التيبس العاطفي !!

<a href="mailto:[email protected]">Mosaad@al-majalla.com</a>

معظم المنتمين لمجتمعنا من الرجال في زمننا الحالي أصبحوا من فئة "البدون عواطف"، متيبسين جامدين، يعلو محياهم الملل، عزائمهم ضعيفة وإرادتهم متدهورة .
إن سألت عن حال أحدهم وسبب حزنه.. يأتي الجواب مباشرةً "الله يرحم حاله خسران بالأسهم" وإن لم يكن كذلك فستجد إجابات أخرى تعبر عن الضنك الذي يعيشه مثل "الله يعينه عياله ساقطين في الاختبارات" أو ما قدر يكمل عمار بيته" .. أو .. أو.
هذا هو حال كثير منّا ملل وخمول وشعور بأن الحياة قد توقفت حين يتعرض لأي مشكلة، وكأن لا سبيل إلى السعادة والحبور إلا بمكتسبات وقتية .. وكأن لا.. أسرة تفيض بحنانها وحبورها علينا، وكأن لا حقن منشطة من المرح والتفاؤل قادرة على أن تعيدنا الى ما نطمح إليه.
في خضم الكدر والخسائر نعاني من طبع سيئ نكاد نكون جميعاً أبناء هذا البلد متشابهين فيه، هو أننا ننقل همومنا معنا أينما حللنا وارتحلنا، فمن يخسر ألف ريال في الأسهم تنقلب إنتاجيته في عمله إلى هواجس وألم وحسابات .. لا تنفك في بعض الأحيان إلى تصادمات مع الآخرين، ومن يعاني من أي إشكالية، لن يفكر في أن هناك أسرة سيرتمي في أحضانها كي تنزع منه الهم والكدر، بل هو على موعد مع منح هذه الأسرة نصيبها من النكد والضيق .. ومسكينة تلك التي يطلق عليها مجازاَ "أم العيال " لأنها أكثر من سيدفع الثمن في كل شاردةً وواردة ليس إلا .. لأن مجتمعنا ذكوري وعلى الرجل أن يفرغ همومه وحتى إفرازاته السلبية في تلك الناقصة ديناً وعقلاً!
ما علينا، لأن ما نرمي إليه هو أننا من فرط اندفاعنا نحو الأفضليات والمكاسب نكاد ننسى ضبط مشاعرنا تجاه كل ما يحيط بنا.. وعليه من الجدير أن نعترف بأن لدى كثير منّا تيبس عاطفي سرعان ما يظهر حين أول أزمة أو تجاه أتفه إشكالية، ومع اعترافنا بذلك .. ما الذي يضير أن تكون هناك سبل توعية اجتماعيه من خلال قنواتنا التلفزيونية أو عبر الإعلام المقروء توعّي الناس وترشدهم إلى كيفية التعامل مع الأزمات، وحسبي أن هذا جانب مهم يكاد يكون الأهم، هذا إذا ما قسنا الكم الكبير من البرامج الدينية والرياضية والاقتصادية التوعوية التي تكاد مواضيع كل منها تصب في محور واحد.. فهل عدمنا المتخصصين الاجتماعيين والنفسيين القادرين على مساعدة الناس على الخروج من أزماتهم النفسية.
المجتمعات المتقدمة في أمريكا وأوروبا نحت إلى مثل ذلك ونجحت بشكل كبير والأمثلة كثيرة ومشاهدة الآن، وهناك من القنوات العربية في لبنان، مصر، الكويت، والإمارات ما قامت بتفعيل مثل هذه البرامج التي باتت ذات صدى كبير وأفادت مجتمعاتها بشكل لافت.
ما ننشده ونتمناه أن يكون الإعلام السعودي شريكاً فاعلاً في الحياة الاجتماعية، قادراً على المساعدة في وضع الحلول.. نشير إلى ذلك وسط أن هناك محاولات ظهرت صحافياً وإذاعيا وتلفزيونياً.. ولامست نجاحاً، لكن ضيق الأفق لدى بعضنا سارع في وأدها، والسبب إما لشعورهم أننا فوق النقد، وإما لحساسيتنا الزائدة التي تفرض تلك الخصوصية الزائفة، ولا تريد أن تعترف بها أمام الآخرين، بل تريد أن تسجنها في الداخل حتى تحرق كل ما حولها!!.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي