المساكن وآه من المساكن!!!
هل هناك اتفاقية مبرمة مع البنوك التجارية قامت بها المؤسسة العامة للتقاعد؟ أعتقد الجواب سيكون "نعم" وبالفم المليان ولكن هذه الاتفاقية لم تكن من أجل ـ تصميم صندوق الإقراض وما يتبعه من لوائح وأنظمة كأن تقوم البنوك بدعم "التقاعد" بالخبرة والآليات الجادة، بل إن الاتفاقية على ما أعتقد لها أغراض تجارية أخرى. فمن قرأ وتمعن في نظام الإقراض لشراء المساكن المليء بالشروط "التعجيزية"، التي أدت لانحسار المد البشري الذي كان في أوجه لليوم الأول الذي باشرت فيه مؤسسة التقاعد استقبال المتقاعدين، الذين صدموا من شروطها التي تدفعهم دفعاً نحو تلك الجهة التي لا مناص عنها.
ألا وهي "البنوك التجارية" التي تقيل كل مقترض ولا ترد أحداً، لم لا؟ أليست الفوائد هي الثمن وبما أن شروط "التقاعد" عسيرة على طالب القرض فلتظهر البنوك ذات الشروط اليسيرة كما يتخيل للبعض بصرف النظر عن سلبيات الفوائد المجحفة، التي لو قورنت بالفوائد التي يحصل عليها "الشخص ذاته" لو كان مستثمراً في أحد صناديقها فحتما عوائده لن تتعدى 1 في المائة ولكن عند الاقتراض فالفوائد لا تقل عن 7 في المائة ويتصاعد هذا الرقم حسب قيمة القرض. إنها المعادلة الظالمة والفرق بين الفائدتين كبير جداً، نعود للاتفاقية "الجنتلمان" بين مؤسسة التقاعد والبنوك ضد من يا ترى؟ ضد هذا المتقاعد الغلبان؟
الذي كان ينتظر هذه المكرمة المستحقة، التي كان من المفترض الحصول عليها دون منة من أحد؟ أليست هذه الأموال التي سوف تمكنه وإخوانه المتقاعدين من شراء بيت العمر؟ إنها حصيلة مبلغ يقدر بـ 9 في المائة من راتبه يستفيد منها بعد إحالته على التقاعد ومن باب أولى أن يكون هو أيضاً أول، بل أهم المستفيدين من تشغيل هذه المليارات، التي ظلت لعشرات السنوات تعمل أو تحتجز لدى المؤسسة دون أن ستفيد منها الاقتصاد الوطني ولا نعلم أين كانت؟ وفيم كانت تعمل؟ أسئلة جامدة لا تجد لها جوابا وعندما "تمخض" فكر المسؤولين عنها واخترعوا "قرض مساكن".
لم ينسوا بالطبع أن "يبتكروا" الشروط التعجيزية والتي لو أدرجناها ضمن هذا المقال "شاب شعر الوالدان" وهذا ما دفع طالبي القرض لأن يرتدوا على أعقابهم، بل البعض منهم هرول ناحية جهات الإقراض الأخرى ـ التجارية بالطبع، أما القروض الحكومية فدونك والحصول على شرفها مثل ما بين المشرق والمغرب. هذا كله يحدث والناس أغلب الناس تبحث عن مساكن والمساكن تبحث عن أماكن والأماكن تبحث عن دراهم ـ والدراهم كالمراهم تشفي الجرح العليل. وما زال مسلسل التقاذف يُمرر على المواطن كل جهة ترسله للأخرى دون مراعاة لأبسط حقوقه العملية، ومؤسسة التقاعد أهم هذه الحقوق التي "عجزتها" ليستفيد من ذلك "البنوك" وآه من البنوك التي لا ترحم أحدا. وهذا أيضاً يقودنا للسؤال اليتيم السقيم، الذي لم نمل من توجيهه لأمانات المدن، التي زودناها بدراسات تحل أزمة "المنح والمساكن" وها هي أمانة جدة بعد أن أعلنت "الاستفادة من الدراسة وتفعيلها غيرت رأيها كعادتها وقامت هذا الأسبوع بعمل "قرعة جديدة" لتوزيع المنح على كم ليس بالقليل من المواطنين، نعود للسؤال مرة أخرى. لماذا يا أمانات المدن لا تقومين بتنفيذ "الحلول الجذرية" وتكسبين الجولة وتربحين المحتاجين للمساكن؟
خاتمة: سكن يُسكن سكينة!!!