مع نهاية العام.. ماذا تريد المرأة السعودية؟
عام مضى حافل بإنجازات نسوية على مستوى الوطن وخارجه. عام يحمل في نهايته الشمسية ذكريات تجربة صعبة وجميلة.. على المستوى الشخصي تجربة الأمومة وإنهاء ابني السنة الأولى من عمره المديد بإذن الله. على المستوى العام يحمل ذكريات معركة الانتخابات البلدية التي حيل بين المرأة والمشاركة فيها لكنه انتهى بانتخاب أول سيدة لهيئة المهندسين والمهندسات والتي يصدف أنها أول مرشحاتنا للانتخابات البلدية، أما ما بين البداية والنهاية فيطول رصده. وقد قام العديد من الصحف بصفّ المحدثات في أمرنا من قرارات جديدة ومن نساء وصلن إلى مناصب مهمة ونساء حصلن على جوائز عالمية أو إقليمية، ونساء تميزن وأنجزن كل في مجالها. لكن أهم ما يميز هذا العام هو اعتلاء الملك عبد الله بن عبد العزيز ـ حفظه الله، عرش المملكة العربية السعودية بما يحمله عهده من تفاؤل وتوقعات إيجابية بإذن الله، افتتحه باستقبال النساء مبايعات في مجموعتين التقى بهن على أساس خلفيتهن الوظيفية كما تم بث اللقاءين على شاشات التلفاز في شفافية ترسل رسالة واضحة حول مستقبل النساء في السعودية.
ويتبع هذه المقدمة طرح السؤال الذي يكثر ترداده: ماذا تريد المرأة السعودية؟
إنني أجد أنه من المناسب في هذا المقام، إجابة على التساؤل السابق، إيراد عدد من المطالب الأساسية التي اجتمعت عليها ما يربو على الثلاثمائة سيدة سعودية؛ سبعة وأربعين امرأة من الرياض ومجموعة أخرى على الإنترنت مكونة من 250 امرأة لعدة أشهر تكاملت أطرافها في حزيران (يونيو) 2003 واتفقن على أنها تمثل خلاصة مطالبهن، والتي طرأ عليها الكثير من التعديل منذ ذاك وتنصّ على التالي:
"انطلاقاً من الأهداف والغايات التي نص عليها النظام الأساسي للحكم في المملكة العربية السعودية والتي على رأسها العدل والشورى والمساواة وفق الشريعة الإسلامية (المادة الثامنة)، وتعزيزاً للخطوات والجهود التي تبذلها مسيرة الإصلاح التي أشار إليها خادم الحرمين الشريفين الملك فهد بن عبد العزيز في خطابه أمام مجلس الشورى في افتتاح دورته الثالثة في 16 ربيع الأول 1424، وتأكيداً على أهمية المحافظة على تعاليم ديننا الإسلامي السمح، وحرصاً من مواطنات هذا الوطن على المشاركة في بناء المجتمع وصناعة المستقبل على أساس من العدل والشورى والمساواة وصولاً إلى التكامل في جميع المجالات فيما بين أفراده، فنقوم، نحن مجموعة من المواطنات ممن يحملن الهمّ الوطني ويحرصن على أن يكون لهن دور في صناعة الوطن وأجياله، بصياغة مجموعة من المقترحات التي نرى من مواقعنا سواء كأكاديميات أو عاملات أو طالبات أو ربات بيوت أننا وبلادنا بحاجة إليها. وهي تتلخص في النقاط التالية:
1- التأكيد على أهلية المرأة القانونية والمالية، والتطبيق الفعلي لهذا المبدأ ورفع الوصاية المدنية عنها لتتعلم وتتطبب وتعمل وتدير جميع أعمالها بأهليتها الشخصية.
2- إعادة المغيب من حقوق المرأة الشرعية: مثل حقها في حضانة أولادها، حقها في اختيار شريك الحياة، حقها في البقاء في منزل الزوجية فترة العدة مع النفقة عليها، حقها في العصمة، حقها في رؤية أولادها في حال كانوا في حضانة الأب، حقها في الحصول على النفقة ونفقة أولادها في حال حضانتها لأبنائها بالاقتطاع من راتبه قانوناً أينما كان عمله، حقها في استرجاع حقوقها المالية من زوجها إن كانت عاملة ومشاركة في منزل العائلة، حق أبنائها في تسجيلهم في حفيظة الأب بمجرد صدور شهادة الميلاد، حقها في الحصول على أوراق أبنائها الرسمية، حقها في ولاية أمر أبنائها القصر وغيرها.
3- إنشاء مجلس أعلى للمرأة مرتبط بالمقام السامي يكون حلقة الوصل بين المجتمع النسائي وإدارات الدولة، يشرف على تطبيق قرارات الدولة الخاصة بالمرأة، ويشارك في شؤون الدولة في ضوء التطورات الحديثة واستناداً إلى النصوص الشرعية المثبتة (طرح هذا الاقتراح أكثر من مرة وبحاجة إلى أن يرى الواقع).
4- تفعيل مشاركة المرأة وتمكينها اقتصادياً وسياسياً وتربوياً واجتماعياً من خلال إشراكها في مواقع اتخاذ وصنع القرار وخطط التنمية المختلفة بالقرار السياسي المدعوم بقوانين تضمن تطبيقه.
5- تمكين المرأة من تولي المناصب القيادية المختلفة مما تتطلبه التنمية المستدامة سواء في القطاع العام أو الخاص، مع إعطائها صلاحيات اتخاذ القرار في مواقع العمل.
6- تخصيص نسبة من مقاعد مجلس الشورى للنساء ولكل فئات المجتمع ومنها الفئات الخاصة.
7- تفعيل الاتفاقات الدولية التي صادقت عليها المملكة مثل اتفاقية"القضاء على كل أشكال التمييز ضد المرأة" في التعليم والعمل وغيرها، وتدوين مبادئ الشريعة الإسلامية التي تخص المرأة والتي تحفظت بموجبها المملكة على الاتفاقية.
8- تطوير المحاكم القائمة المختصة بشؤون الأسرة وتدوين أنظمة الأسرة، مع التأكيد على ضرورة الشفافية وتوثيق جلسات المحكمة وتسجيلها.
9- إعادة النظر في وضع السجون النسائية وتهيئة الظروف المناسبة فيها للتأهيل الإصلاحي وحماية حق السجينة، وتوفير الإرشاد النفسي والاجتماعي والقانوني من خلال كفاءات نسائية.
10- المساواة في تطبيق النظام بين المرأة السعودية المتزوجة من أجنبي والسعودي المتزوج من أجنبية مع ضرورة الحفاظ على سلامة الأسرة وحقوق الأبناء من كلا الزواجين.
11- تعريف المرأة وتثقيفها بحقوقها الشرعية والمدنية وتعريف الرجل بحقوق المرأة الشرعية والمدنية من خلال المناهج الدراسية في مراحل التعليم المختلفة ووسائل الإعلام.
12- توسيع نطاق التعليم جودة وتنويعاً بفتح المغلق من التخصصات مثل: الآثار، الإعلام، الهندسة، العمارة، السياسة، الفلك، الجيولوجيا، التربية البدنية، السياحة. وبقية تخصصات الحاسب الآلي والزراعة والعلوم الإدارية وغيرها وفتح مجال مواصلة تعليم الكبيرات من النساء فيما بعد المرحلة المتوسطة.
13- توسيع مجالات عمل المرأة خارج النطاق التقليدي المحصور في التعليم والصحة والخدمة الاجتماعية بما يتفق مع تحديات البطالة واحتياجات التنمية، وبما لا يخل بثوابت الدين بمدارسه الفقهية المختلفة (بدأت الخطوة من خلال قرار مجلس الوزراء في الأول من حزيران (يونيو) 2004 وبحاجة إلى تخصيص جهاز محدد ليتولى تنفيذ القرار).
14- تكييف أنظمة العمل والخدمة المدنية والتقاعد بما يتلاءم ودور المرأة الوظيفي ووضعها الأسري.
15- تأمين سلامة مواصلات المرأة العامة والخاصة مراعاة لظروف بعض النساء.
16- توفير الضمان الاجتماعي لكل العاطلات عن العمل أسوة بدول الخليج بما فيه ضمان السكن، إلى أن يتمكنّ من الحصول على عمل، وإعادة النظر في أنظمة الضمان الاجتماعي الخاصة بالمطلقات والأرامل وغيرهن بهدف تحقيق العدل بحقهن.
17- احترام المرأة ووضع عقوبات على من يتعدى عليها لفظياً أو جسدياً خاصة في الأًسواق العامة والحرمين. وحمايتها من الفتاوى (الأقوال والكتابات) غير المسؤولة التي تشكك في دورها الوطني، وأهمية رفع مستوى الثقة في التعامل مع الفتاة الشابة والنظر إليها على أنها إنسان مسؤول قادرة على تحمل واجباتها والقيام بالتزاماتها الدينية أو المدنية دون هدر لكرامتها.
18- التأكيد على ضرورة توسيع دائرة الفتاوى والنقاشات الدينية حول المرأة بحيث تضم مختلف المدارس الفقهية والتوجهات الإسلامية، مع إعطائها الفرصة الكاملة لمناقشة ما قد تختلف فيه مع مصدري الفتاوى ولاسيما ما يقوم منها على مبدأ افتراض سوء النية ودرء المفسدة مسبقاً.
19- ضرورة تفعيل دور المرأة داخل المؤسسات المعنية بأمور الشباب كوزارة الثقافة والرئاسة العامة لرعاية الشباب على مستوى تأسيس نواد صحية وأدبية خاصة بالمرأة وأطفالها ترتقي بصحتهم وبفكرهم.
20- تكوين مجالس أحياء في جميع أنحاء المملكة وتمثيل المرأة فيها (حالياً توجد مراكز أحياء في منطقة مكة المكرمة والمدينة المنورة فقط والمرأة ممثلة فيهما)، وإقامة مراكز ثقافية وصحية ومكتبات فيها لخدمة المرأة والطفل.
21- إنشاء مؤسسات المجتمع المدني كالجمعيات الأهلية والأندية الاجتماعية وغيرها.
22- التشديد على أهمية نشر روح التسامح والاعتدال بين أفراد المجتمع وأجناسه ومذاهبه بعيداً عن العادات والتقاليد التي حاربها ديننا السمح وحرر الإنسان منها منذ ألف وأربعمائة عام مضت.
وبهذا تكون النساء شقائق الرجال حقاً ويكنّ شريكات الرجال في صنع مستقبل وطننا الواحد بإذن الله".
وكل عام وأنتم بخير.
*مؤرخة وكاتبة سعودية