صحف ومجلات داروينية

ظهرت الصحف والمجلات الإلكترونية منذ فترة طويلة لكنها ليست بطول الصحف الورقية، وتحدثنا عن حجم البساط الكبير الذي سحبته عن الصحف الورقية لعدة اعتبارات نعيد أن من أهمها كون القارئ لجأ إلى الإنترنت في التلقي وأن القارئ أصبح يبحث عن ثقافة الصورة بشكل أكبر خاصة مع الاعتناء الضئيل - في ذلك الوقت - بالمواقع الإلكترونية التابعة للصحف الورقية بالمادة والإخراج والتصميم وعدة جوانب لم يكن يهتم المسؤول عن الموقع بوجود اعتبار لها عند القارئ.
لكن الآن من جديد عادت الصحف الورقية العريقة وأثبتت أن البقاء للأقوى وأنها الأقوى، وأثبتت معها أن هذه الصحف والمجلات التي بدأت من خلال الإنترنت كانت طفرة عابرة لم يبق منها الآن على قيد المتابعة الجادة إلا ما تكاد تعد على الأصابع.
التفات العديد من القراء إلى الصحف والمجلات الإلكترونية جعل الصحف الورقية تتنبه إلى هذا التراجع مما دعاها إلى الاهتمام بمواقعها الإلكترونية، لذلك شهدنا تحولات كبيرة في المواقع في الآونة الأخيرة، بل أصبح بعضها يقدم خدمات إلكترونية خاصة لم تندرج ضمن النسخة الورقية من أجل جذب القارئ الإلكتروني مثل التصويتات التي تفعلها صحيفة "الرياض" مثلاً، ومثل العداد الذي كان موجودا مسبقاً في النسخة السابقة لصحيفة "الاقتصادية" وحالياً ما زال في صحيفة "الوطن" يبين للقارئ المقال الأكثر قراءة والأكثر تعليقات والأكثر حفظاً في الموقع للعدد اليومي، فضلاً عن إتاحة فرصة التعليقات للقراء في كل مادة في الموقع الإلكتروني للصحيفة مما فتح لهم باب مشاركة الرأي والتواصل مع الكاتب، حتى أن الحرية في التعليقات باب مفتوح على مصراعيه وهذا دائماً يعني الكثير للقارئ المتابع!.
هذه العودة للصحف الأم في الإنترنت أدى إلى عودة اسمها من جديد - وهو لم يغب من الأساس - كصحف ورقية رئيسية في حياتنا، ولكن هذا الاهتمام بقراء الإنترنت ومواكبة التحول من قبل القائمين على الصحف يعد خطوة إيجابية من أجلها، ونلاحظ أيضاً أن بعض الصحف لم تتوقف عند هذا الحد بل أصبحت تخصص زوايا في صفحاتها تخص الإنترنت وعالمه، كما فعلت إحدى الصحف الورقية عندما خصصت في صفحتها الثقافية زاوية أسبوعية للاقتباس من المدونات الإلكترونية.
قارئ الإنترنت وإن كان العديد منهم قراء عابرون إلا أنهم جمهور كبير جداً وأصبح الآن مؤثراً فاعلاً في الوسط الإعلامي لذا أصبح التنافس عليه حاميا وكسبه ربحا، خاصة أنه يهتم كثيراً أيضاً بالمواقع التي تهتم بكون القارئ هو من يعد لأجله كل هذا الجهد، لأنه يراه من منظور احترام لفكره ورأيه وكينونته، مما يجعله يتقبل أو يرفض بعضها وهذا ما يتحكم بمدى قدرة الصحيفة أو المجلة على البقاء على قيد الحياة / المتابعة.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي