default Author

عقد اجتماعي جديد يلائم القرن الـ 21 «2 من 3»

|
على أقل تقدير، ينبغي للمجتمعات أن تضمن حصول العمال على حزمة رعاية صحية أساسية، وحد أدنى من معاشات التقاعد الحكومية لمنع العوز في سن الشيخوخة. وينبغي أن تتاح لهم إجازات مرضية، وتأمينات بطالة، وفرص اكتساب مهارات جديدة بغض النظر عن نوع عقد العمل. وفي الاقتصادات النامية، يعني هذا جذب مزيد من العمال إلى القطاع الرسمي، وفي الاقتصادات المتقدمة يعني هذا إلزام أرباب العمل بدفع مزايا للعمالة المرنة. وخلاصة القول: إن كل فرد يجب أن يحظى بحد أدنى من الأمن الوظيفي الذي يكفل له حياة كريمة.
المخاطر المشتركة
يتحمل الأفراد مخاطر مفرطة في مجتمعنا، في حين أن إدارة هذه المخاطر يمكن أن تكون أكثر كفاءة إذا تولاها آخرون أو تمت على أساس جماعي. ومرونة رب العمل أمر ممكن فيما يتعلق بإمكانية توظيف العمال وفصلهم تبعا لظروف السوق، وذلك إذا ما ضمن للعمال الحصول على تأمينات البطالة وفرص إعادة التدريب إلى أن يجدوا عملا جديدا. وينبغي اقتسام المخاطر الناجمة عن الصدمات الاقتصادية بين أرباب العمل والمجتمع ككل وألا يتحملها الأفراد وحدهم.
وينبغي استعادة التوازن على النحو نفسه في اقتسام المخاطر المتعلقة برعاية الأطفال والصحة والشيخوخة. فليس من الواضح، على سبيل المثال، لماذا يتحمل أرباب العمل في العادة تكاليف الإجازات الوالدية في حين أن تمويلها من خلال الضرائب العامة من شأنه إرساء بيئة أكثر دعما لقواعد المنافسة العادلة للرجال والنساء في سوق العمل وتحميل الشركات عبئا أقل، ولا سيما الشركات الأصغر حجما.
وبالمثل، يدار عديد من المخاطر الصحية بكفاءة أكبر من خلال تجميعها بين عدد كبير من السكان مع تحفيز الأفراد بقوة على إدارة المخاطر باتباع نظام غذائي صحي وممارسة الرياضة. وسيضمن ربط سن التقاعد بمتوسط العمر المتوقع أن يدخر الأفراد ما يكفي لتقاعدهم. ويمكن تمويل الأمن المالي في سن الشيخوخة من خلال الضرائب العامة بدلا من ربطه بالعمل كما جرت العادة لكن الالتحاق التلقائي ببرامج التقاعد والتأمينات لرعاية كبار السن من شأنه أن يمنح الناس مزيدا من الأمن في نهاية حياتهم.
الفرص
كثيرا ما تهدر المواهب لأن الناس لا يحصلون على فرص للتقدم. ففي الدنمارك، على سبيل المثال، يستغرق الأمر نحو جيلين في المتوسط كي يرتفع دخل الفرد من المستوى الأدنى إلى المستوى المتوسط، وفي المملكة المتحدة والولايات المتحدة، يستغرق الأمر خمسة أجيال، وفي دول مثل البرازيل وكولومبيا وجنوب إفريقيا يستغرق الأمر أكثر من تسعة أجيال. وفي معظم الدول يميل هيكل الفرص إلى كبح تقدم النساء والأقليات والأطفال المنتمين لأسر أو أماكن فقيرة.
غير أن الاستفادة من مواهب كل فرد ليست مسألة إنصاف فحسب، بل إنها تعود بالنفع على الاقتصاد أيضا. فمثلا، تعزى إلى التوظيف الأفضل لكل المواهب في المجتمع نسبة تراوح بين 20 و40 في المائة من مـكاسب الإنتاجية في الاقتصاد الأمريكي بين عامي 1960 و2010 "Hsieh and others 2019". وبدلا من الاعتماد على مجموعة محدودة من المواهب تتركز أساسا في الرجال البيض، قضت التعديلات التي أدخلت على القوانين والأعراف المتبعة بأن أرباب العمل يمكنهم الاختيار من بين مجموعة أوسع من المهارات والتوفيق بين الأفراد والوظائف الأنسب لهم... يتبع.
إنشرها