(كفــا نِعـْمته بـِيـــده)

[email protected]

يتخلل حديث "البشك" كثير من "التخريمات" الدولارية من منظور انخفاض قيمة وساطة الدولار الأمريكي، مقارنة بعملات التعامل التجاري الدولية الرئيسية للدول الصناعية الغربية دون وعي كاف إنَّ غالب فكرهم مسلـَّط على البنكنوت الأخضر، ونقاشهم ينصب بوضوح فكري عن الدولار الأمريكي عملة التداول في البيع والشراء داخل أمريكا والمناطق الدولارية مثل بنما. شغلهم الشاغل وحديثهم المتشعـِّب يتطرق لدور وساطة الدولار الأمريكي المتداعي بين الريال السعودي وعملات التعامل الرئيسية الغربية لتحقيق سهولة البيع والشراء للبضائع والسلع والخدمات في اقتصاديات دول تتمتع بحرية التعامل التجاري. ازدهار اقتصادها يعكس الحالة التي عليها ميزان المدفوعات، متأثراً بتباين كميات صادراتها ووارداتها، وتقيمها. إجمالي كلفة أقيامها التجارية متباينة للكميات المعنية، وفقاً للعملة الوسيطة المختار حزمها مع العملة المحلية: تباعاً لربط "كاثوليكي" أو تحرر طبيعي، أو بقدر أنماط تدوير الاقتصاد أو ضمن سلة للعملات وفق نسب تعكس أفضل النتائج لاقتصاد صادراته بعملة دولارية وأغلب وارداته بعملات متعددة. توقيت القرار لربط العملة المحلية، له تأثير على نتائج "الربط" و"التسبيت" المتأثر بالمتغيرات التي تدور حوله. المراجعة المستمرة ضرورية للتحقق من استمرار توافر أحسن النتائج النقدية من الآلية المتبعة والقيمة المرسومة مع الأهداف الاقتصادية الوطنية والمحددات السياسية. النقاش لترشيد العلاقة الدولارية مع الريال، بعيداً عن النظرة الاقتصادية التطبيقية، لظروف الاقتصاد الوطني ومجريات الأمور العالمية من جهة والقرار السياسي من جهة أخرى، ضروب من الاجتهادات لتنوير فكر "الأمسيات البشكية" الضائع من منظور الدفاع عن مصالح عديد الشرائح المترفة ثقافياً والمزدهرة معرفياً من داخل الاقتصاد الوطني. عطاء الشرائح "البشكية" المحلية، المتنوِّرة عالمياً ودفاعاتها لماديات شخصيات متعددة: مثرية للوطن ومريحة للتعامل. دورها ينبثق من التوجه العام المقدر له أن يدعم منافع المصلحة الاقتصادية الوطنية. تطلعاتها أنَّ إجمالي حاصل فوائد مصالح الشرائح المختلفة والقطاعات، تعطي للاقتصاد الوطني منافع اقتصادية أكثر من العائد القومي من الترتيب الرسمي المحصور في نطاق ضيق محدَّد، وعلاقة ثابتة للعملة المحلية المربوطة بعمله عالمية رئيسية معدلات تقيمها لباقي العملات في انحسار مستمر، ومدعاة لاستمرار تبخر أقيام أرصدة المدخرات الدولارات الأمريكية.
المصادر الخارجية الاقتصادية الموثوقة، تذكر أنَّ واردات دول مجلس التعاون من أمريكا 10 في المائة مقارنة بالثلث لكل من أوروبا وآسيا، "مما يجعل منظور متوسط المعدل التجاري لربط عملتها بالدولار الأمريكي غير منطقي". كثرة "اللت والعجن" عن الربط.
"بدون سميعة"، وعدم الاعتبار لمستقبل مظلم آت مضيعة للوقت. النظرة المدبرة للمستقبل أفضل، ضمن التوقعات المنتظرة من فكر فلسفي نقدي حول "جريه لورى يا جدعان" لقيمة الدولار الأمريكي مقابل أهم عملات الدول الصناعية. واقع الحياة في سوق التبادلات النقدية العالمية لسعر الدولار الأمريكي، يؤكد أنَّ دوام الحال لحفظ قيمته من المحال دون التزام السياسات الأمريكية النقدية والمالية بأبجديات الوفاء النقدي. أحسن الفرضيات للتجارة العالمية، أنَّ الدولار الأمريكي الوسيط مقبول في التعاملات وفقاً للتسعير الحر، وتستمر قيمته النقدية المتحركة معلنة مقابل عملات الدول الصناعية. استمرار ربط العملة المحلية على "الثابت" سعراً عداً ونقداً، أمام "الهرولة" الدائمة للدولار الأمريكي، يعني إنقاص الكيل ليأخذ السعر الثابت للدولار الأمريكي الوسيط المعطوب قيمة أكثر "الأريل" ودفع أسعار "ريالية" مرتفعة لعملات الاقتصاديات الصناعية القوية. تثبيت قيمة نقدية محلية لعملة "مهرولة"، أمام السياسة النقدية المتبعة عالميا لمكونات عُمل نقدية متغيرة، أضراره على الاقتصاد الوطني واضحة، لأبرز النشاطات القوية المحلية. ربما "الثبات" في مواجهة المتغيرات يوفر منافع فرضية محددة مثل: اتفاقيات مجلس التعاون الخليجي أو سهولة تنظيم العملة الخليجية الموحدة المرتقبة أو مساعدة صادرات القطاع الخاص الصناعية أو الأرصدة الدولارية الحكومية والأهلية الخاصة.. إلخ.
احتياطيات الدول الخليجية الدولارية ارتفعت من 30 مليار دولار أمريكي عام 2002 إلى 280 مليار دولار أمريكي عام 2006، وفاقت بكثير احتياطيات الصين المقدرة دون 200 مليار دولار أمريكي. الولايات المتحدة الأمريكية ترمي هموم مشاكلها الاقتصادية: من عجز الموازنة إلى تصاعد الدين العام ومزاحمة تجارية غير عادلة، على الصين لوضوح صورة الفوائض لديها، أكثر مما هي عليه فوائض منطقة مجلس التعاون الخليجي. تراكم الفوائض وارتفاعاتها على مرور السنين، يزيد ويكثر من تكرار المخاطر. الولايات المتحدة رائدة الفكر التنافسي وزعيمة الحرية التجارية والعدالة في تقاسم الحقوق والواجبات، لا تواجه حقيقة الوضع التزاحمي الأمريكي التنافسي أمام الصين وغيرها من دول الصناعة. لا غرابة أنها توجه "طيران عبد القادر" على الصين التي فوائضها الدولارية تقل كثيراً عن احتياطي دول مجلس التعاون الخليجي ونصف الفوائض الدولارية للدول المصدرة للنفط. الواضح أنَّ الولايات المتحدة، لا تعتزم أن تصلح أوضاعها التجارية الدولية بالطرق والأساليب التقليدية المنضبطة بالأفكار والنظريات الاقتصادية. حان الوقت أن يتحرَّر المنظرين الاقتصاديين "النقديين" الخليجيين، من "عقد" الفكر الاقتصادي الأمريكي في تغير المفاهيم وفقاً للمحددات المقدمة والفرضيات الموضوعة. ازدهار الاقتصاد الوطني السعودي، مرتبط بتغيرات الاقتصاد العالمي خلال ربع القرن المقبل من منظور قيمة الدولار الأمريكي التعاملية مع العملات الصناعية الرئيسية ودوره الوسيط المتفرِّد في التجارة العالمية. الاحتكار الدولاري لتمويل التجارة الدولية قد تخطفه العملة الصينية بنهاية الربع الأول من القرن الحالي.
أصحاب الخبرة الخليجية في التعاملات النقدية كثرة، ارتياحهم للربط الدولاري تقليدي في عالم متغيراته لا تدعم حكمة بقائه. المصلحة ليست في استمرار "نمطية" مفاضلة كميات كبيرة دولارية أمريكية للخزانة متناقصة القيمة، وإنفاق هائل في شراء سلع وبضائع وتعاملات مالية وتشيدية بعملات عالمية أثمانها مرتفعة وقيمتها متزايدة. كثرة الثرثرة حول عملات تجارة الصادرات والواردات وتغيير ثبات ارتباط العملة المحلية فكر تقدمي لا "يسمن ولا يغني من جوع". الأرجح لمساندة القرار الصائب، مقارنة حسابية للربح والخسائر للخيارات المتوافرة، على ضوء واقع التوقعات المرتقبة من استمرار انخفاض الدولار وهرولته، وتدهور الوضع الاقتصادي العالمي الأمريكي، واحتمال ظهور ضغوط أمريكية على دول مجلس التعاون الخليجي "لشلفطة" مصالحهم فرادى بعد انتهاء عراكهم مع الصين.
نظرة العالم الغربي الصناعي لفوائض مجلس التعاون الخليجي، يتماثل مع نظرة الخليجيين لتحويلات فوائض دخول العمالة الأجنبية. المستفيد بالخدمة يتناسى أنها "تحويشة" العمر للطرف الآخر مقابل "فناء" ثروة مجهود ضائع، ودخل يرجى منه منفعة لمواجهة حاجة ناقصة لبلده وأهله. المجتمع الدولي قد تصيبه فوائد جانبية. إصلاح الأحوال للطرف الآخر، قد يترتب عليه نقص العائد وضرر الحصيلة لمخزون الفوائض لما "للمناطق" المقلوبة من سعادة أو إنقاص قيمته. منطقة مجلس التعاون في ربع قرن مضى، ازدهرت وتقدمت استهلاكيا ونمت عقارياً وتطورت حضارياً وارتقت غربياً. المستويات المحققة عظـَّمت الرغبات وأثرت القدرات الإنتاجية واستيعابها المعرفي وفرص العمل والاستثمار. نقاش الفوائض المتوافرة، من المنظور المستقبلي للوطن والمواطنين أوسع من حصرها في هموم ربط عملاتها بالدولار الأمريكي، وأعمق من إحداث سلة عملات. ربط أسعار عملات الدول الخليجية بتقلبات سعر الزيت الخام لا يؤثر في مصالحها، في المدى البعيد للارتفاعات والانخفاضات في سعر الزيت الخام. الفوائض النقدية ثروة ورقية حقيقة صيانة قيمتها، ادخارها في مقتنيات معرفية وطنية. ضياعها في إنفاقها "بهبل". تناقصها في البقاء الدولاري. اختفاؤها في إخفائها في محافظ استثمارية غربية وأمريكية بعيدة عن الأنظار محليا وعالميا.
نشاطات الاستثمار الاقتصادية الاجتماعية المدرِّة للدخل والفائدة، يحتاج إليها الاقتصاد الوطني للاعتبارات التقليدية التنموية، وحفاظ فوائض الثروة وتنميها. فكر الاستثمار التنموي الصحيح لقوة الاقتصاد الوطني وسعادة الإنسان الخيار المنطقي لتحري مهنياً بدائل أنماط الاستخدامات الموفرة "محافظ للفوائض". ربط النتائج بالاستثمارات يضمن تنمية مستدامة ومحاسبة الملتزمين بالأداء. الإجماليات لمجالات الاستثمارات ليست مجدية لإبراز الفكر وتقيمها. الإشادة المجردة للفكر عن الكم والكيف بأهمية الإنفاق على العلم والتعليم والأبحاث عمل منقوص، حتى مع تخصيص الاعتمادات. تفعيل خبرة القيام بالأداء الكامل المتكامل مهم. غيابه يترتب عليه، في أحسن الأحوال، اجتهاد من واقع المصلحة، يضيع ما يحتاجه الصالح العام، ويأخذ طابع "المحافظة على الورق بعد ضياع المستكة". الحديث عن البحث العلمي وأهميته وانتقاد جوانبه كثيرة. الكلام حوله في الصحافة والمجتمعات ربما لا يرتكز على بحث دقيق واطلاع واسع. الواقع المؤلم، أنَّ كثيرا من مراكز البحث العلمي السعودي تضم وفرة من المستلزمات البحثية العلمية الحديثة، و"لكنها" منقوصة "لزوم الشيء" للتشغيل، ويصعب الاستفادة منها. الطرق والأساليب الرسمية المتبعة في تأمين احتياجات الأعمال والنشاطات الاقتصادية الاجتماعية قديمة وعقيمة ومضيعة لهمم العلماء وضارة لمستقبل الشباب، ومؤخرة لتقدم الوطن.المركزية الحالية في الإدارة الحكومية للمشاريع والاستثمار، ليست مرفوضة، لكنها غير مقبولة. هيكلياتها ليست علمية عادلة وضعيفة المردود ولا تخدم إلا "بالاختراق".
استمرار " تركيبتها" منقوصة وأساليبها عقيمة، ومخرجاتها مفقودة تعطي نتائج معطوبة. التعامل معها محبط للهمم. تطويرها وتحديثها محبب لتحسين الكم والكيف والتساوي جغرافيا وكثافيا. حسن الإدارة للاقتصاد الوطني محور الحس النابع من صدق الإرادة في تغير المعطيات المتوافرة لرقي المستويات وتنشيط الأعمال المحددة للثراء في طريق التنمية المستدامة الداعمة للمزاحمة النسبية في المعرفة والثقافة والزراعة والصناعة.. الخ. مجالات وفرص الاستفادة من الفوائض المالية كبيرة في النهوض بالنسبة التزاحمية لشباب وشابات الوطن في علوم العصر والفكر الاقتصادي الجديد. حسن إدارتها الملتزم يتطلب عقولاً مُبدعة وخبرة واسعة وأخلاقاً عالية، ليعطي إضافة لرأس المال الوطني والعائد. التوجه الفكري العملي وتحمل المسؤولية بالثواب والعقاب، قيم، كثيرون منا يتهربون من إيضاحها والعمل بموجبها. الانضباط في العطاء والتحصيل والتباري مع مخلوقات الله حتمي. جمهورية أيرلندا وخلافها استطاعت، أن تتحوَّل من اقتصاد زراعي فقير إلى اقتصاد معلوماتي غني ثري. كيف نحن لا نقدر "أن نكون خير أمة"، ولدينا الدخول والفوائض والعلم والثقافة وحرية العمل. المزاحمة التنافسية تتطلب ابتعاد نظرتنا الإنتاجية للكلفة العالية وهامش الربح المرتفع والأراضي مرتفعة الثمن والتشيدات المعطوبة، والتنفيذ من الباطن. تعاملاتنا إدارياً تقليد لما يريح وليس لما هو أكثر نفعاً وإنتاجاً. واجبنا تحسين خلقيات العمل وأخلاقه واستثمار الفوائض في مجالات تعطي الثروة الحقيقية. واضح أنَّ رفض الخروج من ربط الريال بالدولار "الظاهر لنا"، باطن الفكرة "موضع نظر"، بقاء فوائض الثروة الوطنية مربوطة مع الدولار، في المدى البعيد فانية، العملات الصناعية الغربية معيار متأرجح ومحفظة أمان قصيرة النفس، مخاطر بعثرة الفوائض بعد بقائها مخزونة وارد، مقايضة الفوائض الدولارية في الأعمال الاقتصادية المنتجة ضمن برامج تنموية، عمل وطني نافع، يحافظ على المكاسب الحقيقية وتبتعد عن تبخير الأموال وتكاثرها للخاصة. المحاكاة المتقاربة مع أمم تتسابق في تنمية اقتصادية اجتماعية مستدامة مثل إيرلندا، ماليزيا، والسويد.. إلخ، نفعه كبير في طريق تشغيل توظيف الفوائض وبناء الوطن والمواطن.
الأموال متوافرة والموازنة سخية، الطرق والوسائل الإدارية ما زالت عتيقة، وأساليب الإنجاز الخدمية على مستوى المواطن في التعليم والصحة والزراعة.. إلخ متعطلة وفوائدها مبعثرة. النتائج غير مرضية. توافر المرونة مطلب من بعض الرسميين، لزيادة الإنتاجية وتحقيق الإبداع إضافة لتقليل مصاعب كثيرة. الحاجة ملحة لنعاهد الله على الإيجابية في القبول والبعد عن تعطيل الإنجاز لكل استثمار منتج يوظف الفوائض، ويقلل تبخير محتوياتها. والله أعلم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي