هل اتضحت خطة أوباما في فلسطين؟

عندما أعلن أوباما أنه يريد وقف الاستيطان وإقامة الدولة الفلسطينية فإنه أدخل الأمل في قلوبنا لأن الاستيطان وإنكار الحقوق الوطنية السياسية للشعب الفلسطيني هما جوهر المشروع الصهيوني، خاصة أن تصريحات أوباما جاءت وكأنها رد وتحد لموقف نتانياهو من الدولة الفلسطينية والاستيطان، وكذلك قوانين الكنيست حول الدولة الفلسطينية البديلة في الأردن والولاء للدولة اليهودية كمقدمة لطرد العرب من إسرائيل. وكان تعليق المراقبين الأكثر رصانة وسط الكم الهائل من التعليقات أن الأفعال وحدها هي معيار الحكم، وكانت أكثر التعليقات تحفظاً تلك التي اعتبرت أن أوباما يتحدث بلغة جديدة، ورفضت القبول بأن أوباما بدأ عهداً جديداً انتظاراً للسلوك الأمريكي في المنطقة. وتطبيقاً لذلك فإن زيارة ميتشل لإسرائيل وهي بداية التنفيذ العملي لتصور أوباما، قد كشفت بشكل مبدئي عن تصور أوباما لسلام يرضي الطرفين ويقنعهما بإنهاء النزاع. ونحن نعتقد دون ادعاء استباق الأمور أن تصور أوباما لا يتصادم مع خطة إسرائيل. هذا التصور بدأ يتكشف في تصريح ميتشل يوم 9/6 /2009 عندما أكد أن أوباما يرغب في إقامة دولة فلسطينية جنباً إلى جنب مع دولة إسرائيل "اليهودية". إذا انطلقنا من ذلك أمكن أن نحدد تصور أوباما في عدد من العناصر الواضحة.
العنصر الأول: هو إقامة دولة فلسطينية في فلسطين وليس في الأردن – الوطن البديل. وتقوم الدولة على ما تبقى من المساحات التي لم يشملها الاستيطان، وذلك بعد التشديد على وقف الاستيطان من الآن.
أما مصير المستوطنات القائمة فيتفق عليه في التسوية النهائية. وأغلب الظن أن هذه المستوطنات فضلاً عن الفراغات بينها وبين الجدار العازل سوف تضم إلى إسرائيل. ومعنى ذلك أن ما يتبقى بعد ضم هذه المستوطنات والفراغات لا يتجاوز عشرة في المائة من مساحة فلسطين التاريخية بما فيها غزة التي لا تزيد على واحد في المائة من تلك المساحة، وبذلك تصبح إسرائيل 90% من مساحة فلسطين بينما أعطاها قرار التقسيم 56.5% فقط.
العنصر الثاني: هو أنه مادامت الدولة الفلسطينية قد قامت حسبما يطالب الفلسطينيون، ينتقل إليها الفلسطينيون المقيمون داخل إسرائيل، فيصبح عدد سكان الدولة حوالي خمسة ملايين، فتسقط بذلك كل الحقوق الأخرى التي يطالب بها الفلسطينيون، وهي حق عودة اللاجئين في هذه الحالة إلى الدولة الجديدة إن شاؤوا، وحدود 1967 التي يتجاوزها هذا التصور، وأما الأمن فيتفق عليه بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي.
وأخيراً، يبدو أن القدس تصبح تحت السيطرة السياسية الإسرائيلية مع تعهد إسرائيل بتأمين حرية الوصول إلى الأماكن المقدسة. وبطبيعة الحال لن يعترض أحد بعد ذلك على هجرة اليهود إلى إسرائيل اليهودية التي يختفي فيها الاحتكاك بين العرب واليهود وتضيع معها معالم الديمقراطية الإسرائيلية وتبعات حق المواطنة. في هذا الإطار يقتضي هذا التصور أن يساعد العرب على تحقيق هذا المشروع وذلك بالمبادرة الجماعية بالاعتراف بإسرائيل، مقابل انتزاع هذا التصور دولة فلسطينية من المتطرفين في إسرائيل، فيحقق أوباما المعادلة ومعجزة التسوية. فهل يقبل العرب؟ وهل يقبل اليهود؟ وهل أمعن أوباما في الحلم؟ أم خدع العرب؟ على أية حال يلزم الحذر في قراءة المشهد في فلسطين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي