الفشل في إعداد خطة هو تخطيط للفشل
من منا يخطط للفشل ؟!! الجواب بالطبع لا أحد، ولكن الكثير يعملون في هذا الاتجاه وهم لا يدركون ذلك، لقد لفتت انتباهي هذه المقولة وأنا أتصفح أحد المواقع الإلكترونية المتخصصة في الإدارة، حقيقة أعتقد أنها تعطي تفسيرا لمعظم حالات عدم التوفيق التي تحدث للكثير منا في هذه الأيام، فهذا طالب أخفق في الحصول على المعدل الذي كان يحتاج إليه لدخول الكلية التي يرغب فيها وذلك عاطل لم يتمكن من الحصول على وظيفة ذات أجر مناسب وهذا شخص مبتدئ في عالم المال خسر معظم ما لديه من مال بعد ما قام باستثماره في سوق الأسهم. لو فتشنا في عدم التوفيق الذي يلازم صاحب أي حالة فشل لوجدنا أنه في الغالب يعود إلى عدم وجود خطة عمل قبل الشروع في التنفيذ، فإذا فشل صاحب المشروع أيا كان في وضع خطة لنجاحه فهو من حيث لا يدري يخطط فعليا للفشل.
أتذكر أن إحدى الشركات أعدت ورشة عمل للمسؤولين في الإدارة التنفيذية لديها وبعد أن أعطى مستشار التدريب والمحاضر نبذة عن الجانب النظري لمراحل إنشاء المشاريع قام بتقسيم المشاركين في الورشة إلى أربع مجموعات وأعطاهم تمرينا عمليا، ولأن المجموعات الأربع كانت في منافسة وسباق لمن يقدم الحل الأفضل ضمن الوقت المخصص للتمرين فقد تكرر عند الجميع نفس الخطأ، لقد اكتشف المشاركون لاحقا أن الخطأ الذي يتسبب في عدم نجاحهم في حل التمرين بطريقة سليمة هو اختصار الفترة اللازمة للتخطيط إلى أدنى قدر من الزمن المخصص لذلك، بل إن بعض المجموعات كانت تبدأ في التنفيذ بعد جمع متطلبات المشروع مباشرة مختزلة الوقت المطلوب للتخطيط لتحقيق السبق في تقديم الحل، والمثير للاستغراب أن مستشار التدريب قد أوضح للمشاركين أثناء عرض الجانب النظري في بداية ورشة العمل أن مرحلة التخطيط يجب أن تعطى أكبر فترة زمنية حتى يكون التنفيذ مبني على أساس متين وقوي يتجنب فيه الخروج عن المسار الصحيح. هذه الحادثة واقعية تحدد بالضبط الخلل الذي يصاحب الفشل في تحقيق النجاح جراء غياب التخطيط وبالتالي تعلمنا كيف أن الظروف والتحديات قد تسوقنا إلى خارج المسار المؤدي للنجاح إذا لم نتجنب ذلك بخطة عمل يتم التقيد بها أثناء التنفيذ و تكون أساسا لعملية التقييم لما تم إنجازه فنصل إلى النجاح الذي نهدف له.
الخلاصة، سوف يستمر كل إنسان في التخطيط للفشل إذا ظل يعمل بدون خطة حتى ولو بالحد الأدنى وسيكون مستوى النتائج المحققة مرهونا بقدر الجهد المبذول في التخطيط فعلى العاطل الذي يبحث عن وظيفة ذات أجر مرض أن يضع خطة لإعادة تأهيل نفسه بالمعرفة والمهارة المطلوبة للوظيفة المتاحة في سوق العمل، وعلى المستثمر المبتدئ في سوق الأسهم أن يتعلم مفاهيم وقواعد الاستثمار في السوق ومن ثم يحدد الأسلوب الذي يود استخدامه عند دخول السوق هل هو كمستثمر طويل الأجل أم مضارب أو كليهما معا فيضع الخطة على ضوء هذه المعطيات ويلتزم بشروطها ليتجنب المغامرات غير المحسوبة.