أين المهندسون؟

[email protected]

يعقد هذا الأسبوع الملتقى الهندسي الخليجي العاشر، برعاية من صاحب السمو الملكي ولي العهد ـ حفظه الله. إن انعقاد هذا الملتقى بحد ذاته يعتبر إنجازاً كبيراً, لأن التقاء المهندسين الخليجيين - والمهندسين العاملين معهم في دول المجلس ـ ببعضهم والتناقش في أمور المهنة وتبادل التجارب هو من أهم الأهداف للهيئات الهندسية في دول الخليج. إن زعم البعض أن هذه الملتقيات والمؤتمرات يجب أن تخرج بنتائج وتوصيات مهمة لكي تبرر انعقادها, هو رأي ينقصه الكثير من الفهم لأهداف هذه المؤتمرات, فالمؤتمرات العلمية والملتقيات المهنية هي فرصة عظيمة لأصحاب المهنة للالتقاء ببعضهم والتشاور في أمور المهنة وتبادل التجارب والاطلاع على مستجدات الأمور. إن انعقاد مثل هذا المؤتمر هو إنجاز للهيئة السعودية للمهندسين والملتقى الهندسي الخليجي بغض النظر عما سيصدر عن هذا الملتقى من توصيات أو ما سيطرح فيه من آراء. إن من واجب الهيئات المهنية أن تسعى إلى عقد الكثير من الملتقيات العامة والخاصة وأن يتم انعقادها بصفة دورية وبأوقات محددة مسبقاً بوقت كاف يسمح لأكبر عدد من المشاركين أن يستفيدوا من الحضور وإفادة الغير من خلال طرح الأبحاث والدراسات وورش العمل. إن المواضيع الهندسية التي تشغل المهندسين- ومن يعمل معهم أو يستفيد من خدماتهم - كثيرة, ولذا فإن الحاجة لعقد مؤتمرات هندسية متخصصة, ماسة جداً, كما أن انعقاد مثل هذه المؤتمرات يجب أن يكون فرصه سانحة لأساتذة الجامعة ومعلمي المدارس الثانوية لتشجيع طلبتهم على الحضور والتعرف على مهنة الهندسة عن قرب من خلال حضور الجلسات والاختلاط بالمهندسين والمهتمين بهذه المهنة عسى أن يكون ذلك سبباً في ترغيبهم بهذه المهنة والانخراط فيها. لقد بات من المعروف لدى الجميع أن دول الخليج - بلا استثناء - تعاني من نقص حاد في المهندسين وأن الفجوة بين العدد المتاح من المهندسين المواطنين والعدد المطلوب لتحقيق التنمية, يتزايد يوماً بعد يوم. لقد أثر هذا النقص في عجلة التنمية وجعل بلداننا تعتمد على مهندسين من دول أخرى يأتون بصفة مؤقتة لمشاريع محددة, مما نتج عنه غياب ملحوظ للمؤسسات الهندسية وقلة المكاتب الهندسية الاستشارية المتخصصة, أما في القطاع العام فقد أدى ذلك إلى تعميم مهنة الهندسة، بحيث لا يوجد الكثير من التخصصات الدقيقة التي يحتاج إليها البلد, فعلى سبيل المثال لا يوجد في المملكة العربية السعودية مهندسون متخصصون في هندسة المرور يعملون في هذا المجال إلا قلة لا يتجاوز عددهم أصابع اليد الواحدة, فلك أن تستغرب كيف ستتم معالجة المشاكل المرورية الحالية والمستقبلية في ظل هذا العجز الفادح من المهندسين. إن أمانه هيئة المهندسين السعوديين ـ بالإمكانات المتاحة لها - تحاول بجد أن تعالج هذه المشكلة الكبيرة والتحدي العظيم الذي تواجهه المملكة ودول الخليج ولكن عدم استجابة الجهات الحكومية للكثير من النداءات بشأن تشجيع أكبر عدد ممكن من الطلبة في التوجه إلى التخصصات الهندسية, قد يكون العائق الأكبر أمام طموحات الهيئة وبدون تكاتف وزارة المالية ووزارة التعليم وديوان الخدمة المدنية مع الهيئة في معالجة هذا الوضع, فإن محاولات الهيئة مهما كثرت لن يكتب لها النجاح.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي