حقوق المستهلك والمجلس البلدي

بعد قرابة عام مضت على الانتخابات البلدية وصدور التعيينات أخيرا دون تعيين أي امرأة، من المفيد أن نسلط الضوء على إحدى المهمات التي تنتظر المجالس البلدية وتمس الكثير من النساء، ألا وهي حماية حقوق المستهلك التي ينبغي عليهم أن يتابعوها، يراقبوها، يحافظوا عليها، ويدافعوا عنها.
في الدول التي تسمح بتنظيمات المجتمع المدني المستقلة كجمعيات حقوق المستهلك، تلعب هذه الجمعيات دوراً مهماً في التعاون مع المجالس البلدية لتفعيل قضايا بعينها لتصب في حماية المستهلك بناء على أن القطاع الحكومي ليس بوسعه القيام بمفرده بالإجراءات التي تكفل الحماية المطلقة للمستهلك فيقع جزء من هذه المسؤولية على عاتق المستهلك نفسه وجزء آخر على المؤسسات القانونية المساندة مثل جمعية حقوق المستهلك أو المجلس البلدي.
قبل الدخول في الموضوع أود أن أثير بعض الأسئلة:
1. كم منكن/م من دخلت محلاً وأرادت أن تشتري خدمة ما وبعد أن دفعت وتكلفت لا تجدها كما طلبتها أو كما اتفقت عليها، سواء في فرش أو بناء أو ستارة أو فستان أو تسريحة شعر أو سوى ذلك، ثم لا تجد أنها خرجت بحق ولا بباطل من البائع ولا من صاحب المحل أو صاحبته.
2. كم منكن/م اشترت غرضاً من مكان لتجده في مكان آخر بنصف السعر ولا تستطيع إرجاعه.
3. كم منكن/م أرادت إرجاع قطعة بعد شرائها في أقل من أسبوع ويرفض البائع ذلك أو يتنازل بأن يعطيها فاتورة للمستقبل ويستبقي الكاش.
4. كم منكن/م وقع لها حادث أو عطل في سيارة اتضح أنه من صناعة السيارة التي لم تُستدع في المملكة واستدعيت في كل مكان آخر.
5. كم منكن/م تشتري طعاماً لا تثق في مدى صحة ما سجل عليه أو ما يقال إنه عليه.
6. ماذا نعرف عن بضاعة محلات "كل شي بريالين"؟
7. كم منا من يقرأ في صحفنا عن الدراسات الطبية التي تتناول حول خطورة بعض الأطعمة، أو منتجات تجميل ثم نجدها في أسواقنا.
8. ماذا تعرف/ين عن اللبن الذي تتناولين أو عن البيض الذي تأكلين أو الماء الذي تشربين؟
9. كم منكن/م اشترت تذكرة سفر وحملت معها بطاقة الصعود إلى الطائرة للسفر على الخطوط السعودية لتصل إلى المطار وتجد نفسها من غير مقعد ولا تعويض ولا حتى اعتذار؟
أعتقد أن هذه المقدمة الطويلة أوضحت ما تغطيه حقوق المستهلك من أوجه، وربما من المفيد تقديم نبذة أكثر تفصيلاً حول هذه الحقوق من الناحية القانونية وتطبيقاتها ومرجعياتها لدينا. إن من الواضح أن المقصود بالمستهلك هو كل فرد فينا، في حال شرائه واستخدامه السلع المختلفة لصالحه الشخصي والعائلي. ولكن يلاحظ أن المستهلك، بضعف وعيه الشرائي والاستهلاكي، من جانب، وعدم قدرته على كشف الغش والخداع في السلع، من جانب ثان، وعدم توافر الحمايــة له، من جانب ثالث، هو الطرف الخاسر في علاقات اقتصادية تزداد تعقيداً يوماً بعد يوم، فأصبح من الضروري أن تتوافر له جهة تتولى رفع وعيه الشرائي والاستهلاكي، ورفع قدرته على كشف الغش والخداع في السلع، وتوفير الحماية القانونية له.
وهذا ما تتولاه جمعيات حقوق المستهلك في العالم، التي تتصف بأنها "جمعيات غير حكومية، تقوم بمراقبة أداء الوزارات التي توفر خدمات للمستهلك سواء كانت الصحة أو التجارة أو الطيران أو سواه، أو إنتاج الشركات الكبرى التي تقدم سلعاً للمستهلك. فتقوم المراقبة من خلال التحقق من مطابقة السلع لمواصفات متفق عليها دوليا، ومراعاتها للمبادئ الثمانية لحقوق المستهلك". وهذه الحقوق تتبناها "المنظمة الدولية للمستهلك" التي تأسست عام 1960 بعد استجابة العالم لحاجات المستهلك التي تلت كثيراً من التفاعلات الحقوقية. وهي:
1. حق الحياة في بيئة صحية: وهي أن يكون للمستهلك الحق في أن يعيش ويعمل في بيئة نظيفة وخالية من المخاطر.
2. حق الاختيار: إن من حق المستهلك أن يختار ويفاضل الاختيار بين السلع والخدمات وفق إمكانياته.
3. حق الأمان: من حق المستهلك الحصول على سلع آمنة لا تضر بصحته وسلامته.
4. حق الاستماع إلى الرأي: للمستهلك الحق في أن يؤخذ برأيه وتراعى مصالحه أثناء اتخاذ أي قرارات تخصه.
5. حق إشباع الحاجات الأساسية: إن من حق المستهلك الحصول على احتياجاته الأساسية كالغذاء والدواء والماء والمسكن والتعليم.
6. حق التعويض: يحق للمستهلك الحصول على التعويض المناسب أو التبديل في حال حصوله على سلع وخدمات رديئة تعرضه للتضليل أو الغش.
7. حق المعرفة: من حق المستهلك التزود بالحقائق والمعلومات الصحيحة غير المضللة التي تخص سلعه وخدماته.
8. حق التثقيف: للمستهلك الحق في أن يكون مثقفاً وعلى دراية تامة بكل ما يخصه ويكسبه المهارات والمعرفة إذ إن عملية تثقيف المستهلك هي جزء من عملية بناء تطوري نحو مجتمع إنتاجي غير استهلاكي.
وسوف أفصّل الحديث في الأسبوع المقبل، حول مرجعياتنا التي تتصل بحقوق المستهلك ودورها ومدى فعاليتها.

**
مؤرخة وكاتبة سعودية
[email protected]

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي