default Author

عقد اجتماعي جديد يلائم القرن الـ 21 "3 من 3"

|
في الوقت الحاضر إذا استطاع المتميزون أشباه أينشتاين المحرومون من الفرص -سواء كانوا نساء أو أقليات أو محدودي الدخل- الابتكار بالدرجة نفسها التي يبتكر بها الرجال البيض المنحدرون من أسر مرتفعة الدخل، فمن الممكن أن يزداد معدل الإنجازات المحققة بمقدار أربعة أضعاف Bell and others 2017.
فكيف يمكننا الاستفادة من كل تلك المواهب؟ يمكن ذلك بأن نبدأ مبكرا: فأول ألف يوم من حياة الإنسان هي الأهم لنموه العقلي. والتدخل أثناء هذه الفترة هو أكفأ الطرق لتحقيق تكافؤ الفرص وتوفير المهارات التأسيسية للتعلم في المستقبل.
كذلك فإن التغذية الإضافية للأطفال في مرحلة ما قبل المدرسة والمساعدة على تعزيز مهارات التربية الوالدية تسهمان في تحقيق نتائج تعليمية أفضل ودخول أعلى في الحياة العملية لاحقا. ففي جامايكا على سبيل المثال خلصت الدراسات إلى أن الأطفال الصغار الذين كان يزورهم اختصاصيون في الصحة المجتمعية مرة واحدة أسبوعيا أصبحوا بعد مرور 20 عاما يتقاضون دخلا أعلى بنسبة 42 في المائة مقارنة بالأطفال الذين لم يحصلوا على مثل هذا الدعم Gertler and others 2014.
وينبغي أن يتاح لكل الشباب حق الحصول على التعليم والتدريب وموارد مالية تتوافر لهم مدى الحياة لتغطية التكلفة المطلوبة لتنمية مهارات إضافية طوال حياتهم العملية التي ستكون أطول بكثير. وتوضح مئات الدراسات حول تعلم البالغين كيف أن الروابط القوية مع أرباب العمل والتدخل المبكر والتمويل المستمر يمكن أن تبقي الأفراد في سوق العمل وتحافظ على مساهمتهم المستمرة في المجتمع.
وبينما حقق معظم الدول المساواة في فرص التعليم المتاحة للبنات والبنين، فإن النساء لا يزلن أقل حظا في مكان العمل لأنهن تؤدين أعمالا منزلية غير مدفوعة الأجر لمدة تزيد بنحو ساعتين يوميا مقارنة بالرجال. ومن خلال منح إجازات والدية أكثر سخاء، وتقديم تمويل حكومي لدعم الأسر، وتقسيم العمل في المنزل بصورة أكثر إنصافا، يمكن الاستفادة من مواهب الإناث بصورة أفضل والسماح لعدد أكبر من الأفراد بالمساهمة في المصلحة العامة.
هل هو ميسور التكلفة؟
لا يتعلق العقد الاجتماعي الجديد بزيادة الضرائب، أو زيادة إعادة التوزيع أو تحقيق دولة رعاية أكبر، بل إنه يتعلق بعملية إعادة ترتيب جوهرية لكيفية توزيع الفرص ومقومات الأمن وتحقيق المساواة في توزيعهما على كل أفراد المجتمع. ومن شأن هذا أن يرفع الإنتاجية ويحقق مزيدا من الكفاءة في اقتسام المخاطر المثيرة لقدر كبير من القلق فيما يتعلق برعاية الأطفال والصحة والعمل والشيخوخة. وينبغي أن نفرض الضرائب على الأشياء التي نرغب في الحد منها، مثل الكربون والتدخين، وأن ندعم أسعار الأشياء التي نرغب في زيادتها، مثل التعليم والاقتصاد الأكثر خضرة. وبإعطاء كل فرد فرصة استخدام مواهبه والمساهمة بها، يمكن تقليل الحاجة إلى إعادة التوزيع فيما بعد.
إن وجود نظام دولي يسمح بمثل هذا التحول هو أمر ضروري. ويعني هذا ضمان أن تتوافر للمؤسسات المالية الدولية الموارد اللازمة لمساعدة المجتمعات على الاستثمار في تحقيق الحد الأدنى للدخل وتوفير التعليم والرعاية الصحية، ودعم كل منها. ويعني أيضا إرساء قواعد أفضل بشأن نظام الضرائب العالمية حتى تدفع الشركات الضرائب في مكان مزاولة النشاط الاقتصادي لمصلحة الناس حيث تعمل تلك الشركات. ومن شأن هذا النظام الدولي تدعيم الاقتصاد العالمي بعقد اجتماعي يجمع بين الكفاءة والإنصاف، وبالتالي فمن الأرجح أن يتحقق له التأييد الشعبي.
إنشرها