القطاع الخاص .. قاطرة تسريع لأهداف رؤية 2030
من يراقب مسيرة الحج والعمرة خلال السنوات الأخيرة، يدرك أننا أمام تحول تاريخي تقوده رؤية السعودية 2030، ويديره باقتدار ولي العهد رئيس مجلس الوزراء الأمير محمد بن سلمان، ويترجمه على أرض الواقع وزير الحج والعمرة الدكتور توفيق الربيعة وفريقه.
ما تحقق من إنجازات حتى الآن يجعلنا فخورين بما وصلت إليه السعودية في خدمة ضيوف الرحمن بمستوى راقي فاق التصورات واستخدمت فيه كل أنواع التطور التقني والتكنولوجي، لكن في الوقت نفسه يفتح أمامنا مجالاً واسعاً للتفكير في كيفية تسريع الخطى نحو المستقبل. فالأرقام وحدها كافية لتبرير هذا التفاؤل، من 6.5 مليون معتمر في 2021، قفز العدد إلى ما يقارب 27 مليوناً في 2023، ووصل في الربع الأول من 2025 فقط إلى أكثر من 15 مليون معتمر.
هذه الطفرة تبرز نجاحاً تنظيمياً ولوجستياً كبيراً، وتؤكد أن الهدف المرسوم في الرؤية باستضافة 30 مليون معتمر بحلول 2030 ليس مجرد حلم، بل واقعاً قابلاً للتحقق، بل للمضاعفة. أعتقد أن مفتاح النجاح الأكبر يكمن في توسيع الشراكة مع القطاع الخاص. فالحج والعمرة ليسا مجرد عبادتين عظيمتين يؤديهما المسلمون، بل هما منظومة اقتصادية متكاملة تشمل قطاعات النقل، والسكن، والصحة، والضيافة، والغذاء، والتجارة، والهدايا .
ولعل السؤال الأهم.. ما المانع أن نرى جسوراً وطرقاً جديدة تُنفذ بالشراكة مع القطاع الخاص كمثل؟ وما المانع أن نشهد توسعات إضافية للحرمين المكي والمدني تُدار بوتيرة أسرع مستلهمة من الأتمتة. اليوم، مع التحديات التي تفرضها تقلبات أسعار النفط، أرى أن الحج والعمرة هما من الطرق الأسرع للنمو الاقتصادي المرتكز على استغلال الميزة النسبية التي حبانا الله بها لمكة، المدينة، جدة و الطائف.
التحديات قائمة بلا شك، سواء على الصعيد اللوجستي أو التنظيمي أو السكني أو حتى في مجال السلامة. لكن هذه التحديات ليست عائقاً، بل فرصاً لتحسين وتطوير التجربة.
وهنا تبرز أهمية قيام وزارة الحج والعمرة بمبادرات مشتركة مع الغرف التجارية في مكة والمدينة وجدة والراغبين من القطاع الخاص الوطني والدولي، لوضع دراسات عملية تتحول إلى حلول ميدانية فعالة و تعتمد من مجلس الوزراء بما يشمل التزامات تعطي المستثمر تأكيد لمفترضات بناء تلك الخطط و عدد السنوات الملتزم بها من الدولة.
على يقين من أن تجربة الحج والعمرة قادرة على أن تصبح قصة نجاح اقتصادية ملهمة. وما تحقق حتى الآن هو خير دليل على أن السعودية عندما تضع هدفاً، فإنها تصل إليه وتتجاوزه. طموحنا الأكبر هو تسريع وتيرة التقدم أكثر فأكثر، لتبقى السعودية رائدة في خدمة الحرمين الشريفين، ونموذجاً يُحتذى به في الجمع بين شرف خدمة الدين وتحقيق العوائد الاقتصادية.
كاتب اقتصادي ورجل أعمال