وجه آخر لسوء التغذية

يتسّم الأطفال عموماً بالسلوك الهادئ، ذلك الذي يرتبط بصفة البراءة الملازمة لهم. ما إن يحلّ محلها العنف حتى يبدأ الأهل والمربون بالتساؤل عن أسبابها ونتائجها التي لا تؤثر في الطفل وحده بل في كل من حوله.
لسنوات طويلة كان الباحثون والتربويون يعزون العنف لدى الأطفال لكمّ العنف الواقع عليهم سواء في المنزل أو خارجه، كما يعزى إلى ما يطّلع عليه الصغار في وسائل الإعلام المختلفة.
واليوم تذهب شريحة أخرى من الدراسات إلى الربط بين التغذية والعنف لدى الأطفال، هذا السبب الجديد قد يكون مؤثراً بصورة مساوية أو أكبر من الأسباب الآنفة الذكر.
عندما يتناول الأطفال أغذية مرتفعة السعرات تعجز أجسادهم الصغيرة عن تصريفها وتوظيفها كمصادر مفيدة للطاقة، خاصة عندما تكون هذه السعرات عبارة عن مواد ضارة كالألوان الصناعية ومركبات السكر والدهون المشبعة.
أسلوب تغذية كهذا ينتشر اليوم بشكل مفزع مع ازدياد المغريات التي تقدمها مطاعم الوجبات السريعة وبتكلفة أقلّ نسبياً من تكلفة الأغذية الصحية.
إضافة إلى ذلك تحوّل أساليب المعيشة في المنازل فالأم لم تعد تبدي اهتماماً كبيراً بنوعية الغذاء التي يتناولها صغيرها، إما بسبب التغيب لظروف العمل أو بسبب وضع هذه المسؤولية في يد الخادمة.
من جهة أخرى يقابل هذا التشبع في المواد الضارة نقص شديد في الفيتامينات الضرورية والمعادن، من أهمها فيتامين ب ومركباته المختلفة الذي يؤثر بصورة مباشرة في عمليات الدماغ والمحافظة على سلوك متّزن.
واليود أيضاً عنصر تفتقر له تغذية الصغار، هذا العنصر الذي اكتشفت في بداية القرن العشرين علاقته الوثيقة بسلامة تطور الأعصاب والدماغ.
إذاً لم تعد السمنة وهشاشة العظام المبكرة مشكلة وحيدة تنتج من سوء تغذية الصغار، بل أصبحت تهددّ بظهور شريحة واسعة من الجيل الجديد يحملون في خلاياهم خطراً جديداً ألا وهو العنف تجاه أنفسهم وأقرانهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي