الجمعيات الخيرية والمنح الدراسية

<p><a href="mailto:[email protected]">alialanazi@yahoo.com</a></p>

تفيض في بلاد الخير والأخيار صدقات تقدر بالمليارات سنويا، ويتم التبرع بنسبة كبيرة لجمعيات خيرية تتولى مسؤولية توزيعها على مستحقيها.
ومن خلال متابعتي واهتمامي بموضوع مكافحة الفقر على مدى السنوات الماضية، وبالرغم من جمال وروعة صور التكافل الاجتماعي التي تمثلها الجمعيات الخيرية، إلا أنني أجد أن هناك بعض الطرق والوسائل التي من الممكن أن تعطي نتائج أفضل وتحفظ ماء الوجه للمحتاج، إضافة إلى علاج المشكلة من جذورها والقضاء على العوز والفاقة جذريا.
جل ما أخشاه هو أننا بنوايانا الطيبة وعملنا الخيري نفقد الشخص أهم ما يميز الإنسان ويحفظ كرامته وذلك بتعويدهم على ذل السؤال وسكب ماء الوجه بانتظار صدقات المحسنين.
العمل الخيري غاية في الأهمية، لكنه سلاح ذو حدود متعددة، فقد تتعود الأسرة على استقبال الصدقات ويصبح الأمر بالنسبة لهم "حق مكتسب" دون القيام بأي جهد لكسب لقمة العيش والبحث عن المبررات الواهية لإقناع أنفسهم بأن "الأمر طبيعي" وليس مخجلا، إلى أن يصلوا مرحلة فقدان ماء الوجه التي تميز الإنسان وتحفظ له كرامته.
لقد وصل الحال بالبعض إلى "مرحلة التعود" وأصبحوا من فئة "زنود التيوس"، التي سبق الكتابة عنها قبل عدة سنوات، عند استقبال الصدقات دون أدنى إحساس بالخجل والعيب، رغم أنهم من الفئة التي "يلعب التيس على زندها" كما نتتداول عند وصفنا لمن يتمتع بصحة جيدة وجسد قوي.
لا يوجد شرع أو عرف، في المجتمعات والثقافات كافة، إلا وينبذ ذل السؤال ويقلل من قدر مد اليد للغير وانتظار حسناتهم.
إن إطعام الصغار وكسوتهم من صدقات المحسنين أمر يومي وفي غاية الأهمية، ولكن الخشية أن يتعود الصغار على استقبال الصدقات بوجه يفتقد الخجل والحياء عندما يكبروا، كما حدث لفئة "زنود التيوس" وهم ليسوا بالقلة.
لذلك فان إعادة ترتيب أوراقنا وتوزيع صدقاتنا بطريقة "كسب - كسب" للفرد والمجتمع أمر في غاية الأهمية في هذا الوقت لبناء جيل يزهو بعزة النفس ونحفظ للمعوز والمحتاج كرامته وماء وجهه، كما يسهم في حل المشكلة من جذورها والقضاء على الفقر والحاجة في وقت قياسي.
إن من أهم العوامل التي تسهم في ذلك هو أن تكون هذه الأموال تحت إشراف جهة محددة من الأعيان وأهل الخير، أو أي شكل آخر، وبمشاركة جهات الاختصاص الحكومية وإشرافها، كي تتوحد الجهود ويتم التقليل من بعثرة الصدقات وتوزيعها عشوائيا لتزداد هذه الجهة قوة وتكون ذا إنتاجية عالية.
تتولى هذه الجهة تقديم الصدقات على شكل منح دراسية لأبناء وبنات هذه الأسر الدارسين ومتابعة تحصيلهم العلمي، تزيد أو تنقص منحهم الدراسية بارتفاع أو نقصان معدلهم الدراسي تباعا.
كما تستثمر أموال الصدقات في مشاريع تجارية توفر عملا للقادرين من أفراد هذه الأسر أو تسهم في إيجاد العمل المناسب لهم، إضافة إلى استمرار تقديم المساعدة للأسر المحتاجة بشكل مستمر حسب ظروف كل أسرة وفرد.
إنني أجد أن برنامج المنح الدراسية سيكون الأمثل والأسرع للقضاء على الفقر والمحافظة على كرامة المحتاج وأسرته لبناء الأجيال المتعلمة والمنتجة.
لقد حان وقت تقديم المنح الدراسية الخيري للمتفوقين، ومن يسعى للتفوق، من أبناء هذه الأسر ودعمهم لشق طريق مستقبلهم والنهوض بأسرهم من براثن العوز والحاجة والحفاظ على كرامتهم وعزة أنفسهم.
توجد برامج المنح الدراسية التي يتطوع بتقديمها أهل الخير والمقتدرين في جميع دول العالم وتقوم بدور فاعل في الإسهام في مساعدة الطلبة المحتاجين على الاستمرار في تحصيلهم العلمي من المراحل الابتدائية إلى الدراسات العليا، فما بالنا ونحن القدوة في التكافل الاجتماعي والتراحم لا نبادر بالتوسع في خلق هذه البرامج وتكثيفها عن طريق الجمعيات الخيرية وغيرها؟!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي