هل تقرر "أوبك" تخفيض الإنتاج غداً؟
<a href="mailto:[email protected]">a@aalhajji.com</a>
تجتمع الدول الأعضاء في منظمة الأقطار المصدرة للنفط "أوبك" غداً لمناقشة أوضاع سوق النفط واتخاذ قرار بشأن إنتاج المنظمة. والسؤال الذي يطرح نفسه في هذا السياق هو: هل ستقرر المنظمة تخفيض الإنتاج بسبب انخفاض الطلب العالمي على النفط في الربع الثاني بنحو مليوني برميل يومياً؟ إن معطيات السوق تضع "أوبك" أمام ثلاثة خيارات: تخفيض سقف الإنتاج (الحصص الإنتاجية) ما بين نصف مليون ومليون برميل يومياً، الإبقاء على سقف الإنتاج كما هو ومطالبة الدول الأعضاء بالالتزام بالحصص الإنتاجية، أو الاستمرار على الوضع الحالي.
معطيات السوق
العوامل المرجحة لعدم تغيير الإنتاج
1- أسعار النفط حتى وقت كتابة هذا المقال ما زالت فوق 60 دولارا للبرميل في الأسواق الأوروبية والأمريكية.
2- الطلب على النفط ما زال قوياً ويتوقع أن يستمر بهذا الشكل.
3- رغم زيادة كميات المخزون التجاري إلا أن الزيادة في كمية المخزون مقارنة بالطلب (مقدرة بعدد الأيام التي يغطي فيها المخزون الاستهلاك) ما زالت منخفضة.
4- الزيادة في إنتاج دول خارج "أوبك" أقل من المتوقع، وتوقع تباطؤ نمو الإنتاج الروسي.
5- زيادة الطاقة الإنتاجية نتيجة الانتهاء من مشاريع جديدة في عدد من دول "أوبك"، خاصة في السعودية والإمارات والكويت.
6- إنتاج خليج المكسيك ما زال أقل من المتوقع وتوقع تأخير عمليات الإصلاح والصيانة.
7- تعاظم دور المشاكل السياسية في خفض إمدادات النفط بسبب تواكب القلاقل السياسية في نيجيريا وإيران وفنزويلا، إضافة إلى عمليات تفجير المنشآت النفطية والأنابيب في كل من العراق والهند وكولومبيا، ومحاولة التفجير الأخيرة في السعودية.
8- هناك عوامل سياسية أخرى ترتبط بالانتخابات الأمريكية في نهاية العام الحالي، وربط الرئيس الأمريكي بين مشاكل الطاقة في الولايات المتحدة والاعتماد على نفط الشرق الأوسط من جهة، واحتمال ربط المعارضين للرئيس بوش بين شراء شركة موانئ دبي لشركة بريطانية تدير بعض الموانئ الأمريكية والنفط.
العوامل المرجحة لتخفيض سقف الإنتاج أو الإنتاج الفعلي
1- انخفاض الطلب على النفط في الربع الثاني بنحو مليوني برميل يومياً، الأمر الذي قد يخفض الطلب على نفط "أوبك" مابين 700 ألف و900 ألف برميل يومياً.
2- زيادة الطاقة الإنتاجية في عدد من دول "أوبك" قد تسبب قلقاً في عدد من عواصم "أوبك" لأسباب عديدة أهمها انخفاض أسعار النفط.
3- انخفاض الإنتاج في بعض دول "أوبك" وقلق هذه الدول من خسارة بعض الإيرادات نتيجة انخفاض الصادرات والأسعار في الوقت نفسه.
الوضع داخل "أوبك"
أي قرار لتغيير الإنتاج سيؤثر في حصص الدول الأعضاء، ماعدا العراق لأن حصة العراق علقت منذ تطبيق الحظر الاقتصادي من قبل الأمم المتحدة بعد غزو العراق للكويت في عام 1990. تشير المعطيات الحالية إلى أنه يمكن تقسيم دول "أوبك" العشر إلى ثلاث فئات حسب موقفها من تغيير الإنتاج:
1. الفئة الأولى تتكون من الدول التي تعاني من انخفاض في إنتاجها أو تعاني من صعوبات في زيادته وتشمل فنزويلا وإيران، وأحياناً نيجيريا. هذه الفئة تطالب "أوبك" بتخفيض الإنتاج للحفاظ على الأسعار الحالية.
2. الفئة الثانية تتكون من الدول التي استطاعت إضافة طاقة إنتاجية جديدة ويمكنها زيادة الإنتاج خلال الشهور القادمة، أو أنها تنتج حالياً فوق حصصها الإنتاجية، وتشمل السعودية والكويت والإمارات والجزائر، وأحيانا نيجيريا.
3. الفئة الثالثة: تتكون من إندونسيا وقطر وليبيا. هذه الدول ستقف مع الغالبية (الفئة الثانية) لاعتبارات عدة.
بالنظر إلى وضع "أوبك" نجد أن هناك اعتبارات اقتصادية وسياسية تحكم كل مجموعة. فالمجموعة الأولى ترى أنها خاسرة لأن زيادة إنتاج المجموعة الثانية وانخفاض الأسعار سيكون على حسابها. هذه المجموعة لديها أيدلوجية خاصة بها ولا تتمتع بعلاقات جيدة مع حكومات الدول الغربية. أما المجموعة الثانية فترى أن عليها التعويض عن انخفاض إنتاج الفئة الأولى وبعض الدول من خارج "أوبك" للسيطرة على أسعار النفط. كما أنها ستحاول تفادي أزمة سياسية قبل الانتخابات الأمريكية. هذه المجموعة تتمتع بعلاقات جيدة مع الدول المستهلكة ولها مصالح سياسية وتجارية متعددة في الغرب. أما المجموعة الثالثة فإن مصلحتها مرتبطة مع الأغلبية لأن المعارضة لا تفيدها شيئاً على الإطلاق، خاصة أنها ستصنف سياسياً في صف إيران وفنزويلا.
الخلاصة
يتكون سعر النفط، من وجهة نظر الدول المنتجة من شقين: اقتصادي وسياسي. ونادراً ما نجد أن هذين الشقين يسيران في اتجاه واحد، الأمر الذي يجبر هذه الدول على الموازنة بينهما للوصول إلى مزيج أمثل يعظم منافع هذه الدول. إن أبلغ مثال على ذلك هو قرار "أوبك" عدم تخفيض الإنتاج بعد حاثة 11 أيلول (سبتمبر)، رغم إجماع الأعضاء على تخفيض الإنتاج قبل الحادثة. إن الخطر الذي تواجهه دول الخليج حالياً هو قيام بعض السياسيين الأمريكيين بتأجيج مشاعر الأمريكيين عن طريق الربط بين شعورهم نحو عملية إدارة شركة موانئ دبي لبعض الموانئ الأمريكية، التي تصورها وسائل الإعلام الأمريكية بأنها تهديد عربي للأمن القومي الأمريكي، وتخفيض "أوبك" للإنتاج. إذا تم ذلك فإن شعور الأمريكيين في تشرين الأول (أكتوبر) 2006 سيكون شبيها بشعورهم في تشرين الأول (أكتوبر) 1973.
بالنظر إلى المعطيات الاقتصادية والسياسية لأسوق النفط والوضع داخل "أوبك" يتضح أن "أوبك" غالباً ما ستتخد قراراً يقضي بالاستمرار في سقف الإنتاج الحالي الذي تبنته في حزيران (يونيو) الماضي (28 مليون برميل يوميا). لكن "أوبك" قد تفاجئ السوق بمطالبة الدول الأعضاء بالالتزام بالحصص الإنتاجية بهدف الحصول على إجماع جميع الدول الأعضاء وإرضاء إيران وفنزويلا، خاصة إذا قررت وكالة الطاقة الذرية، التي اجتمعت يوم أمس (ولكن بعد كتابة هذا المقال) تأجيل النظر في قضية إيران وعدم إحالتها إلى مجلس الأمن في الوقت الحالي. مهما يكن القرار الذي ستتخذه "أوبك" فإن تأثيره على أسواق النفط سيكون ضعيفاً للغاية بسبب اقتناع المتعاملين بأن "أوبك" ستنتج الكمية نفسها بغض النظر عن قرار "أوبك".