المرأة أفضل مستهلك للمنتجات المالية (2 من 2)
في مقال الأسبوع السابق تم استعراض نتائج بعض الدراسات التطبيقية الدولية عن التعامل مع المرأة الفقيرة كمقترضة للمشاريع الصغيرة جدا وكيف أن طريقة إنفاقها للقروض تختلف بصورة أفضل من الرجل، وكيف أثبتت أيضاً الدراسات أن التزام النساء بالسداد أفضل كذلك مع أنها لا تملك نفس الفرص المتاحة للاقتراض مثل الرجل.
إذن هناك فرص هائلة للتوسع في سوق تمويل المشاريع الصغيرة جداً إذا تم التركيز على بلوغ أسواق جديدة مثل: النساء اللاتي يمثلن فقط 11 في المائة من إجمالي المقترضين في النظام المالي السعودي، إضافةً إلى القاطنات في المناطق القروية، وبوجه خاص الفقراء جداً. لذا على المسؤولين عن القروض للمشاريع الصغيرة وتقديم خدمات جديدة مثل:
* برامج خدمات المدخرات الموسعة.
* برامج تدريب النساء لتشجيع تنمية المشاريع الصغيرة جداً.
* برامج التنمية الشخصية والاجتماعية.
وطرق جديدة للقيام بالأعمال مثل: معالجة الحواجز التي ما زالت تقف في وجه تعزيز تمكين النساء وزيادة عدد النساء اللاتي يشغلن مراكز قيادية في مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة، فهذه الصناعة، بوجه عام، لم تجعل تأمين المواقع القيادية للنساء في مؤسسات تمويل الأعمال الصغيرة جداً أولوية، سواء في مجالس الإدارة أو في المراكز الإدارية الرئيسية. ففي العديد من مؤسسات تمويل الأعمال الصغيرة جداً، تشكل النساء 90 في المائة أو أكثر من الزبائن، بينما تبلغ نسبة النساء في المراكز القيادية أقل من 25 في المائة.
وقد تم توثيق آثار تعزيز قدرات النساء بنوع خاص في عدة برامج تعتمد العمل على أساس مجموعات وتجمع بين القروض وغيرها من النشاطات مثل: التعليم، تنمية القدرات القيادية، حل مشكلات المجتمعات المحلية، وتنمية الأعمال التجارية، ولكن ما زالت بعض الدول لا تقدم مثل هذه القروض الصغيرة للنساء إلا بمرافقة متطلبات طويلة وصعبة على المقترضة، ومن حسن الحظ أن التجارب السابقة في الدول الأخرى وضعت بعض الأسس لكيفية تأمين القروض للنساء الفقيرات:
1 ـ تأمين قروض صغيرة وقصيرة الأجل للرأسمال التشغيلي للمشاريع التجارية والمؤسسات العاملة في حقل الخدمات.
2 ـ التغلب على القيود التي تعوق تنقل النساء عن طريق الذهاب إليهن حيث يعشن ويعملن.
3 ـ التغلب على العوائق القانونية عن طريق استخدام أسلوب "التضامن" أو المجموعات أو اعتماد الضمانات الشخصية وكتب التوصية بالصفات الحميدة بدلاً من فرض تقديم التأمينات العينية التقليدية.
4 ـ الاعتماد على العلاقات الشخصية وعلى العمليات من خلال مجموعات بدلاً من الاستمارات والوثائق المكتوبة كي تستطيع النساء الأمّيات المشاركة.
5 ـ تأمين تعليمهن كيفية التصرف كمستهلكات جيّدات للقروض.
ولدى صناعة القروض لمشاريع الأعمال الصغيرة جداً حوافز أدّت إلى تقدّم كبير في الاستدامة المالية لمؤسسات التمويل وإلى القدرة على الوصول إلى أعداد كبيرة من الزبائن، وقدرة النمو بسرعة كبيرة، وتطوير مصادر تمويل جديدة. ورغم ذلك، لا تزال هناك طاقات كامنة غير مُستثمرة سوف تتطلب حوافز أقوى لأجل فهم عناصر البرامج التي تقود إلى زيادة التأثير في العميلات بأساليب شمولية متكاملة.
فمثلاً في ألبانيا، فقد ارتفعت نسبة الوصول إلى النساء من 22 في المائة إلى 44 في المائة، خلال ستة أشهر فقط، كنتيجة لمنتج جديد للإقراض الفردي الموجه إلى النساء اتصف بالقروض الأصغر قيمة، ومتطلبات ضمانات مرنة، وتقنيات تسويق جديدة عادت بفوائد إضافية لتعزيز تمكين المرأة والتواصل مع النساء لتقديم خدمات مالية متطورة لهن ومثل هذه الوسائل:
* تمكين النساء من التدرج للوصول إلى مستويات أعلى من منتجات القروض.
* تلبية حاجات النساء إلى خدمات ادخار آمنة وسهلة المنال.
* عدم التركيز فقط على أهمية زيادة الدخل بل أيضاً زيادة الأصول والرأسمال الاجتماعي.
* والوصول إلى الزبائن في المناطق القروية.
* استخدام مجموعات تمويل الأعمال الصغيرة كوسيلة للاقتراض.
* منح النساء مناصب قيادية في مؤسسات تمويل المشاريع الصغيرة جداً.
* تأمين الخدمات المالية للذين يعيشون في حالة فقر مدقع.
معظم العاملين في هذا القطاع، من ممارسي تقديم القروض، والمانحين، والأكاديميين، وصُنّاع السياسة، سوف يرحبون بفرصة الوصول إلى مزيد من النساء، وتأمين أكبر أثر ممكن لهن ولعائلاتهن. ولكن الأمر للأسف ليس أولوية بمستوى أولويات العديد من المسائل المُلحّة الأخرى، فالعاملون في هذا القطاع محاصرون بالوقائع اليومية اللازمة لمجرد البقاء مستمرين في العمل.
لقد قيل إن الخطوة الأولى باتجاه التغيير هي الاقتناع بأنه ممكن، وإنه من الممكن الوصول إلى النساء بمن فيهن النساء الفقيرات جداً، وإحداث تحوّلات اقتصادية، واجتماعية للنساء الزبائن ولعائلاتهن ومجتمعاتهن. وهكذا تبيّن أن فكرة تأمين الخدمات المالية للنساء فكرة ممتازة، ولعل أفضل ما يمكن أن يقدم ويحدث من نتائج ما زال في المستقبل. لكن الخطوة الأولى بدأت لتمكين المرأة الفقيرة اقتصادياً لأنها أثبتت جدواها كمستهلكة ومقترضة ومستثمرة.