المطالبات في المشاريع الإنشائية .. كيف نخفف من آثارها السلبية؟

[email protected]

هناك العديد من أسباب ظهور المطالبات في المشاريع الإنشائية، التي قد يجد أصحاب المشاريع أو المقاولون أن تفاديها مستحيل أو ربما مكلف جدا، الأمر الذي يستوجب من المؤسسة المعنية التفكير في مجموعة من الإجراءات المنضوية تحت لواء استراتيجية التخفيف ويهدف هذا النوع من الإجراءات إلى الحد من احتمالات ظهور مطالبات في المشاريع الإنشائية، أو التخفيف من تداعياتها السلبية من خلال رصدها ومعالجتها حال ملاحظة أي مؤشر لها.
يتمثل أحد أكثر إجراءات التخفيف شيوعا عند أصحاب المشاريع، في تطهير وثائق العقد بما في ذلك الاتفاقية وجدول الكميات، والرسومات والمواصفات، من أي أخطاء وجوانب مغفلة أو غامضة. ولذلك يعمد أصحاب المشاريع في الوقت الحالي، إلى الاستعانة بشركات متخصصة في توفير خدمات تطهير الوثائق، حيث تقوم بمراجعة جميع الوثائق التعاقدية لتحديد الأخطاء التي قد تكون واردة في محتواها من معلومات وبيانات، وكذلك تنسيق جميع المستندات ذات الصلة. وقد كشفت دراسة أجرتها البحرية الأمريكية، على سبيل المثال، أن مثل هذه الخدمات تخفض معدل التغيرات الناجمة عن جوانب مغفلة أو أخطاء في الوثائق، بنسبة تتجاوز النصف. فأوامر التغيير التي يطالب بها المقاولون نتيجة تلك الأخطاء والجوانب، تمثل أحد العوامل الرئيسية التي تقف وراء ظهور المطالبات في المشاريع الإنشائية.
ويعد تأخر إصدار الموافقات والقرارات المتعلقة بالمواد والمعدات التي ستستخدم في عملية تطوير المشروع، أحد العوامل الشائعة الأخرى لظهور مثل تلك المطالبات. وعليه، من الأهمية بمكان أن توضح الوثائق التعاقدية بالتفصيل، جميع الأشياء التي يجب أن يقدمها المقاول للدراسة ونيل الموافقة عليها، مع ذكر الفترة الزمنية التي يسمح بها لإنجاز هذه العملية، أثناء إعداد خطة المشروع. فقد تضمنت الوثائق التعاقدية الخاصة باحد المشاريع في الكويت، على سبيل المثال، تفاصيل دقيقة شملت الحد الأدنى للمدة الزمنية التي يجب أن يسمح بها للمقاول لإتمام مختلف أنواع المعاملات، منعا لأي خلاف على هذا الصعيد لاحقا. وجريا على عادة قطاع الإنشاءات، يمنح أصحاب المشاريع مدة 14 يوما لمراجعة الطلبات بغض النظر عن طبيعة محتواها. وقد تكون هذه المدة غير واقعية في حال كان الأمر يتعلق بمراجعة المواد المستخدمة في التشطيبات الداخلية أو المتطلبات الرئيسية للمشروع والتي قد تحتاج مراجعتها إلى مدة أطول تصل إلى 90 يوما. وبوجود مثل هذه التفاصيل الزمنية في العقد، لن يكون باستطاعة المقاولين الزعم بأن المدد الزمنية التي استغرقها المالك أو الاستشاري لمنح موافقته، هي التي أدت إلى تأخير موعد إنجاز المشروع.
وهناك إجراء آخر مهم من إجراءات التخفيف، يتلخص في اعتماد آلية توثيق خاصة بالتعامل مع المطالبات في المشاريع الإنشائية حال ظهورها. فمن المعروف أن أحد الأسباب الرئيسية في صعوبة التوصل إلى حلول ودية للمطالبات التعاقدية، يكمن في غياب التوثيق الذي يمكن أن يستثمره أي من الطرفين، لتبرير المطالبة بتعويض، أو رفض تعويض النفقات غير المبررة. ويمكن تحقيق ذلك من خلال تطوير آلية يمكن تفعيلها حالما يتم رصد واقعة ما قد تشكل نواة مجموعة من المطالبات. فعندما يرصد أحد أعضاء فريق المشروع حادثا من هذا النوع، ينبغي له أن يقوم على الفور بتعبئته نموذج خاص يوثق فيه واقع العمل لدى وقوع الحادث المعني، ويلفت انتباه فريقه إلى الوثائق الأخرى التي يجب جمعها لدعم وقائع وظروف أية مطالبات قد تظهر لاحقا.
ولا يختلف أحد على أن وثائق المشروع هي العنصر الأهم في مسألة قبول المطالبات في المشاريع الإنشائية أو رفضها. وعليه، يجب على المؤسسات المعنية بالمشروع، استثمار الممارسات المثبتة الخاصة على صعيد اتصالات المشاريع، والوسائل التكنولوجية المتوافرة، حتى تضمن توثيق جميع اتصالات المشاريع في صيغة إلكترونية يمكن الرجوع إليها والعثور عليها بسهولة عند الحاجة. ومن شأن ذلك أن يساعد الجهات المعنية برصد المطالبات، على تحديد الأسباب والمبررات التي أسهمت في ظهور تلك المطالبات، وكذلك تقييم تأثيرها في المشروع. ولا غرابة في إخفاق المطالبات المبررة في تحقيق أهدافها بسبب فشل الجهة المطالبة في تقديم الوثائق المطلوبة التي تثبت الحق في التعويض، على اعتبار أن تقديم الدليل هو مسؤولية الجهة المطالبة دائما.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي