التجديد القصصي للقصة القصيرة

[email protected]

ظهرت القصة القصيرة شكلاً أدبياً حديثاً للحكايات، وشيئاً فشيئاً وجدت قبولاً كبيراً لدى الكتاب، وأصبح لها بناءها الخاص، ودراساتها ونقدها.
لكنها ظلت لا تُنشر مطبوعة بشكل كبير، وإن نشرت فإنها لا تحصل على الإقبال ذاته أو الظهور كالذي تحصل عليه الرواية، لذلك فالرواية التفت إليها الكتاب أكثر، ولذلك أيضاً نرى كثيرا من الكتّاب يظهرون كقاصّين للقصة القصيرة ثمّ نفاجأ بأن إصدارهم الجديد " رواية "، مثلاً من المحليّين القاص عبد الحليم البراك، الذي وبعد أن توقع عديد من متابعيه أن يصدر مجموعة قصصية بعد أن عُرف عنه ككاتب للقصّة القصيرة ومبدع فيها أيضاً خرج لنا برواية "عمر الشيطان" الصادرة عن دار المفردات.
يبدو أن القصة القصيرة أصبحت إذاً طريقة لدى البعض لممارسة كتابة الحكاية، يتصوّر البعض أنّها بسيطة في الكتابة ذلك لأنها لا تحتاج إلى نفس طويل لكتابتها، ولا تحتاج أيضاً إلى أحداث كثيرة، ولا يقرأها سوى العابرون الذين يبحثون عمّا يقرؤونه ويمضون.
إن لكتابة القصة / الرواية، والقصة القصيرة، والقصة القصيرة جداً، كل واحد منها جهده الخاص الكامل، لأن كل واحد منها فن قائم بحد ذاته، وربما أيضاً القصيرة، والقصيرة جداً أصعب كثيراً من الرواية، ذلك لأن الكاتب يحاول اختزال أحداث كثيرة، ورسائل عدة، محاولاً أن يوصل ما يريد من خلال نص قصير، أن يصل للقارئ من خلال قصة قصيرة أو قصيرة جداً دون أن يُشعره أن ثمة ( بتر ) للحكاية.
مع تطور الكتابة في الإنترنت، وانتشارها، وازدياد عدد الكتاب في الساحة الإلكترونية، أصبح الالتفات إلى القصة القصيرة أكبر، والاهتمام بها من قبل كتّاب الإنترنت أو قراءة أكبر ككتابة وكقراءة، حتى استحدثت لها أشكال جديدة لا تخرج عن البنية الأساسية للقصة القصيرة، لكنها لا تشبه القديمة منها، من ناحيتي اللغة والفكرة مثلاً.
و لأننا في عصر افتراضي بدأنا نتجاوز شيئاً فشيئاً " شبكات المنتديات " وأقبلنا بشكل كبير على المدونات، فمن يتصفح الآن المدونات سيجد أن الاهتمام الأدبي كبير فيها، وأنها هي الآن بدأت تتخذ لها اتجاها جديدا خاصا فيها، لكن ملامحها لم تكتمل بعد ولم تنضج التجربة، وستلاحظ أيضاً أن حتى تدوينهم ليوميات أصبح ككتابة قصة قصيرة، وبهذا تمرّسوا.
والمتابع أيضاً سيلاحظ أن حتى المجموعات القصصية التي تصدر ورقياً تلاقي قصصها انتشاراً في الإنترنت عندما يضيف القاص قصصه في أحد المنتديات أو في مدونته أو موقعه الشخصي.
الآن أصبح للقصة القصيرة خطها المتميز، وتسير في مرحلة التجديد، وخلق لها الإنترنت بيئة خصبة للتداول، واحترف بها كثير من الكتاب، الذين لم يملكوا أي تجربة سابقة سوى محاولة كتابة اليوميات، ربما لأن حياتنا كلها عبارة عن قصص قصيرة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي