هل نستفيد من هزات آسيا و"سوق المناخ" الكويتية؟

هل يمكن لعاقل أن يقول إن سوق الأسهم تؤثر سلباً في الاقتصاد، لأن المعروف أن سوق الأسهم وتداولها يعتبران إحدى القنوات المهمة لتنمية الاقتصاد الوطني، إذا ما توافرت له المقومات والإشراف المباشر على الإجراءات السليمة وتلافي الممارسات السلبية التي تجعل كثيرا من الصفقات والمضاربات وهمية! دون أن يكون لها قيمة اقتصادية فعلية على السوق أو أداء الشركات.
عندما فكرت في هذه المقالة كنت قد اطلعت على إحدى المقابلات لفضيلة الشيخ عبد الله المنيع في صحيفة "الرياض" بتاريخ 25/9/ 1426هـ وهو الضليع في فقه المعاملات التجارية وصاحب الخبرة في بيان أحكامها، حيث يوجد في كثير من اللجان الشرعية التي تستعين بها البنوك لإجازة بعض القنوات والمعاملات البنكية، يقول الشيخ: إنه يخشى أن يؤثر ما يحدث في سوق الأسهم من أثر عكسي على تنمية الاقتصاد الوطني، من حيث الممارسات ومن حيث اتجاه الأموال بشكل كبير لهذه السوق تاركين قنوات الاستثمار الأخرى مثل الصناعة والخدمات والزراعة وغيرها.
وهنا أتفق مع ما ذكره الشيخ المنيع، من أن هناك هوساً لدى السعوديين أخيرا في سوق الأسهم، ويندر أن يكون هناك مجلس أو لقاء إلا والأسهم هي محور حديث الناس، وقد أشارت آخر إحصائية إلى أن أكثر من 2.5 مليون سعودي يمارسون تجارة الأسهم! بينهم أكثر من 780 ألف سيدة، ومن المعروف أن سوق الأسهم السعودية تحتل مركزاً متقدماً على مستوى العالم، وأذكر أنها قد احتلت المرتبة الحادية عشرة على مستوى العالم من حيث قيمة الصفقات المتداولة وقيمة السوق بشكل عام، التي تجاوزت تريليوني ريال! من المؤكد أننا لسنا ضد التوسع في سوق الأسهم وتنمية السوق وزيادة طرح الشركات للاكتتاب، فهذا أمر مفيد للبلد، ولكن أن تتجه الأموال بهذا الشكل لهذه القناة الوحيدة إذا ما عرفنا حراجة وخطورة أسواق الأسهم وتعرضها للانهيارات المفاجئة مثل ما تعرضت له سوق الأسهم الآسيوية من هزات عنيفة، أو أزمة سوق المناخ التي وقعت في دولة الكويت، فهذا أمر قد يؤثر في انتعاش الاقتصاد الوطني، والأفضل أن تتعدد القنوات الاستثمارية، خاصة لصغار المستثمرين وفرص الاستثمار في المشاريع الصغيرة والمتوسطة، في مجالات الصناعة والخدمات والتقنية وغيرها، والتي تستوعب العمالة الوطنية بشكل مفيد للاقتصاد الوطني، صحيح أن الجميع يبحث عن العائد المالي الأكثر لرأس المال، ولكن وجود مخاطرة واضحة في الاستثمار في الأسهم خاصة أن الوعي الاستثماري لا يزال محدوداً, فهذا يجعل من الأهمية التنوع في مجالات الاستثمار وعدم الاقتصار على هذه القناة الاستثمارية التي جعلت الناس لا يرون مجالاً للثراء السريع إلا بالدخول في الأسهم، ومن ثم تحدث المفاجأة وتصبح أحلام الثراء السريع كابوساً خطيراً من الديون، وتأثيراً سلبياً في الاقتصاد الوطني ، ولكن هل المجال الاستثماري مفتوح في القطاعات الصناعية والتجارية والخدمية كما هو في الأسهم؟ أعتقد أن هذا هو مربط الفرس فلو حاول أحد المستثمرين الدخول في مجالات أخرى غير الأسهم لاحتاج إلى شهور بل سنوات وتعقيدات حتى يؤسس مشروعه, بينما الأسهم لا تحتاج إلا إلى المال والمال فقط!! وبالمال يشترى الوقت وحتى الشروط والتسهيلات!

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي