الحرب على المخدرات.. ماذا نعرف؟

عرفت شيئا، وغابت عنك أشياء..
هذه حالي بعد أن أمضيت ساعتين في المديرية العامة لمكافحة المخدرات، مستمعا إلى القيادات وهم يتحدثون عن الجهود الوطنية الكبيرة التي يقوم بها الجهاز في حربه المقدسة والضروس مع عصابات وشبكات المخدرات في داخل المملكة وخارجها. إنهم في عالم تحفه المخاطر والتحديات، أذهانهم يقظة وعيونهم ساهرة، ونحن البعيدون عن عالمهم نظن أننا معزولون عن شرور المخدرات.
ما يسمعه ويراه الزائر يدرك أن الحرب على المخدرات تعززت الآن في أولويات اهتمامات الدولة، وهذا عزز الروح المعنوية الكبيرة لدى جميع العاملين في قطاع مكافحة المخدرات، والإنجازات الكبيرة التي حققها رجال مكافحة المخدرات في الشهور الأخيرة رفعت إحساسهم بوقوفنا خلفهم، وأيضا عززت إحساسهم الشخصي وقناعتهم بأن ما يقومون به من عمل إنما يتجاوز الواجب الوظيفي، إذ هو (جهاد مقدس) ضد حلفاء الشيطان، وخير مثال على ذلك هو (قائمة الشهداء) الذين قدموا أرواحهم الطاهرة ـ رحمهم الله جميعا ـ لكي يحفظوا مجتمعنا من دمار المخدرات.
هذه الروح المعنوية الكبيرة تعززها النقلة النوعية في أداء الجهاز وارتفاع كفاءة العاملين وقياداتهم، وأيضا تعددت الآليات الاحترافية في بيئة العمل. ومن ثمار هذه النقلة إيجاد إدارة عامة للعمليات وعبر هذه الإدارة ارتفع مستوى التكامل والتنسيق مع الأجهزة الأمنية المختلفة التي تعمل الآن عبر جهود نشطة ومكثفة، واستطاعت هذه الأجهزة بالتعاون مع إدارة المخدرات ضبط الكثير من السموم، وتفكيك عدد من الشبكات الخطيرة.
أيضا ثمة نقلة نوعية في جهود مكافحة المخدرات نجدها في الجبهة الخارجية، فقد أنشأت الإدارة عديدا من المكاتب ونشرتها في دول عدة لكي تكون خط الدفاع الأول الذي يتصدى لعمليات تهريب المخدرات من مصادرها، وقد حققت هذه المكاتب النجاح في إفشال عديد من عمليات التهريب، وهذه الجهود يتم التوسع فيها عبر تخصيص إدارة مستقلة حتى يتعمق الأداء مهنيا واحترافيا.
كذلك الجهاز لديه برامج متقدمة في التدريب والتأهيل المكثف الذي يأخذ في الحسبان مدى تعقد عمليات مكافحة المخدرات حتى يجاري ما يحدث من تطور مستمر لأساليب تهريب وترويج المخدرات في العالم، فعالم المخدرات، كما نعرف، معقد ومتشابك مع تجارة الدعارة وعمليات غسل الأموال وتتوافر له إمكانات كبيرة. والتدريب يستهدف أيضا رفع كفاءة العاملين في الجهاز حتى يكون عمليا متميزا بكل ما يؤدي إلى حفظ الأرواح وتقليل المخاطر.
هذه التطورات النوعية لم تهمل أهمية برامج الوقاية، ففي الجهاز إدارة متخصصة تتجه للمجتمع وتقوم بتنفيذ برامج متنوعة لتحقق أهدافها، وتستخدم المتعافين من الإدمان لكي يكونوا جنود التوعية في المجتمع، وهذا توجه إنساني ووطني يعكس إحساس العاملين بالجهاز برسالتهم الوطنية وارتقاء حسهم الإنساني، وشعارهم الذي يرددونه هو (شبابنا في عمر الزهور.. حرام يذهبوا ضحية للمخدرات!).
تحية إلى اللواء عثمان المحرج مدير عام المديرية العامة لمكافحة المخدرات ولجميع زملائه وكل العاملين في محاربة المخدرات، وهذه الإنجازات التي تحققت في حربنا على المخدرات يقف خلفها الجندي المجهول (نايف بن عبد العزيز) الذي لديه خط ساخن مع كل العاملين من أبنائه في مكافحة المخدرات.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي