حالات الطلاق في المملكة بدأت تزداد من حيث العدد من حيث نسبتها إلى عدد السكان, وبما أن الطلاق مشكلة نفسية اجتماعية ويعد من الظواهر في جميع المجتمعات مع تزايد الضغوط الحياتية, ما يجعل الكثير من الأشخاص في ظل تلك الضغوط أكثر سرعة وحمقا في اتخاذ قرار الطلاق قبل أن يعالج مشكلة وأسباب عدم التوافق الزوجي التي تؤدي إلى الطلاق كالتوافق الفكري وتوافق الشخصية والانسجام العاطفي, إضافة إلى الصدمات النفسية والاجتماعية التي قد تعرض لها أحد الزوجين خلال مسيرة نموه, وأيضا الاختلاف في العادات والتقاليد الأسرية من أسرة إلى أسرة ومن مجتمع إلى مجتمع والموروثات الفكرية التي تبني عند أحد الزوجين نوعا من البنية المعرفية سواء سلبية أو إيجابية.
لقد استشعرت المملكة خطورة الأمراض الوراثية وما تشكله من عبء اقتصادي وضغط على الخدمات الصحية والتأهيلية وأيضا الأسرية, ففرضت على المجتمع مشروع فحص ما قبل الزواج الذي تبنته وزارة الصحة وأدى إلى تفاعل اجتماعي حد إلى حد ما من العواقب الناتجة عن القضايا الوراثية.
وبما أن الطلاق أصبح مشكلة ملموسة ومحسوسة لدى أغلب الأسر فإن الحاجة تتطلب تأهيل الزوجين لمرحلة ما بعد الزواج من خلال برامج تدريبية تقوم عليها وزارة الصحة ووزارة الشؤون الاجتماعية ومراكز التدريب والجهات الشرعية, فمن خلال تقصي الأسباب التي تؤدي إلى الطلاق اتضح أن أغلب تلك الأسباب يعانيها أغلب الناس, فليس هناك إنسان من دون صدمات أو خبرات أو مورثات أو مزاج خاص به أو اهتمامات شخصية ومشكلات شخصية واجتماعية, وليس هناك إنسان يتزوج وهو كالثوب الأبيض خرج من بيت أهله كما ولدته أمه, ومن هذا المنطلق فإن افتقار أو ضعف مهارات الأشخاص في التعامل فيما بينهم تشكل المحور الأساسي في تنافرهم وعدم تقبل بعضهم بعضا وتنامي سوء الفهم وتقدير المواقف والتسرع في إصدار الأحكام والقرارات.
وقد لاحظت كأحد اختصاصيي السلوك البشري أن البناء المعرفي للإنسان يقوده إلى الكثير من المعتقدات والتفسيرات والتأويلات وبقدر ما يكون ذلك البناء إيجابيا تكون ردة الفعل وبقدر ما يكون لدى الإنسان مهارات اتصالية عالية يصبح إنسانا متوافقا اجتماعيا وأسريا ومهنيا ويتمتع بصحة نفسية جيدة
