بقي من الزمن .. 58 يوماً!
وفقاً لتقويم "أم القرى" بقي 58 يوماً فقط من مدة التشكيل الوزاري الحالي. إذ تنص المادة التاسعة من نظام مجلس الوزراء الصادر في 3/3/1414هـ على أن "مدة مجلس الوزراء لا تزيد على أربع سنوات يتم خلالها إعادة تشكيله بأمر ملكي"، كم يشمل التغيير المرتقب، إلى جانب أعضاء المجلس، عدداً من المسؤولين الآخرين من شاغلي مرتبة وزير والمرتبة الممتازة الذين يكملون بحلول ذلك التاريخ أربع سنوات في مناصبهم. إن مثل ذلك التغيير الدوري والمُعد له سلفاً يعد سُنة محمودة في الإدارة يحسن أن يتذكرها كل من سيغادر منصبه في هذه الجولة بعد أن أمضى سنوات في خدمة دينه ثم وطنه ومليكه، و "لو دامت لغيرك لما وصلت لك".
بالطبع هناك مجموعة لا بأس بها من المواطنين والمراقبين تتطلع، بدوافع مختلفة، إلى يوم الخميس الموافق للثالث من شهر ربيع الأول المقبل لما يُنتظر من صدور أوامر ملكية بالتشكيل والتعيينات الجديدة، وبكل تأكيد لن يطول انتظار أولئك بإذن الله، فكل آت قريب. من بين تلك المجموعة المتطلعة، وكالعادة، بدأت تطفو على السطح تكهنات وأسماء يتم تداولها في السوق والمنتديات على غرار توصيات أسهم المضاربة التي تورط فيها الكثير من السذج والطامعين.
وإذا طرحنا جانباً تلك الشائعات وما يُغذيها من أدوات تلميع وحضور مكثف في الساحات الإعلامية والاجتماعية، فإن التغيير المرتقب يُعد حدثاً مهماً يستحق أن تتطلع إليه جميع شرائح المجتمع. إذ أن التأثير على حياة الناس ومعيشتهم بات مرتبطاً بشكل غير مسبوق بالأسلوب الذي يختاره كل مسؤول في إدارة القطاع المسند إليه انطلاقاً من تجربته الشخصية أو فهمه روح وجوهر مسؤوليته نحو المجتمع، سواء كان ذلك في مجال القوى العاملة، التعليم، التجارة، الزراعة، المال، أو غيرها. ليس ذلك فحسب، بل إن الترابط القوي الذي بدأ يترسخ بين مفاصل الاقتصاد الوطني بوتيرة سريعة في الآونة الأخيرة يجعل من الصعب لأي من تلك المفاصل الحركة إلى الأمام في غياب الآخرين.
كما أن المبادرات العملاقة لخادم الحرمين الشريفين الملك عبد الله بن عبد العزيز في شتى ميادين الحياة كالتعليم، الصحة، توسعة دائرة التنمية لتشمل كل بقاع المملكة، محاربة الفقر، توفير فرص عمل للشباب، رفع مستوى الأداء للاقتصاد في مجمله، وغيرها من المبادرات رفعت سقف التوقعات لدى المواطنين ما يشكل تحديات جبارة لأولئك الذين ستُسند إليهم تلك الملفات. إذ على سبيل المثال سيكون من الصعب توفير فرص عمل جديدة للمواطنين برواتب جيدة ترتقي بمستوى معيشتهم إن لم تكن هناك استثمارات كبيرة لبناء مشاريع منتجة وتقديم خدمات منافسة ما يتطلب وجود بنية تحتية فاعلة وبيئة صالحة لاحتضان مثل تلك الاستثمارات.
وليت التحدي أمام الفريق القادم يقتصر على ضخامة حجم العمل المطلوب إنجازه في وقت قصير فحسب، بل إن المرحلة التي نمر بها أصبحت فيها أسواقنا متشابكة بشكل معقد مع ما يجري بعيداً عن حدودنا، كما أضحت الساحة مليئة بخيارات متصادمة ومسارات مبهمة لا يُؤمن مستقبل سالكيها ما يستدعي التعامل مع حسابات مُرّكبة تفوق القدرات المتواضعة لأساليب الإدارة التقليدية. غير أنه في المقابل، فإن اختيار فريق عمل على درجة عالية من المهارة لإدارة تلك الملفات أمر ليس بالسهل إطلاقاً، إذ يتطلب ذلك أفراداً في مواصفاتهم الشخصية وخبراتهم العملية رصيد كاف يمكن الاعتماد عليه لإدارة التغيير المطلوب ضمن معطيات قد لا تكون متناغمة، إضافة إلى القدرة على تحديد الأولويات وبلورة الأفكار في رؤية لا تجهض رؤى أعضاء الفريق الآخرين!
إن المرحلة المقبلة ليست في حاجة إلى مُنّظرين أو بيروقراطيين، كما أن على الحالمين بحقيبة أو كرسي إدراك حجم المسؤولية التي تأتي مع تلك الحقيبة أو ذلك الكرسي، إذ لا ينبغي للوظيفة العامة أن تكون مغنماً بل مغرماً وتضحية وعطاء.