت تأخذ طريقها السليم والصحيح نحو تعديل المسار وضبط الإيقاع والنمو الاستثماري الاقتصادي السليم, ومن هنا بدأت السيولة تعود إلى شرايينها التي كادت تجف خلال الأشهر الماضية.
إن تعافي سوق الأسهم السعودية وعودة الثقة بها وتمكن رجالها من تطوير أدواتها ومتابعة أدائها والقضاء على المؤثرات السلبية التي كانت تستغل الفجوات التنظيمية فيها, كل ذلك أعطى الطمأنينة لهذه السوق, ولكن ما حدث خلال الأيام الماضية وما أصاب السوق من إسهال غير مبرر وانخفاض غير معروف الأسباب لأغلب العاملين فيها, خصوصا من أصحاب الاستثمارات الصغيرة جعل الخوف والإرباك يعود إلى قلوبهم الموجوعة أصلا مما حدث خلال الأشهر الماضية, هذا الخوف أعاد إلى الأذهان مشكلة عدم الثقة بالسوق وإدارتها وصناعها مما زاد الإرباك والقلق وما صاحبه من انهيارات حتى ولو لم تكن مثل السابق ولكن كما نقول في أمثالنا الشعبية "اللي تقرصه الحية يخاف من الحبل".
السؤال الذي طرح ويطرح خلال هذه الفترة ما هذه الحية الجديدة التي بدأت تغتال السوق من خلال توجيه اللدغات المستمرة لها؟ وهل هناك معرفة واضحة لها ولمن يقف خلفها خصوصا إذا ما عرفنا أن الاقتصاد السعودي يمر بمرحلة متميزة في هذا العهد الميمون وأسعار البترول بين المستقرة إلى المرتفعة, إضافة إلى أن أحداث إيران لا تدعو لمثل هذا القلق؟ هذا السؤال طرح في عديد من المنتديات والمجالس العامة والخاصة وجاءت مشكلة القروض التي تمنح لبعض رجال الأعمال والمستثمرين دون رقابة أو ضوابط تحكمها أصبحت المؤثر السلبي في سوق الأسهم والمضيع لحقوق المستثمرين, وأصبح المواطن المستثمر البسيط يدفع ضريبة هذا الفساد الإداري المالي ضمن المؤسسات المالية والشركات الخاصة.
إن الفساد الإداري المالي من خلال استهتار بعض المسؤولين الماليين في بعض البنوك, خصوصا السعودية منها أو التي تعمل على الأراضي السعودية ومنحها قروضا وتسهيلات مالية دون الضوابط التي تحمي حقوقها وحقوق مساهميها, وأهم من هذا وذاك حقوق من يعمل في سوق الأسهم السعودية, لأننا كما نعرف جميعاً أن ترابط المعاملات المالية والاستثمارية أصبح ذا تأثير إيجابي أو سلبي في أي تصرف يحدث في أي جزء من المنظومة الاقتصادية المالية, فعندما يقوم أحد المسؤولين في البنك بمنح نفسه أو الآخرين تسهيلات تفوق قدرتهم على تغطيتها يجعل من جميع العاملين في سوق الأسهم وغيرها من الأسواق ضحايا تلك التصرفات غير المسؤولة, التي مع الأسف الشديد تؤثر في الجميع دون توجيه عقاب رادع لمثل هؤلاء المستهترين بالاقتصاد الوطني والحقوق العامة والخاصة للأفراد والمؤسسات وسمعة الاقتصاد السعودي.
إننا عندما نرى مثل هذه التصرفات غير المسؤولة نتوقع موقفا رادعا قويا من قبل المؤسسة الحكومية السياسية والقضائية والمالية بما يجعل مثل هؤلاء المستهترين بحقوق وقوت الناس يعيدون النظر ألف مرة ومرة قبل الإقدام على مثل هذه التجاوزات التي تتسبب في فقد الآلاف من الأسر السعودية استثماراتها دون أن يكون لها دور في تلك المفاسد الإدارية المالية, وفي الوقت نفسه كانت وما زالت مطمئنة على وجود الضوابط والأنظمة التي تحمي حقوقهم وتردع من يتجاوز عليها مهما كان اسمه أو رسمه أو علاقاته.
هيئة سوق المال قامت بجهود مضنية خلال الفترة الماضية لإغلاق كل الثغرات التي يمكن أن يدخل من خلالها ضعاف النفوس المستغلون لأرزاق الناس ومصالحهم, والهيئة والسوق لم يكونا أكثر ثقة منهما اليوم من قبل عديد من المستثمرين ولكن مثل ما يحدث من عبث إداري ومالي خارج إطار مسؤوليتهم يوقعهم في حرج الخلل المالي في سوق الأسهم.
المطلوب هو اتخاذ القرار والإجراء الرادع لكل من سولت له نفسه أن يسيء إلى الاقتصاد والإنسان السعودي الواثق بأنظمتها ورجالها, هذا القرار المطلوب يكون ذا بعدين أساسيين, قاض على من سولت له نفسه ورادع لمن تحاول أن تسول له نفسه, وبهذا نقضي على مثل هذه المفاسد ومقولتهم "أنا ومن بعدي الطوفان", أو قولهم " إذ مت ظمآنا فلا نزل القطرُ". بارك الله في الجهود التي تعمل من أجل وطن سعودي الانتماء عربي اللسان إسلامي المعتقد عالمي الطموح.
وقفة تأمل
ما كل ما يتمنى المرء يدركه
تجري الرياح بما لا تشتهي السفن
إني أصاحب حلمي وهو بي كرم
ولا أصاحب حلمي وهو بي جبن
ولا أقيم على مال أذل به
ولا ألذ بما عرضي به درن