وزارة العمل والعمل ليل نهار
في بلد ينمو بسرعة مثل بلدنا, نجد أن الحاجة إلى اليد العاملة في الوظائف البدنية مثل الإنشاءات تفوق بكثير العدد المطلوب للدول التي استقر نموها وتنظمت شركاتها وتطور سوقها. إن القرار الأخير لمجلس الوزراء الموقر بشأن تسهيل شروط الاستقدام لشركات المقاولات ينم عن إدراك واسع لما لهذا القطاع من أهمية وتأثير مباشر وكبير على نمو البلد ورفاهية المواطن. إن وزارة العمل بحكم انشغالها بالحد من استقدام العمالة الأجنبية عن تطوير اليد العاملة, قد تسببت بطريق غير مباشر في الحد من إيجاد فرص عمل جديدة في القطاع الخاص للمواطنين بسبب عدم قدرة الشركات على توسيع نطاق نشاطاتها بعد التضييق عليها في استقدام العمالة الضرورية. إن الوضع الاقتصادي الجيد ولله الحمد, والنمو السكاني الذي تعيشه بلادنا يحتمان إيجاد آلية جديدة لتنظيم الاستقدام تختلف كليا عما هو معمول به الآن. إن لكل مرحلة من مراحل النمو ظروفها واحتياجاتها الخاصة، ولذا فإنه لا يمكن الاستمرار في تطبيق نظام صُّمم لفترة معينة ولظروف معينة, بعد أن تغيرت تلك الظروف واستجدت أحداث لم تكن في الحسبان عند وضع ذلك النظام. إن قرار مجلس الوزراء بشأن قطاع الإنشاءات يجب أن يكون أساسا لتوجه جديد في وزارة العمل وأن تقوم بتنفيذه بناء على فهم عميق لروح القرار الذي يشير إلى وجوب متابعة الظروف الخاصة التي تمر بها البلاد بكل دقة وإيجاد الأنظمة والتعليمات التي من شأنها تهيئه المناخ المناسب للاستفادة من الطفرة الاقتصادية في الإسراع في دفع عجلة التنمية. إن قطاع المقاولات هو من القطاعات التي تمر بمراحل نمو متفاوتة حسب اقتصاد البلد وحاجته إلى مشاريع البناء, ولذا فإن عدم إدراك مثل هذه الحقيقة والتعامل معها بمرونة سيكون السبب الرئيس في ضياع العديد من فرص التنمية على البلاد. إن من المعروف أن شركات المقاولات في الدول الأخرى وحتى في دول الخليج المجاورة تعمل ليل نهار على إنجاز مشاريع بناء ضخمة سواء كان ذلك للقطاع الخاص أو العام بمختلف أنواعها من مبان وبنى تحتية. إن المرونة التي أبدتها الدول المجاورة في التعامل مع شركات المقاولات مكّنت هذه الشركات من العمل بثلاث فرق تتناوب على مدار الساعة لإنجاز الأعمال التي يفترض أن يستغرق إنجازها ثلاث سنوات في سنة واحدة. إن من الضروري أن تسعى وزارة العمل إلى تشجيع شركات المقاولات على زيادة حجم عمالتها بدلاً من التضييق عليها والسماح لها فقط بما لا يكفي ولو حتى لفترة عمل واحدة. إن مثل هذا التوجه - إن وجد - سوف يوفر على البلد سنين عديدة من الانتظار لحين إنجاز تلك المشاريع وسيوفر بالتالي مبالغ طائلة على الاقتصاد الوطني بسبب تخفيض التكاليف والإسراع في جني ثمار ما تم استثماره.