دعوة لضرب المرأة!

[email protected]

حكاية هذا المقال طريفة جداً، فمع وجود الفكرة الخاصة بمقال آخر، كان أمامي التلفاز والقناة الدائرة خليجية، وإذا بصفعة قوية من يد ممثل خليجي على ممثلة في إطار مشهد تمثيلي مؤثر. أحسن المخرج عمل الوقع المؤثر لها بحيث أنها لفتت نظري لكي أنسى ما أنا بصدده وأنكب على رفع الصوت ومتابعة الحدث التمثيلي. بصفة عامة لم يكن المشهد لافتاً إلا من خلال الصفعة فقط مع حسن استخدام الموسيقى المصاحبة.. ردة الفعل التي حدثت لي خلقت دوامة من الأفكار، بحيث إنها اتسعت لتعيد بناء الأفكار الكتابية في داخلي، وليكن اتساعها أكبر من ذلك لتصل إلى التساؤل فيما يخص تعاملنا مع المرأة، وهذا هو مربط الفرس.. ولا سيما أن المشهد كان بين زوجين الانتصار فيه للرجل الذي أراد أن يعيد تربية زوجته، حسبما عبر عنه الحوار، لخطأ ارتكبته في حق زوجة صديق أو قريب للزوج.
أقول إن بمقدور أي مشهد تلفزيوني أو حوار مسرحي أو سطر في كتاب أن يحفزنا على التفكير ويجعلنا نتساءل عن حجم الأخطاء التي مازلنا نعاني منها ومع ذلك نتجاهلها ككتاب أو معنيين بالسلوك والتربية .. فضرب الزوجة وحتى الأبناء باتت من الماضي لأن أسلوب التربية الحديثة يرفض ذلك ويؤكد أنه يفضي إلى عقد وانحلال وخيبة. واستميح القارئ الكريم كي أشركه فيما حفزني إليه المشهد، فقد طفقت أتساءل: أليس مثل هذا المشهد يحدث كثيراً في معظم منازلنا ودون حسيب أو رقيب، أو ليست تلك التي تتلقى الصفعات والركلات، والألفاظ الجارحة التي تجعل منها أقل نوع بشري .. أو ليست هي الأم والأخت والابنة والزوجة، أوليست ترتبط بنا لحماً ودماً وتعلقت بذات المشيمة التي تعلق بها الذكر؟. أوليست هي من يهب الوطن الحب والعطف والحنان، وفوق كل ذلك الرجال والنساء الذين يقودونه إلى الأفضليات؟. لكن لماذا بات ضعفها كجنس رقيق أمراً ينتهك؟ وتشجع عليه التلفزيونات ووسائل الإعلام، وكأني بذلك المخرج وعبر مشهده الذي زينه بعمق الكلمات التي تخرج من الرجل الضارب، قد استقر في داخله على أنه انتصر على هذه المرأة وداس على كل حقوقها. أقول مرةً أخرى أستميحكم عذراً معشر القراء فالموقف وحتى إن كان تمثيليا إلا أنه يجسد المعاناة التي نعيشها والعمل التلفزيوني كان مجسداً لما يحدث، وحقيقة لما نعيشه .. ولا بأس بعد ذلك إن رفسنا المرأة التي تسير أمامنا حتى لا تسد الطريق علينا.
يجب أن نعيد النظر في سلوكياتنا تجاه المرأة ولن يتأتى مثل ذلك إلا من خلال توثيق حقوقها في مناهج التعليم الذكورية، ووفق ما يدعو إليه ديننا الحنيف، مع فرض النظرة الإيجابية لهذه المرأة سواء في المحاكم والأسواق، وحتى من خلال الإعلام الذي بات بعضه محل إفساد لسلوكيات اجتماعية، لا موقع فائدة وثقافة يحتاج إليها الجميع.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي