العيد والمسلمون

[email protected]

اليوم السبت، العاشر من ذي الحجة 1427هـ، الموافق 30 من كانون الأول (ديسمبر) 2006، يحتفل المسلمون في مشارق الأرض ومغاربها بعيد الأضحى المبارك، بينما يعود أكثر من مليوني حاج من ضيوف الرحمن إلى منى لرمي الجمار وذلك بعد أن وقفوا يوم أمس الجمعة على صعيد عرفات الطاهر مهللين مكبرين، شاكرين الله العزيز الحميد الذي أكرمهم بأداء فريضة الحج، طالبين رحمته، مؤملين غفرانه.
وسيقضي حجاج بيت الله الحرام بقية أيامهم في المشاعر المقدسة في الذكر والدعاء وتلاوة القرآن وهم يستكملون مناسكهم من رمي للجمرات، وطواف الإفاضة، والحلق، والنحر، وغيره. إنها لحظة من لحظات العمر الخالدة أن يجتمع كل هذا العدد الهائل من حجاج بيت الله الحرام على صعيد واحد بألسنة مختلفة وسحنات مختلفة، لكن بقلوب موحدة وعامرة بالإيمان والتقوى.
وكل هؤلاء الحجاج أبيضهم وأسودهم وكبيرهم وصغيرهم، غنيهم وفقيرهم، نساؤهم ورجالهم، يرفعون الأكف بالدعاء تضرعاً لله سبحانه وتعالى أن يتقبل حجهم ويشملهم برحمته ومغفرته.
وبينما الحجاج يجتمعون اليوم في منى بعد قضاء الليل في مزدلفة، وبينما هم ينعمون بالأمن والاطمئنان، هناك ملايين المسلمين في أنحاء متفرقة من العالم قضوا تلك الليلة في رعب وخوف في انتظار المزيد من الأحزان والآلام.
وليست الحروب وويلاتها هي وحدها التي تشكل حزن العالم الإسلامي، لكن هناك الفقر والجهل والمرض والاضطهاد والظلم والتعسف، وكلها ابتلاءات نسأل الله عز وجل في هذه الأيام المباركة أن يزيحها عنهم.
لقد تطور العالم خلال الأعوام الأخيرة بصورة لم يسبق لها مثيل في تاريخه، ومع هذا التطور الهائل في مجال الاتصال والمواصلات، فإن وسائل الحروب أيضاً تطورت وزادت وحشية الإنسان واستمر تدفق حمامات الدم.
إن قوى الشر تقود الإنسان إلى هاوية مظلمة، ونحن لا ندري ماذا نفعل سوى التضرع إلى الله السميع المجيب في هذه الأيام المباركة، أن يهدي هذا الإنسان سواء السبيل وأن تنعم الإنسانية جمعاء براحة البال والاطمئنان وهدوء النفس.
ففي فلسطين المحتلة، يتطلع الرجال والنساء، الذين لم يعرفوا طعم العيد لسنوات طوال، بصبر وبطولة رائعة وجهاد مقدس إلى اليوم الذي تنتهي فيه محنتهم وتعود لهم ديارهم وعزتهم وكرامتهم. لقد مرت أعوام كثيرة على الشعب الفلسطيني لم يشعروا فيها بطعم العيد، ولا فرحة التهاني، ولا عناق الأهل لكنهم لم ييأسوا، ولم يستسلموا، وسيظلو يقاومون إلى أن تعود إليهم حقوقهم الشرعية المسلوبة.
وفي العراق، وأفغانستان، والشيشان، وكشمير، والفلبين وغيرها تسيل الدماء الإسلامية الطاهرة دون أن يعرف أحد متى ستتوقف ومتى سيندمل الجرح بينما المؤسسات الإسلامية، والأفراد المسلمون في العالم الغربي يتعرضون للاضطهاد، والمطاردة، والمصادرة ونحن في غفلة من هذا.
ونحن في هذا الأيام المباركة، نرفع الأكف بالدعاء لله العلي القدير أن يزيح عن كاهل الأمة ويلات هذه الأيام السوداء الكالحة حتى تعود خير أمة أخرجت للناس.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي