التأمين لم يعد خياراً

Bader1001@yahoo

دخلت المملكة عصراً جديداً في نظام الخدمات الصحية ببدء تطبيق نظام الضمان الصحي الذي يلزم أصحاب المنشآت التجارية بالتأمين الطبي على موظفيهم لدى إحدى شركات التأمين المحلية. إن تطبيق هذا النظام يعتبر نقلة نوعية في تقنين العلاقات بين العاملين وأصحاب العمل وسوف يكون له ردود إيجابية كثيرة على البلد بشكل عام. إن تحميل أصحاب العمل تكاليف علاج موظفيهم سوف يساعد بشكل غير مباشر على تخفيض العمالة في القطاع الخاص، الذي بدوره سيسعى جاهداً إلى التخلص من العمالة الزائدة لكي يخفض تكاليف التأمين الطبي على ميزانيته, كما أن ذلك سيخفف من الضغط على المستشفيات الحكومية ويجعلها في وضع أفضل لتقديم خدماتها للمواطنين الذين لا يعملون في القطاع الخاص. إضافة إلى ذلك فإن بإمكان هذا النظام أن يساعد في الرفع من مستوى الخدمات الصحية التي يقدمها القطاع الخاص وذلك من خلال الزيادة المتوقعة في حجم السوق، التي بدورها ستشجع الكثير من الشركات المتخصصة على الدخول في هذا المجال والاستثمار في مشاريع صحية كبيرة، إضافة إلى الزيادة المتوقعة في حدة المنافسة بين المستشفيات التي ستنعكس إيجابياً على مستوى الرعاية الصحية. إن المأمول أن يساعد هذا النظام على تعزيز قطاع التأمين والتأسيس لقاعدة صلبة يبنى عليها العديد من أنظمة التأمين الأخرى التي لا تقل أهمية عن التأمين الصحي، مثل التأمين ضد الأخطار وتأمين المباني والتأمين ضد الغير والتأمين ضد الأخطاء المهنية وخلافه. إن إقرار مبدأ التأمين على هذا النحو وبهذا الحجم يجب أن يكون دافعا قوياً للجهات الحكومية الأخرى المسؤولة عن تقديم الخدمات وتقنينها لكي تسعى إلى استصدار أنظمة تأمين تحافظ على مكتسبات البلد وترفع من مستوى الأمان والسلامة وتطور الأنظمة والقوانين التي تحفظ الحقوق وتحمي المصالح. إن التطور العمراني والسكاني الذي تشهده المملكة الآن يحتم علينا التحرك بسرعة إلى تنظيم تقديم الخدمات العامة وتحديد المسؤوليات وحماية أرواح المواطنين وممتلكاتهم من خلال سن الأنظمة والقوانين التي تُلزم من يقوم بتقديم خدمه عامة بوجوب إثبات مقدرته على تحمل نتائج الأخطاء التي قد تصدر منه ضد الآخرين. إن تطور الأسواق التجارية يعتبر مثالاً حياً على ضرورة وجود التأمين ضد المخاطر, فدعوة الناس للتسوق داخل مكان مغلق يغص بآلاف الناس يجب ألا يُسمح به دون التأكد من أن صاحب هذه السوق قادر على تعويض المتسوقين أو العاملين في حال نشوب حريق مثلاً أو تعطل مصعد أو خلاف ذلك ونتج عنه أضرار على الآخرين, ومثل هذه القدرة يمكن إيجادها من خلال ربط تصاريح التشغيل لهذه المنشآت بشهادات التأمين. إن هذا المثال هو واحد من العديد من الأمثلة التي يمكن طرحها لبيان ضرورة التوجه لإيجاد قاعدة صلبة من الأنظمة والقوانين التي تنظم قطاع التأمين وتؤسس له.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي