"صديق.. ورفيق.. دول نووية"
<a href="mailto:[email protected]">AL-yousef99@hotmail.com</a>
مشكلة الكثير في بلادنا أنه يعتبر أننا نتفوق على جميع شعوب الأرض في كل شيء وأننا كاملون في كل الأمور (والكامل وجه الله) وأننا لدينا من العلم والتقدم والمعرفة ما يجعلنا أفضل الناس وأحسنهم وأعرفهم في كل صغيرة وكبيرة وننسى أننا نعتمد على الأخرين في كل شيء، ما نحن أو معظمنا بارعون فيه ومتفوقون فيه على غيرنا أننا لدينا أموال تمكنا بواسطتها أن نشتري كل ما نحتاج إليه من دون أن نبذل في ذلك جهدا يذكر حتى إن امتلاء جيوب الكثير بالأموال أسهم في أن لا يبذلوا أي جهد لكي يملأوا عقولهم بالعلم والمعرفة، لذلك أصبحنا للأسف نستورد كل شيء حتى أعواد الكبريت. ومع معرفتنا بضعفنا وعجزنا عن الاعتماد على أنفسنا حتى في أضعف الأمور إلا أن بعضنا وهم كثير لا يزالون يكابرون ويعتقدون أن العالم بأسره لا يستطيع العيش من دوننا. علينا جميعا أن نعترف بأننا دولة نامية حباها الله ثروة نفطية هائلة أسهمت في نهضتنا وإلا فكلنا يعرف ماذا كانت بلادنا قبل اكتشاف النفط. ولكن هذه الثروة للأسف أسهمت أيضا في تبلدنا وعدم سعينا نحو كسب العلم والمعرفة بشكل يجعلنا قادرين على الاعتماد على ما نزرع ونصنع وننتج. كما فعلت دول كثيرة تعتمد على نفسها اعتمادا كليا فيما تزرع وتصنع وتنتج بل إنها أصبحت دولا نووية وهذا قمة التقدم والرقي. ورغم تقدم هذه الدول إلا أننا لا نزال نرى معظمنا يتهكم على مواطني تلك الدول النووية ويطلق عليهم عبارات، ومناداتهم بألفاظ يظن أنها تقلل من شأنهم رغم أنهم مواطنون في دول تتفوق علينا في كل نواحي العلم والمعرفة والتكنولوجيا، نحن فقط نتفوق عليهم في أن دخل الفرد لدينا أفضل منهم كما أن الفلوس التي لدينا أفسدت نمط حياتنا بحيث أصبحنا شعبا استهلاكيا ويعتمد على جهود الآخرين. بينما غيرنا لم يركن للراحة وحب الاستهلاك والاعتماد على الآخرين بل بذلوا وكدوا واجتهدوا حتى وصلوا ببلادهم إلى مصاف الدول النووية، بل إن أفضل مصممي برامج الحاسب الآلي والمعاملين معه من هذه الدول وتتسابق عليهم الدول الأوروبية وأمريكا نظرا لنبوغهم. كل ذلك لم يقنع الكثيرين منا بأننا يجب علينا أن نعرف قدر الآخرين وأن نعترف بقدرنا بدلا من المكابرة واعتبار أن تقدم الأمم يقاس بما في الجيوب لا بما في العقول. لذا علينا جميعا في هذه البلاد الكريمة أن لا نقلل من شأن الآخرين وأن نضع أنفسنا في المكان المناسب وأن نكد ونسعى ونبذل الجهد لكسب العلم والمعرفة كالآخرين لكي نتمكن مستقبلا من أن نكتفي بما نزرع وبما نصنع بدلا من هذا الوضع الشاذ والغريب الذي نمارسه مع الآخرين المتفوقين علينا في كل نواحي الحياة من زراعة وصناعة وتكنولوجيا وتسليح نووي، وقد شاهدنا كل هذا في دولتين آسيويتين زارهما خادم الحرمين الشريفين أخيرا، حيث رأينا الاستعراض العسكري المقام في إحداهما تلك الصواريخ التي تحمل رؤوسا نووية وكذا بقية أنواع الأسلحة المختلفة المصنوعة بأيدي أبناء تلك البلاد التي لا نزال ننعت مواطنيها الذين يعملون لدينا بل يعملون عنا ولنا كل شيء ننعتهم وللأسف بألفاظ توحي بأنهم أقل منا فهما وعقلا ومخا وننسى أنهم يعملون في بلادنا في كل نواحي الحياة من زراعة وصناعة وطب وصيدلة وتكنولوجيا وتركوا لنا أو لمعظمنا فقط مهمة دفع الرواتب لهؤلاء وهذا هو ما نفعله في هذه الحياة، ورغم ذلك لا نزال ندعي أننا أفضل شعوب الأرض علما ومعرفة. وغيرنا خاصة الدول التي يعمل مواطنوها لدينا في أعمال شتى بعضها متدني المستوى هم أقل منا في كل شيء علما ومعرفة بل وبنية العقل نعتقد أنها تختلف لصالحنا، ولذا علينا أن نحترم الآخرين وأن نعرف قدرهم وقدرنا ونعطي الناس ما يستحقون من التقدير.