هل نتأثر بتداعيات الاقتصاد العالمي؟

[email protected]

يبدو أننا لن سنتأثر بتداعيات الاقتصاد العالمي ما عدا ضغوط التضخم. فالاقتصاد الأمريكي يمر بتراجع مخيف جراء مشكلة الرهن العقاري، ولن يخرج من تلك الأزمة قريباً، خصوصاً أنها تزامنت مع ضعف مستمر في الدولار. ويشهد الاقتصاد الأوروبي ارتفاعاً في الأسعار، ولن يفعل شيئا تجاهه حيث تجاوزت معدلات التضخم المعدل المستهدف المقدر بنسبة 2 في المائة، في ظل سعر فائدة أوروبية تعد عالية مقارنة بتراجع الفائدة الأمريكية. والاقتصاد الآسيوي يستمر في النمو رغم مخاوف التضخم، ورغم تراجع الطلب العالمي، حيث إن الطلب المحلي الآسيوي آخذ في الارتفاع مما قد يعوض عن أي تراجع في الطلب العالمي.
بينما يمر الاقتصاد الخليجي بفجوة كبيرة بين العرض والطلب في قطاعات اقتصادية مختلفة مسببة ارتفاعات مستمرة في معدلات الأسعار، وحيث إننا نعتمد على الاقتصاد العالمي في الاستيراد، بما فيها الخبرات والاستثمارات الأجنبية ، فإن ازدياد الطلب العالمي على قطاعات عديدة قد يجبرنا على تأجيل بعض المشاريع، لكنها لن تؤثر في استمرار قوة النمو. فظاهرة الرهن العقاري لن تؤثر في اقتصادات الخليج، ولا في البنوك الخليجية. فقد ظهرت معظم نتائج البنوك الكبيرة للربع الأول وليس هناك تأثير لأزمة الرهن العقاري. بل إن تراجع معدلات الفائدة سيسهم في رفع هامش ربحية البنوك لارتفاع الفرق بين سعر الفائدة على الوديعة والإقراض. كما أن تراجع الاقتصاد الأمريكي لم يؤثر في معدلات الطلب على النفط والمنتجات البتروكيماوية، فقد عوضت دول آسيا هذا التراجع ليبقى الطلب على منتجات المملكة البتروكيماوية قوياً حتى مع ارتفاع الأسعار. إن ما يحدث الآن يجب ألا يجعلنا نتراجع في قراراتنا الاستراتيجية، خصوصاً فيما يتعلق بنظام الإسكان والصناعات المتعلقة به، حيث يجب أن يستمر القطاع الإسكاني في النمو، ويجب أن نستمر في الهيكلة المالية التي تمر بها السوق المالية, فهي مازالت بكراً وتحتاج إلى الكثير حتى تصل إلى مرحلة النضج. كما أن القطاع العقاري مازال واعداً، حيث إن حل مشكلة تمويل هذا القطاع سيسهم في تحفيزه بشكل أفضل مما هو عليه الآن.

إن توقعاتنا ما زالت متفائلة تجاه استمرار نمو عدة قطاعات في الاقتصاد المحلي رغم الظواهر العالمية الحالية. فاقتصادات الخليج ترتبط بالاقتصادات العالمية عن طريق سلعة واحدة هي النفط، وحيث إن هذه السلعة تجلب ريعا ضخما وتكون ثروة مالية هائلة، فإن القطاعات الاقتصادية الأخرى ستشهد نمواً قوياً لسنوات أخرى مقبلة، وستكون سوق الأسهم المحلية خير مؤشر على هذا النمو. إن استمرار طرح المزيد من الشركات هو مدعاة للتفاؤل، وفرصة واعدة لصغار المستثمرين باستمرار الاستثمار في الشركات المطروحة في السوق، خصوصاً تلك الشركات التي تطرح بقيمتها الاسمية، أو بعلاوة إصدار منخفضة. إن الذين هربوا من سوق الأسهم، والتسعوا بنارها هم أولئك الذين مارسوا المضاربة، ولم يمارسوا الاستثمار. فالمضارب الصغير لا يمكن له الكسب في السوق إلا بشكل مؤقت، ولكنه سيحقق المكاسب المرجوة في حال تركيزه على الاستثمار في السوق، لأن السوق مازالت واعدة، ومازالت معظم الشركات تنمو بشكل ممتاز. حتى أولئك المستثمرون الكبار الذين يعملون على تأسيس شركات، فإن الطاقة الاستيعابية لمزيد من الاستثمارات ما زالت قادرة على استيعاب المزيد من الاستثمارات، وفي مجالات متعددة. وتبقى مسألة إدارة تلك الشركات والاستثمارات أهم التحديات التي تجابهها في ظل تواضع الخبرات الإدارية البشرية التي ستظل سمة ضعف لبعض الشركات المنشأة حديثاًً.
وعلى أية حال، يبدو أن هذه الظواهر العالمية والمحلية لن تهدأ إلا خلال فترة بين سنتين إلى ثلاث سنوات. فقد تتراجع بعض القرارات الاستثمارية العالمية، وينحسر الطلب قليلاً، ويبدأ جانب العرض في تلبية الاحتياجات التنموية، وهو الأمر الذي ربما يسهم في استقرار السوق العالمية والمحلية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي