منطقة عسير .. ماذا تريـد منـــــــــــــــا؟
منطقة عســـــــــــــــير.. المنطقة الحالمة التي تقع على قمم جبال الجزء الجنوبي الغربي من السعودية, هذي القمم التي لم تحرم المنطقة من عبق الصحراء وسحر البحر، تعيش اليوم مرحلة تنموية مثلها مثل بقية مناطق المملكة، مرحلة تعد في العرف التنموي مرحلة خاصة وسريعة النمو وقاسية المنافسة والتحدي، خاصة أن فرص التنمية ودعمها يعتمد على مدى الاستفادة من الوفرة المالية الحالية وأهمية توطين خيرها والاستفادة منها وفقاً لمعطيات العصر وظروف الوقت، ولهذا فإن استغلال هذه المرحلة واستثمارها الاستثمار الصحيح سينعكس بشكل مباشر وسريع على المنطقة وفرص العمل والاستثمار فيها، كما أنها مرحلة سريعة النمو لأن الطلب على التنمية يأخذ شكل التنمية المتكاملة السريعة التي تبدأ بالفكرة والتصميم والتخطيط والتمويل وتنتهي بالتنفيذ بشكل متكامل ومترابط ومتجانس وسريع، والمستثمر أو المستثمرون لن يعطوا الفرصة لكثرة الدراسات والاجتماعات وأشكال الموافقات التي تأخذ من العمر أكثره ومن الجهد جله وتلعب البيروقراطية السلبية دورها في قتل هذه الفرصة التنموية، كما أن روح التنمية في هذه المرحلة تأخذ بعداً تنموياً ينحو منحى المنافسة سواء على مستوى المناطق ومدنها أو على مستوى الدول، هذه المنافسة التي تسعى إلى استقطاب الاستثمارات وتوطينها من خلال تحديد الفرص التنموية والميزة النسبية لكل فرصة والقدرة على تذليل كل الصعاب التي يمكن أن تواجه المستثمرين في سبيل استقطابهم وإقناعهم بأن هذه المنطقة أو تلك هي الأنسب لاستثماراتهم من حيث سهولة اتخاذ القرار وسرعة تفعيله, وأن العائد الاقتصادي على رأس المال أفضل, إضافة إلى توفير الأيدي العاملة المدربة التي تلبي احتياجات المشاريع المقترحة.
إن منطقة عسير تملك جميع المقومات الاقتصادية والتنافسية التي تحتاج إليها المشاريع القادمة لها، فالخدمات والمرافق والطرق أصبحت, ولله الحمد, متوافرة بمستويات جيدة.
كما أن البنية الإدارية تم تطويرها للتعامل مع الاحتياجات المستقبلية, وكان آخر ما تم في هذا المجال من إنشاء مجلس للاستثمار في المنطقة يضم في عضويته كفاءات من القطاعين الحكومي والخاص والمجتمع المدني, ما يؤمل معه أن يكون عونا وسندا للمستثمرين وأن يذلل جميع العقبات التي قد تقف في طريقهم. وكان هذا التطوير ضمن رؤية استراتيجية تمثلت في توقيع اتفاقية تعاون مع الهيئة العامة للاستثمار.
إن منطقة عسير وهي تدخل اليوم هذه المرحلة التنموية الجديدة والتنافسية تحتاج منا إلى تضافر الجهود وتذليل مختلف العقبات التي قد تقف في طريق استقطاب الاستثمارات وتوطينها، خصوصا إذا ما علمنا أن المنطقة وخلال السنوات المقبلة تحتاج إلى توطين المشاريع القادرة على توفير فرص العمل التي أشار إليها المخطط الإقليمي للمنطقة, الذي يغطي المرحلة التنموية حتى عام 1450هـ إلى حاجة المنطقة إلى أكثر من 700 ألف فرصة عمل، هذه الفرص لا يمكن ولا يجب توفيرها من خلال القطاع الحكومي, أو بمعنى أوضح العمل فيه، لأن رفع الإنتاج وتنويع القاعدة الاقتصادية وما تحتاج إليه المنطقة هو توطين استثمارات تستفيد من الإمكانات التنموية المتاحة في المنطقة واستغلال الميزة النسبية فيها, وهذا العمل والجهد والرؤية تحتاج إلى تضافر الجهود وتوجيهها بما يخدم ذلك والمشاركة المباشرة وغير المباشرة في تقديم الرأي والفكر والجهد واستفادة المنطقة من جميع أبناء المملكة بشكل عام وأبناء المنطقة أينما كانوا بشكل خاص للعمل على تفعيل الرؤية الناضجة لهذه التنمية.
إن هذا التوجه لأبناء المملكة وعلى وجه الخصوص أبناء المنطقة يتوافق مع قناعة تامة أن الخير يعم الجميع, إن شاء الله, كما أن وجود تعاطف إيجابي من أبناء المنطقة سواء من يعيش فيها أو خارجها لا يضيرهم في شيء لأننا نثق بأن أبناء السعودية على وعي كامل بإيجاد التوازن المطلوب بين الولاء الوطني والدعم لمناطقهم, وأن ذلك لا يمثل توجهاً سلبياً متى ما كان في إطاره التنموي المتوازن.
أما أبناء المنطقة الذين يعيشون على أرضها فإنهم مطالبون بخطوات إيجابية لهذه التنمية يكون على رأسها محاربة السلبيات التي تقف عقبة في وجه التطوير.
ومن ذلك العمل بشكل جماعي وفاعل في القضاء على بعض الظواهر التي تعوقها وخيرها مثل الاعتداء على الأراضي التي تمثل أحد أهم المعوقات لتنفيذ المشاريع، كما أن احترام النظام وتقبله سيعطي المنطقة ميزة نسبية قد لا تكون موجودة في بعض المناطق الأخرى. وأهالي المنطقة مطالبون بمحاربة الواسطة أو الشفاعة المضرة بحقوق الآخرين والانحياز من قبل موظفي القطاع العام والإبلاغ عن أي انحراف سلوكي يرونه, وذلك بإيصال صوتهم إلى متخذي القرار. إن كان الساكن في منطقة عسير مطالبا بأن يُظهر الجانب الحضاري بطريقة تعامله وحديثه مع الآخرين وقيادته المركبة وغير ذلك من سلوكيات، وآمل ألا ينظر البعض إلى هذه السلوكيات نظرة استخفاف وأنها ليست ذات أهمية, فالتنمية شيء من كل شيء, فوجود خلل هنا أو هناك سيؤدي اليوم أو غداً إلى مشكلات ونواقص تؤدي إلى توقف مركبة التنمية وخروجها عن الطريق المرسوم لها.
إننا نأمل من رجل الأعمال أن يستثمر جزءا من أمواله في المنطقة, كما نأمل أن يُقنع غيره من رجال الأعمال في المملكة أو خارجها بما يمكن أن تقدمه له منطقة عسير من فرص استثمارية, كما أننا نتوقع أن يقوم الطالب وفي مختلف مراحل التعليم بإعداد البحوث التطبيقية على المنطقة, ما يوفر لها قاعدة علمية تكون عوناً لمتخذي القرار, كما أننا نطالب كل عامل في القطاعين العام والخاص أن يتقي الله وأن يعامل الجميع بإنسانية ومحبة وأن يقدم لهم ما يستحقونه نظاماً دون استعلاء أو تكبر أو تسلط.
إن هذه دعوة صادقة للجميع أن يستشعروا أهمية المرحلة المقبلة وألا يستصغر أي واحد منا جهدا يقوم به, فكل خطوة أو موقف أو كلمة هي محل تقدير الجميع, كما أنها لبنة في بناء نسعى إلى الوصول إليه هو "عسير2030" التي أطلقها أمير المنطقة, والتي تحمل شعار "ماذا يجب أن نكون عليه وليس ما نتوقع أن نصل إليه"، التي تعمل على تحقيق التنمية المتوازنة والمستدامة للمكان والإنسان، ومرحباً بالجميع في ملتقى أبها 1428هـ.
وقفة تأمل:
"إن المكارم أخلاقٌ مطهرة
فالعقل أولها والدين ثانيها
والعلم ثالثها والحلم رابعها
والجود خامسها والعرف ساديها
والبر سابعها والصبر ثامنها
والشكر تاسعها واللين عاشيها"