كيف نفرح بالعيد؟

[email protected]

شهر رمضان فرصة موسمية ودورة سنوية متميزة يتم من خلالها اكتشاف الطاقات وإطلاق المواهب الكامنة والقدرات فيقوم الإنسان بأمور قد تصعب عليه لو طلبت منه في غير هذا الموسم، فبعض الناس يشق عليهم الصيام أو الصدقة أو التوقف عن بعض الممارسات الخاطئة في غير هذا الشهر لكن ما إن يدخل رمضان إلا وتجد النفس مهيأة بشكل كامل للقيام بأعمال عظيمة وما أكثر الانتصارات الإسلامية التي حدثت في شهر رمضان، فرمضان في أساسه شهر عمل وإنتاج وتحقيق إنجازات عظيمة قد يصعب تحقيقها في باقي شهور السنة.
ولم يبق سوى يوم أو يومين وينتهي هذا الشهر الكريم ويأتي العيد، العيد الذي هو فرصة أخرى يجب علينا أن نستفيد منها وننتهزها، ولن يشعر بفرحة العيد الحقيقية من لم يصم رمضان ويقمه إيماناً واحتساباً فالعيد هو نتيجة عمل شهر كامل وهو بمثابة حفل التخرج للمشاركين في هذه الدورة السنوية وحتى نشعر بفرحة العيد الحقة يجب علينا أن نسأل أنفسنا هل قمنا بما يجب علينا في رمضان؟
لن نفرح بالعيد إن عدنا إلى ما كنا عليه قبل رمضان من تضييع للأوقات وهدر للجهود والطاقات وبعد عن الطاعات، فحقيقة الفرح بالعيد هي فرح بأن هذه النفس قد أعيد تشكيلها خلال رمضان فغدت نقية صافية طاهرة بيضاء كالثلج تأبى أن تلج مرة أخرى في وحل الخطايا والذنوب.
يجب أن نفرح بالعيد وننتهز هذه الفرصة بالتقرب أكثر فأكثر من آبائنا فنزورهم ونكرمهم كما أكرمونا في الصغر ونعطف عليهم ونقدم لهم كل آيات البر والمحبة، كما يجب أن ننتهز هذه الفرصة لنزيد من محبتنا لأبنائنا وأزواجنا فنحتفل معهم بهذا العيد ونقدم لهم الهدايا التي تعبر عن محبتنا لهم فعيد الفطر مناسبة سنوية لا تتكرر في العام إلا مرة واحدة ولن يجد الإنسان أهم ولا أعز ولا أغلى من أسرته كي يحتفل معها بهذا العيد، فمن يضمن له أنه سيفعل ذلك العام المقبل؟
إن فرحنا بالعيد يجب أن يكون من خلال تصحيح علاقاتنا بأقاربنا وجيراننا الذين قد لا نراهم طوال العام إما تقصيراً منا في ذلك، وإما قد يكون الشيطان نزغ فيما بيننا وبينهم فهي فرصة عظيمة يجب أن ننتهزها فنمد لهم يد المحبة ونبارك لهم بهذا العيد السعيد فكيف نفرح بالعيد ونحن نقاطع جاراً لنا، وكيف نفرح بالعيد ونحن نهجر قريباً لنا يمر العام تلو العام ولا نعرف شيئاً عنه، وكيف نفرح بالعيد وصديق لنا في العمل نقاطعه ولا نتواصل معه، وكيف نفرح بالعيد ونحن نعادي من يخالفنا في الرأي ونبغض ونحسد من يتفوق علينا من بني جلدتنا؟
يجب أن نفرح بالعيد فرحاً جماعياً فلا نعيش بمعزل عن مجتمعنا المحلي أو الدولي، فإن كان الله قد من علينا بالمال ليساعدنا على الفرح بالعيد فغيرنا قد حرم منه، وإن من علينا الله بنعمة وجود الأسرة فغيرنا قد يكون بعض أفراد أسرته غير موجودين إما لموت أو مرض أو بلاء آخر، وإن كنا نفرح بالعيد في وطن آمن مستقر فغيرنا يمر عليه العيد وهو خائف حذر يحيط به الموت من كل مكان ولا يستطيع أن يغادر منزله.
إن فرحتنا بالعيد يجب ألا نقتلها بالنوم أو البقاء أمام التلفاز، بل يجب أن نسخرها لكل ما فيه خير وفائدة من تنزه مع العائلة أو زيارات للأقارب أو ترفيه بريء، يجب أن نفرح بالعيد ونعده بوابة الأمل والتفاؤل، بوابة للفرح والسعادة ندخل منها بعد رمضان لتكون أوقاتنا بعد ذلك أوقات خير وبركة أوقاتا تحقق من خلالها الإنجازات ونفرح بالعديد من النجاحات.
إن فرحنا بالعيد يجب أن يكون فرحاً حقيقياً يخرج من أعماقنا ويستند إلى حقائق واقعية وليست أوهاما أو مواقف شكلية أو تقليدية، فرحاً نحن إليه ويحن إلينا، فرحاً نشعر بطعمه ونلمس أثره في قلوبنا فنحن في هذه الأيام في حاجة ماسة لأن نفرح فرحاً صادقاً وحقيقياً في ظل ما يحيط بنا من أحزان وهموم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي