إدارة محفظة الاستثمارات العقارية (1)
شهدت دول مجلس التعاون الخليجي على مدى السنوات القليلة الماضية نمواً اقتصادياً غير مسبوق يتوقع له أن يتواصل لأعوام عديدة مقبلة، الأمر الذي وفّر رساميل ضخمة تبحث عن فرص لاستثمارها. وفي الوقت ذاته، أسهمت معدلات الفائدة المنخفضة التي توفرها البنوك والمؤسسات المالية الأخرى على الودائع المضمونة، في زيادة الضغط التي ترزح تحته تلك المؤسسات لإيجاد فرص استثمارية جديدة تتيح لها تحقيق أهدافها المنشودة. وعلى الرغم من أن العديد من الناس يفترض أن الهدف الأساسي لتلك المؤسسات يتلخص في تحقيق أعلى معدل ممكن على الاستثمار، إلا أن ذلك قد لا يكون صحيحاً بالضرورة.
فالمؤسسات، عموماً، تعمل على تقييم جاذبية الاستثمارات استناداً إلى معايير ومقاييس متنوعة تشمل العائد على الاستثمار، ومستوى المخاطر، ورؤية المؤسسة المعنية وأهدافها الاستراتيجية، والموقع، وطبيعة المشروع، والقضايا السياسية وجوانب أخرى عديدة. وفي المقابل، عندما تقف المؤسسة أمام مجموعة من الخيارات الاستثمارية المتاحة، فإن هناك عوامل أخرى يجب أن تؤخذ في الحسبان أثناء اختبار المشاريع المناسبة، ومنها تنويع الاستثمار، والمنافسة، وعلاقة الاستثمارات ببعضها، ونقص الموارد، والتعارض بين المشاريع، والاستفادة من المزايا المشتركة بين المشاريع، وغير ذلك.
بعبارة أخرى، يمكن تقييم نجاح الاستثمارات من زاويتين مختلفتين، أو بالأحرى على مستويين جزئي وكلي. الأول يخص كل مشروع على حده، فيما يشمل الثاني إجمالي استثمارات المؤسسة. فعلى المستوى الجزئي، يتوقف نجاح المشروع الاستثماري على إمكانية إنجازه حسب مواعيد إنجاز المشروع والخروج منه دون أي تجاوز للميزانية التقديرية، مع تحقيق الفوائد المتوقعة. أما على المستوى الكلي، فيتم قياس النجاح بمدى قدرة الاستثمار الإجمالي على تحقيق الأهداف الاستراتيجية وتلبية احتياجات المالك والمستخدم وغيرهم من الأطراف المعنية بالاستثمارات.
ومن بين القطاعات التي تواصل تحقيق فوائد كبيرة من المستثمرين في منطقة مجلس التعاون الخليجي، القطاع العقاري الذي يشهد إعلاناً تلو آخر عن مشاريع تطوير مدن وأحياء جديدة من قبل مؤسسات القطاعين العام والخاص في الإمارات، السعودية، قطر، الكويت، وعمان إلى حد ما. وتقدر قيمة كل واحد من تلك المشاريع الاستثمارية بنحو 200 إلى 600 مليار درهم إماراتي، فيما تتراوح مدد إنجازها بين 10 و35 عاماً.
ويتمثل أحد تلك المشاريع الاستثمارية الكبرى التي تم الإعلان عنها أخيرا في خطة التطوير العمراني الشاملة لمدينة أبوظبي لتلبي احتياجات 3.1 مليون نسمة في العاصمة و7.9 مليون زائر سنوياً بحلول عام 2030. والخطة تضع معايير لمدينة عالمية بمعالم وحدود واضحة ومخططات دقيقة للمشاريع المزمعة في المساحة المخصصة، والتي تشمل منشآت تجارية وسكنية وترفيهية وصناعية. وتقدر الأموال التي ستنفق على تلك الاستثمارات بين 500 و600 مليار درهم إماراتي، علماً أن الحكومة ستنفذ 30 إلى 40 في المائة من تلك المشاريع المخططة، في حين سيتولى القطاع الخاص تنفيذ العدد الأكبر منها.
ولتحقيق هذه الرؤية، وضع "مجلس أبوظبي للتخطيط العمراني" مجموعة أهداف لثلاث مراحل زمنية محددة بـ 2013 و2020، و2030 تشمل كل منها تطوير مساحات خاصة بمنشآت سكنية وتجارية وصناعية إضافة إلى المدارس والمستشفيات والفنادق وملاعب الجولف، ومؤسسات التعليم العالي. وتحقيق هذه الأهداف يتطلب إطلاق العديد من المبادرات والتي تشمل إنشاء مشاريع سكك حديدية سريعة للنقل والشحن، ونظام قطارات داخلي، وطرق سريعة مجانية، ومنطقة أعمال مركزية جديدة وغير ذلك.
* الرئيس التنفيذي ومؤسس شركة "سي إم سي إس"