وعي التبادل الثقافي

[email protected]

قام النادي الأدبي في الرياض بتنظيم معرض كتاب خيري في الأيام الماضية، بالتعاون مع مكتبة موقع جسد الثقافة ومكتبة موقع الإقلاع الإلكترونيتين بمشاركة أعضائهما كذلك، وقد كان طابع المعرض أدبي، خُصص ريعه الخيري لجمعية مرضى السرطان، وكان أشبه بمعرض كتب مخفضة حيث تم فتح مجال المشاركة لمن أراد التبرع بكتبه المستعملة لبيعها بأسعار زهيدة في المعرض، كما أن النادي قام بطرح عدد من إصداراته في المعرض.
هذا المعرض خدم الكثير من القراء من ناحيتين، الأولى .. للقارئ كواهب للبيع، حيث إن هناك الكثير من القراء يجدون في مكتباتهم عدداً من الكتب التي انتهوا من قراءتها ولن يعودوا إليها مرة أخرى، و لا يودون التخلص منها، بل يريدون أن تصلُ إلى آخرين يستيدون منها، ومن الناحية الثانية .. للقارئ كمشتري، لأن الكتب التي يتم بيعها هناك هي نتاج تجميع من قراء آخرين ومستعملة فإنه سيجد أعمالا ربما كان يبحث عنها منذ مدة وسيشتريها أيضاً بأسعار زهيدة وذلك لأنها مستعملة ولأنها خيرية.
لا نستطيع أن نحكم على مدى نجاح أو فشل هذا المعرض الآن، لأنه يعد تجربة أولى، ولكن كردود فعل على العمل فقد لاقى إعجاباً كثيراً والسببان اللذان ذكرتهما سابقاً كانا أحد أسباب الإعجاب به، و وجود مثل هذا المعرض يعد طريقة إيجابية لزيادة الحراك الثقافي في مجتمعنا، ولزيادة حس الوعي التبادلي لدى القراء أيضا وتقدير الحاجيات بين بعضهم البعض ولا ننسى أيضاً ذكر المشاركة الإلكترونية في المعرض مما يثبت جدوى وجود هذه المكتبات الإلكترونية والطرق التي تستطيع من خلالها خدمة الثقافة سواء كان داخل أو خارج العالم الافتراضي.
قرأت كذلك قبل مدة أن الكثير من القراء في الدول الأوروبية "وبدأ بها في الآونة الأخيرة بعض القراء في الدول العربية "بوهب الكتب لأناس مجهولين، حيث إن البعض يخصص صندوقا في أحد الباصات أو محطات القطار وكُلّ من أراد أن يهب كتاباً له وجد أنه استفاد منه ويودّ لو أن الفائدة أيضاً تعم آخرين يكتب إليه الإهداء ويضعه في الصندوق ثمّ يأتي بعده شخص آخر ويأخذه ليقرأه وقد يضع مكانه كتاباً آخر، أو ربما يستعيره فقط حتى يصل إلى محطته.
إن هذه الهبات والتبادلات تدلّ على العقلية الثقافية الحقيقية، لأن المثقف الواعي هو من يعلم أن الفائدة لا تنحصر في نفسه إنما أيضاً تصلُ إلى غيره، لذلك يحاول بأي طريقة أن يثقف المجتمع من حوله، مما يدلّ كذلك لا على فعل ثقافي إنما إنساني أيضاً.
وكخطوات أولية في عالمنا العربي من خلال هذه التجارب، فإنها خطوات تبعث على الأمل في النظر إلى عقلية القارئ العربي، مما يُبشر بخطوات أكبر من أجل زيادة الوعي في المجتمع وتثقيفه، وأتمنى حقاً لو أسهمت مؤسسات أخرى لدينا بعد النادي الأدبي بإقامة معارض شبيهة في المستقبل.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي