الممنوع والمباح في السينما والتلفزيون!!
جمعتني المصادفة مع زملاء أعزاء بينهم مسرحيون ومؤلفون ومحبون للفكر والثقافة في مختلف توجهاتها .. القضية الأساسيه التي كانت محور النقاش تخص المنع الحكومي لصالات السينما والتناقض القائم في ذلك، وهو تناقض تكشف وجوده صالات السينما في المجمعات السكنية وبعض الجامعات والسكن الملحق بشركاتنا الكبرى، إلى جانب انتشار الأسطوانات الخاصة بكل ما هو جديد من الأفلام!
ومن جهتي أقول إن التناقض الأكبر يذهب إلى أن التلفزيون ناقل أوسع وأشمل من شاشة السينما وباختصار إذا ما كنا ننظر إلى الأمر من زاوية الخطورة والتوجس من الغزو الفكري. فالمقارنة بين المذكورين ظالمة من كل النواحي، إذا علمنا أن السيطرة على صالات السينما سهلة واستحالة ذلك تلفزيونياً!!. الأكيد أن صالات السينما ليست محل خطورة إذا ما اقترن الأمر بالرقيب المدرك لما يحتويه الفيلم ، وإلى ما يهدف إليه ، يخضعه لرقابة مدركة لآليات العمل ، يعي ما يحتاج إليه مجتمعه ، أما أن يكون المنع ..للمنع فقط؟! فالأكيد أن خللاً قائماً لدينا في عمليتي التقييم والتقويم ، وكان الأجدر أن يمنع التلفزيون .. لا السينما وفقاً لصعوبة السيطرة ، ولمكامن الخطورة !!. وبعيداً عما يسمح وما لا يسمح فحري بنا أن نسير إلى آفاق من التجريب ننفض من خلالها كل شائبة تريد أن تدنس ثقافتنا .. ومع الجزم بأن مثل ذلك يتطلب ولادة صعبة يتبعها قتال بين من يريد وأد الجنين، وبين من يريد تربيته وتكبيره، إلا أن مثل هذا الأمر لا يتطلب إلا تجريبا واختبارا، ومن ثم نجاحا أو فشلا.
إذا كنّا قد أمعنا في استقدام الأعمال التلفزيونية من كل حدب وصوب ، حتى المكسيكية منها تلك التي لا تعرف لها بداية ولا تنتظر لها نهاية، وبما أخل بكثير من الموازين الثقافية لدينا ، فجدير أن تكون السينما موصلاً أفضل من خلال الاطلاع على كل ما هو جديد لدى الآخرين ، وبما يجعلنا نطلع على الوثائق المرئية لعصرنا الذي نعيشه وفق نظرة شمولية أكبر بكثير مما يقدمه التلفزيون، هذا إذا ما عرفنا أن السينما هي الفن الشامل الذي يستفيد من كل الفنون التي اختبرتها وعرفتها البشرية . المطلوب أن تكون مقاييسنا أكثر مصداقية وأكثر دقة بما نحتاج إليه وما لا نحتاج إليه ، ناهيك عن أن الحاجة الأكبر أن تكون هناك ندوات ونقاشات ظاهرة وعلنية ، لأجل المجتمع .. أشير إلى ذلك وأنا أجزم أن الأمر سيكون صعبا، والاستمرار أكثر صعوبة.. لكن تجاربنا مع الممنوعات السابقة التي مافتئنا نكتشف أن فيها من الخير الشيء الكثير متى ما استخدمت الاستخدام الأمثل كما هو المذياع والتلفزيون ، تؤكد أن الخيارات قائمة ومن الممكن مجاراتها.