الاقتصاد العالمي 2013

تباين في توقعات المؤسسات الدولية حول أداء الاقتصاد الخليجي

تباين في توقعات المؤسسات الدولية حول أداء الاقتصاد الخليجي

أجمعت التقارير الدولية على أن اقتصادات دول منطقة الخليج ستسجل خلال العام الجاري نموا, إلا أنها اختلفت في...

ميزانيات دول الخليج «التحفيزية» في 2013 وقاية من ركود اقتصادي عالمي «محتمل»

ميزانيات دول الخليج «التحفيزية» في 2013 وقاية من ركود اقتصادي عالمي «محتمل»

رجح الدكتور عبد العزيز العويشق الأمين العام المساعد لدول مجلس التعاون الخليجي لشؤون المفاوضات والحوار...

Author

دول مجلس التعاون الخليجي في قلب التنمية المستدامة

|
كان الاعتقاد السائد في الماضي لدى المجتمع الدولي بأن دول مجلس التعاون الخليجي تسير بخطىً بطيئة فيما يخص قضايا الاستدامة وتغير المناخ، إلا أنها غدت اليوم من أنشط دول العالم على صعيد التعاون الدولي في هذا الشأن. وأحدث دليل على ذلك هو استضافة دولة قطر الشقيقة لمؤتمر الأطراف الثامن عشر لاتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ الذي اختتم أعماله أخيرا. لقد شكل انعقاد المؤتمر في منطقتنا إنجازاً بارزاً بحد ذاته، فهذه المرة الأولى التي تتم استضافة هذا الحدث العالمي في دول مجلس التعاون الخليجي. وبفضل الجهود الكبيرة التي بذلت من كافة الأطراف، والدعم المتواصل من القيادة القطرية، حقق المؤتمر نجاحات ملحوظة في العديد من القضايا المطروحة ضمن أهدافه الرئيسية. وتمثل أول هذه الأهداف في تمديد ''بروتوكول كيوتو'' رسمياً لفترة التزام ثانية، مما يعني تجديد التزامات مجموعة من الدول المتقدمة بخفض الانبعاثات، وضمان استمرارية العمل بآلية التنمية النظيفة التي تلعب دوراً أساسياً في تحفيز الاستثمار بمشاريع خفض الانبعاثات الكربونية في البلدان النامية ونشر تقنيات الطاقة النظيفة. وتم بموجب الاتفاقية وضع اللمسات النهائية على مجموعة شاملة من الآليات وأطر العمل واسعة النطاق، وكان من أبرزها آلية جديدة تركز بشكل أساسي على تعزيز التنمية ونقل التكنولوجيا من أجل خفض الانبعاثات ومساعدة البلدان على التكيف مع تداعيات تغير المناخ. ومن النتائج المهمة أيضاً إطلاق عملية لصياغة اتفاقية جديدة للمناخ وذلك بموجب ''برنامج عمل ديربان'' لكي تكون أساساً للتعاون الدولي للفترة بعد عام 2020. علاوة على ما سبق، شكّل قرار تعزيز مشاركة المرأة في هذه العملية أحد الإنجازات المهمة الأخرى للمؤتمر؛ فهو بلا شك قرار تاريخي حرصت دولة الإمارات العربية المتحدة على دعمه والمشاركة فيه. ونحن فخورون باتخاذ هذا القرار في أول مؤتمر للأطراف ينعقد في دول مجلس التعاون الخليجي. وأخيراً، وافق مؤتمر الأطراف على الاقتراح الذي تقدمت به دولة الإمارات العربية المتحدة إلى جانب قطر والبحرين والمملكة العربية السعودية، لتمكين البلدان من تقديم ''خطط التنويع الاقتصادي''. ويشمل ذلك اتخاذ تدابير ترمي إلى الحد من الانبعاثات الكربونية والوقاية من تأثيرات تغير المناخ عبر بناء اقتصاد أكثر تنوعاً وقوة. #2# ويتلاءم هذا النهج مع الظروف الخاصة بالدول التي تعتمد بشكل كبير على إنتاج الوقود الأحفوري، ويسلط الضوء على مساهمتنا الهامة في التصدي لتغير المناخ، وقد أعربت الدول الخليجية الأربع عن عزمها المضي قدماً في تنفيذ هذه الخطط. ورغم أن اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية لتغير المناخ تنطوي على مباحثات طويلة ومعقدة تتقدم ببطء، ولكن لها أهمية كبيرة في تحفيز ودفع إجراءاتٍ وخطوات عملية لتنفيذ مشاريع في مجال الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة على المستوى الدولي. ومما لا شك فيه أن الإنجازات التي تحققت خلال المؤتمر الثامن عشر ستساعد على المضي قدماً في السياسات التي تعزز انتشار حلول الطاقة المتجددة والتقنيات النظيفة. من ناحية أخرى، شكل المؤتمر الثامن عشر للأطراف فرصة لتعريف العالم بالجهود العملية التي تتخذها دول مجلس التعاون الخليجي في مجال الطاقة النظيفة، ففي حين كنا - ولا نزال - من أكبر مزودي الطاقة التقليدية، إلا أننا نسير بخطى واثقة لنصبح أيضاً مركزاً رئيسياً لنشر تقنيات الطاقة الجديدة. وتعود بداية هذا التحول إلى عام 2006 مع دخول دولة الإمارات العربية المتحدة، ولأول مرة، إلى عالم الاستثمار في الطاقة المتجددة من خلال مبادرة ''مصدر'' في أبوظبي، فقد أخذت على عاتقها مهمة الاستثمار في مجال الطاقة المتجددة على نطاق واسع، سواء في الداخل أو الخارج. فأنشأت بالتعاون مع معهد ماساتشوستس للتكنولوجيا معهد مصدر كجامعة بحثية للدراسات العليا التي تركز على بحوث التكنولوجيا النظيفة. كما تعمل ''مصدر'' على بناء مدينة مستدامة لتكون مركزاً لاختبار أحدث تقنيات الاستدامة والطاقة النظيفة. ومنذ ذلك الحين، شهد القطاع تطورات متسارعة حيث بادرت كل من أبوظبي ودبي إلى وضع أهداف محددة للطاقة المتجددة، ومعايير إلزامية لكفاءة الطاقة في قوانين البناء ومكيفات الهواء. وبالتزامن مع ذلك، تعمل أبوظبي على بناء محطة للطاقة النووية السلمية بطاقة إنتاجية تصل إلى 5,6 جيجاواط، في حين اتخذت الدولة خطوة رائدة على صعيد وسائل النقل الجماعي مع إنشاء أول نظام للسكك الحديدية الخفيفة في المنطقة. وتستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة أيضاً مقر الوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، وهي أول منظمة دولية متعددة الأطراف تتخذ مقرها في منطقة الشرق الأوسط، وستركز على نشر تطبيقات استخدام الطاقة المتجددة عالمياً. وقد بدأ هذا التوجه فعلياً في الاتساع والنمو، حيث أصبح لدى كل دولة من دول مجلس التعاون الخليجي الآن أهداف محددة للطاقة المتجددة؛ إذ أعلنت قطر أخيرا عن محطة لتحلية مياه البحر بالطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية تصل إلى 1800 ميجاواط، حيث سيلبي هذا المشروع معظم احتياجاتها من المياه. كما أعلنت المملكة العربية السعودية عن تنفيذ مشاريع للطاقة الشمسية بطاقة إنتاجية ستصل إلى 45 جيجاواط بحلول عام 2032 – وهو من أكثر أهداف الطاقة المتجددة طموحاً في العالم. ومازلنا نواجه تحديات كبيرة نظراً للمناخ الحار في دول مجلس التعاون الخليجي واعتمادها الكثيف على الطاقة لإتمام بنيتها التحتية. أضف إلى ذلك، شح موارد المياه العذبة، مما يجعل الاستدامة في صلب المواضيع التي يجب التصدي لها لضمان استمرارية التنمية والازدهار في منطقتنا. وفي هذا السياق، كان لدولة الإمارات العربية المتحدة وأشقائنا في دول مجلس التعاون الخليجي، مشاركات نشطة في الحوار الدولي بشأن التنمية المستدامة؛ فقد سجلنا في يونيو الماضي مشاركة ناجحة وفعالة في قمة الأرض في ريو دي جانيرو، وساعدنا في طرح فكرة تحديد ''أهداف التنمية المستدامة''. ويأتي الإنجاز الذي حققته قطر أخيرا عبر استضافتها الناجحة لمؤتمر الأطراف امتداداً لهذا الزخم. واستمراراً لهذه الجهود، ستستضيف دولة الإمارات العربية المتحدة ''أسبوع أبوظبي للاستدامة'' في الفترة ما بين 13 و17 من يناير المقبل، حيث يستند هذا الحدث في الأساس إلى ''القمة العالمية لطاقة المستقبل'' التي أصبحت الحدث السنوي الأبرز للطاقة النظيفة في العالم. وانطلاقاً من إيماننا بأهمية التكامل في جهود التصدي لتحديات الاستدامة، ارتأينا الجمع بين عدة أحداث أخرى تحت مظلة فريدة من نوعها، حيث يضم أسبوع أبوظبي للاستدامة، القمة العالمية للمياه، والمؤتمر الدولي للطاقة المتجددة، واجتماع الجمعية العامة للوكالة الدولية للطاقة المتجددة (أيرينا)، وحفل تكريم الفائزين بجائزة زايد لطاقة المستقبل، والاجتماع الأول لوزراء الطاقة في الدول العربية ودول أمريكا الجنوبية، إضافة إلى سلسلة من جلسات النقاش وورش العمل. ونحن على ثقة بأنه من خلال الجمع بين هذه الأحداث، سيحقق أسبوع أبوظبي للاستدامة نتائج هامة، خاصة في ضوء الترابط الوثيق بين قضايا المياه والطاقة في جميع أنحاء العالم. وبالنسبة لدول مجلس التعاون الخليجي، تشكل تحلية المياه مصدراً رئيسياً للمياه العذبة وعنصراً أساسياً من عناصر الطلب على الطاقة، كما تعتبر قطاعات ضخ ومعالجة ونقل المياه من المستهلكين الرئيسيين للطاقة. وفي المقابل، فإن إنتاج الطاقة يتطلب كميات كبيرة من المياه من أجل التبريد. وتدرك دول مجلس التعاون الخليجي أهمية العلاقة التي تربط بين قضايا الطاقة والمياه والغذاء. وإننا على يقين بجدارتنا وقدرتنا على أن نكون في قلب الجهود العالمية ذات الصلة بوضع السياسات العامة وحفز القطاع الخاص على الاستثمار في الحلول الكفيلة بالتصدي لتحديات التنمية المستدامة، علماً بأن التصدي لتلك التحديات يتطلب القدرة على الابتكار والالتزام من القادة في جميع أنحاء العالم. وكلنا أمل بأن نتمكن خلال اجتماعنا في ''أسبوع أبوظبي للاستدامة'' الشهر المقبل، من الارتقاء بمستويات الابتكار والالتزام إلى آفاق جديدة.
إنشرها
شركات البتروكيماويات أمام محفزات 2013 الاقتصادية وتحديات أسعار الغاز
شركات البتروكيماويات أمام محفزات 2013 الاقتصادية وتحديات أسعار الغاز

قال مختصون واقتصاديون إن قطاع البتروكيماويات في السعودية في حاجة إلى التحول من تصنيع المنتجات الأولية إلى...

بعد التصفية والتصنيف .. ملف المساهمات العقارية المتعثرة يتضح في 2013
بعد التصفية والتصنيف .. ملف المساهمات العقارية المتعثرة يتضح في 2013

دخلت المساهمات العقارية المتعثرة في السعودية مرحلة جديدة في تاريخها الطويل الذي امتد على نحو 40 عاماً، وذلك...

ملامح العام الجديد برؤية دول العالم
ملامح العام الجديد برؤية دول العالم

ميركل: 2013 .. عام أكثر صعوبة اقتصادياً من 2012 ...

أوروبا وأزمة القيم

أوروبا وأزمة القيم

إن كراهية الأجانب والتطرف من أعراض المجتمعات التي تمر بأزمة عميقة. ففي عام 2012، فاز حزب الفجر الذهبي...

توقعات بتجاوز مؤشر سوق الصكوك السعودية حاجز الـ 1000 نقطة هذا العام

توقعات بتجاوز مؤشر سوق الصكوك السعودية حاجز الـ 1000 نقطة هذا العام

رجح تحليل مالي متخصص نمو السيولة في سوق الصكوك والسندات السعودية في 2013 ليصل إجمالي قيمة التداول نحو 866...

10 % مكاسب سوق الأسهم السعودية في 2013
10 % مكاسب سوق الأسهم السعودية في 2013

توقعت دراسة تحليلية لوحدة التقارير الاقتصادية في صحيفة ''الاقتصادية'' تحقيق سوق الأسهم السعودية في 2013...

Author

النمو والبطالة في المملكة

|
شهدت المملكة نمواً اقتصادياً جيداً خلال السنوات الماضية بالأسعار الحقيقية والأسعار الجارية، حيث ارتفع الناتج المحلي الإجمالي من 604 مليارات ريال في عام 1999م إلى أكثر من 2300 مليار ريال في عام 2012م، أما الناتج المحلي الإجمالي الحقيقي فارتفع خلال فترة الـ 13 سنة الماضية بمتوسط سنوي نسبته 3.9 في المائة تقريباً. ونظراً لكون القطاع غير النفطي بشقيه الحكومي والخاص هو الموظف للأغلبية الساحقة من العمالة، فإن النمو في هذا القطاع هو المتسبب في رفع توظيف العمالة، أما النمو في القطاع النفطي خلال السنوات القليلة الماضية فقد كان تأثيره محدوداً في التوظيف بسبب اعتماد هذا القطاع على رأس المال. ويوظف القطاع النفطي أعداداً محدودة تقل عن 1 في المائة من إجمالي حجم القوى العاملة في المملكة. وللتصدي للبطالة ينبغي التركيز على النمو في القطاع غير النفطي، حيث نما بشقيه الحكومي والخاص خلال فترة الـ 13 سنة الماضية بنسبة 4.7 في المائة سنوياً. ورغم معدل النمو الجيد للقطاع غير النفطي خلال الفترة فقد شهدت المملكة تزايداً في عدد المواطنين العاطلين عن العمل، حيث تشير بيانات مصلحة الإحصاءات العامة والمعلومات المتعلقة بالعمالة في المملكة, إلى ارتفاع معدلات البطالة بين السعوديين. وتزايد بموجب هذه البيانات عدد العاطلين السعوديين عن العمل خلال فترة الـ 13 سنة المنتهية في عام 2012م من 229 ألف شخص في عام 1999م إلى نحو 588 ألف شخص في 2012، وهو ما يمثل نسبة نمو سنوي خلال الفترة تقارب 7.5 في المائة. وقد ارتفعت معدلات البطالة بين السعوديين من 8.1 في المائة من إجمالي القوة العاملة السعودية في عام 1999م إلى 12.2 في المائة في عام 2012م. وكان حجم قوة العمل في المملكة قد بلغ نحو 5.8 مليون شخص في عام 1999م من بينهم نحو 2.8 مليون سعودي يمثلون نسبة مقدارها 48.3 في المائة من إجمالي قوة العمل في المملكة في ذلك الوقت. وارتفعت قوة العمل السعودية إلى نحو 4.8 مليون شخص في عام 2012م، مشكِّلةً نحو 45 في المائة من إجمالي القوة العاملة في المملكة, التي يصل عددها إلى نحو 10.8 مليون شخص في عام 2012م. ونمت قوة العمل الإجمالية في المملكة خلال فترة الـ 13 سنة الممتدة بين عامي 1999 و 2012م بمعدل سنوي بلغ نحو 4.8 في المائة سنوياً. وبلغ معدل نمو قوى العمل السعودية في الفترة نفسها نحو 4.2 في المائة سنوياً. وفاقت نسبتا النمو السنوية لقوى العمل الإجمالية والسعودية نسبتي النمو السكاني السنوية لجميع السكان والسكان السعوديين خلال الفترة والبالغتين 3.0 في المائة، 2.4 في المائة. وارتفاع معدل نمو القوى العاملة الإجمالي والخاص بالسعوديين مقارنةً بنمو السكان, جاء بسبب ارتفاع نسبة مشاركة السكان في قوى العمل وخصوصاً قوة العمل النسائية والشبابية. وتنتج البطالة بشكل عام من تراجع النشاط الاقتصادي وانخفاضه تحت مستوياته الكامنة. وأدت الأزمة المالية العالمية إلى ارتفاع معدلات البطالة بنسب مرتفعة بسبب التراجع الكبير في معدلات النمو الاقتصادي بل وحدوث انكماش في معظم الدول المتقدمة. وكلما انخفض الناتج المحلي الإجمالي تحت مستويات التوظيف الكامل للعمالة, ارتفعت نسبة البطالة. وتحاول دول العالم التصدي لتراجع النمو الاقتصادي من خلال سياسات تنشيط الاقتصاد بشتى الطرق وتتبنى سياسات التحفيز المالي والنقدي لتجنب ارتفاع معدلات البطالة. ولكن سياسات التنشيط قد لا تكون كافية للتصدي لمعدلات البطالة التي تتركز بدرجة أكبر في فئات معينة من المجتمع، ويكون هذا التركيز ناتجاً عن عوائق بنائية تتطلب إضافة إلى تحفيز النمو حلولاً أخرى، كالتصدي للتمييز بين بعض فئات المجتمع، أو رفع إنتاجية هذه الفئات من خلال التدريب والتأهيل المناسب، أو سد فجوة نقص المعلومات حول الوظائف والعمالة، أو كسر الاحتكار، أو محاربة الفساد وخصوصاً المتصل بالتوظيف، أو فتح القطاعات للاستثمار الأجنبي، أو تخصيص المزيد من القطاعات الاقتصادية، أو خفض التركيز على الريع في الاقتصاد وزيادة مساهمة العمل، أو إصلاح الأنظمة التي قد تشجع ولو بشكل ضمني على البطالة. واختلاف الاقتصاد السعودي عن كثير من الاقتصادات العالمية في ارتفاع معدلات البطالة حتى في أوقات النمو الاقتصادي القوي، يطرح تساؤلات لدى المختصين والمراقبين عن أسباب عدم فاعلية النمو الاقتصادي القوي خلال السنوات الماضية في خفض معدلات البطالة بين السعوديين. فهل فشل النمو الاقتصادي في المملكة في خفض معدلات البطالة؟ وقبل الحكم على فشل النمو الاقتصادي في خفض البطالة يجب أن نتذكر أن النمو الاقتصادي لا يخفض معدلات البطالة مباشرةً ولكنه يخفضها من خلال زيادة عدد الوظائف في الاقتصاد. من جهةٍ أخرى، فإن جزءا من معدلات النمو الاقتصادي المرتفعة كان ناتجا عن النمو في قطاعات توظف أعدادا قليلة من العمالة بسبب ارتفاع كثافتها الرأسمالية، وهذا ما حدث في قطاع البتروكيماويات الذي تضاعفت طاقاته الإنتاجية عدة مرات ولكنه وظف أعداداً إضافية محدودة من العمالة. وعند النظر بتعمق إلى بيانات التوظيف يتبين نجاح نمو المملكة الاقتصادي في توليد ملايين فرص عمل إضافية للسعوديين على الرغم من قصور النمو الاقتصادي في خفض معدلات البطالة بين المواطنين. وتظهر بيانات التوظيف نجاح النمو الاقتصادي في توليد نحو 1.7 مليون فرصة عمل إضافية للسعوديين خلال الـ 13 عاماً الماضية، أي أن النمو الاقتصادي أفلح في توظيف نحو 85 في المائة من الأيادي العاملة الوطنية الإضافية. وقد تركزت زيادة العاطلين عن العمل الكبيرة في القوى العاملة النسائية بالدرجة الأولى (وخصوصاً في الحاصلات على الشهادات الجامعية)، والشبابية. وتركز الزيادة في فئات معينة مؤشر على وجود معضلات بنائية ينبغي التغلب عليها لخفض البطالة في هذه الفئة. ويلاحظ من بيانات العمالة أن نسبة السعوديين إلى إجمالي قوة العمل تراجعت بعض الشيء خلال الفترة، كما أن معدلات بطالتهم تزايدت خلال الفترة على الرغم من النمو الاقتصادي القوي خلال السنوات القليلة الماضية. وتشير هذه البيانات أيضاً إلى وجود علاقة إيجابية بين النمو الاقتصادي ومستويات توظيف السعوديين والأجانب في الوقت نفسه. وأثر النمو الاقتصادي إيجابياً وبقوة في معدلات البطالة بين قوى العمل الأجنبية، حيث تراجعت من نحو 1 في المائة قبل أكثر من عشر سنوات إلى أقل من 0.5 في المائة خلال الوقت الحالي. وتشير نسب البطالة المتدنية بين العمالة الأجنبية إلى ارتفاع الطلب عليها ووجود عجز في المعروض منها محلياً. وهذا ناتج عن خصائص وهياكل النمو في اقتصادات المملكة ودول الخليج، حيث يبدو أن النمو يتركز في القطاعات الاقتصادية التي توظف نسبا كبيرة من اليد العاملة الأجنبية. وشهدت الفترة الماضية نمواً قوياً في قطاعات الإنشاءات وبعض الخدمات التي تعتمد بشكل شبه كلي على العمالة الأجنبية، ولهذا فإن استفادة العمالة الوطنية من التوظيف في هذه القطاعات محدودة. وتشير بيانات العمل إلى جمود توظيف السعوديين في القطاع الخاص وانخفاض فاعلية سياسات السعودة في رفع نسب توظيف السعوديين في القطاع الخاص وانخفاض قدرة هذه السياسات على إحداث تغيرات هيكلية في أسواق العمل. وقد تم البدء في تطبيق العديد من السياسات الجديدة لرفع جاذبية العمالة السعودية لقطاع الأعمال، ورفع تكاليف توظيف غير المواطنين، وخفض مستويات انفتاح سوق العمل الوطني على استقدام العمالة الأجنبية. وتحد العديد من العوامل من فاعلية هذه السياسات، حيث تأتي الفروق الكبيرة بين معدلات أجور العمالة الوطنية والأجنبية، ووجود أسواق عمل مختلفة ومفصولة للعمالة الوطنية والأجنبية، وكذلك إمكانية تجاوز الكثير من الأعمال للقيود الجديدة على توظيف العمالة الأجنبية في مقدمة تلك العوامل. من جهةٍ أخرى، تظهر بيانات النمو والتوظيف وجود علاقة إيجابية متقاربة بين النمو الحقيقي للناتج المحلي الإجمالي للقطاع غير النفطي ومستويات التوظيف بشكل عام، وهذا مؤشر غير جيد على جمود معدلات إنتاجية العمالة بشكل عام. وجمود معدلات نمو إنتاجية العمالة التقريبي على الرغم من أن الإنفاق الكبير على التعليم والتحديث ورأس المال سيحد كثيراً من تأثير السياسات الهادفة لزيادة مستويات الأجور. وتشير التركيبة السكانية في المملكة إلى تزايد تدفق العمالة الوطنية في السنوات القادمة إلى أسواق العمل، وهذا التدفق سيضع ضغوطاً متزايدة على أسواق العمل التي تعاني حالياً ارتفاع معدل البطالة بين المواطنين. ولهذا فإن معدلات البطالة قد تشهد ارتفاعا في مستوياتها مع مرور الوقت، وللتصدي للارتفاع المرتقب في معدلات البطالة خلال السنوات القادمة لابد من الاستمرار بل وزيادة تحفيز نمو القطاع غير النفطي ودفعه للنمو بمعدلات أقوى، مع تركيز سياسات الدعم على القطاعات الأكثر توظيفاً للعمالة الوطنية. وينبغي أيضاً التصدي للمعوقات البنائية التي تقف في وجه توفير فرص متساوية للمواطنين في سوق العمل، وكذلك الاستمرار في تبني وتطبيق سياسات تحسين بيئة العمل، والحد من الفواصل الكبيرة بين الأجور وأسواق عمل المواطنين والأجانب. وسيقود التصدي للبطالة لتبني العديد من السياسات والإجراءات والتي ستؤثر في أنشطة القطاع الخاص، وقد بدأ بالفعل العديد من الجهات الحكومية المرتبطة بالعمالة بتبني وتطبيق العديد من السياسات المثيرة للجدل والتي تستهدف رفع معدلات السعودة في القطاع الخاص. وعلى الرغم من أن هذه السياسات تبدو فعَّالة في زيادة توظيف المواطنين، إلا أن تفعيل هذه السياسات قد يولد بعض النتائج السلبية. وهذا يستلزم سرعة التفاعل مع الأحداث وإجراء التعديلات الضرورية لتلافي النتائج غير المرغوبة وخصوصاً على معدلات نمو القطاع الخاص، فتراجع معدلات نمو القطاع الخاص سيتسبب في ضياع الكثير من فرص توظيف المواطنين.
إنشرها
15 % نمو أرباح المصارف السعودية في 2013.. وتراجع للمخصصات
15 % نمو أرباح المصارف السعودية في 2013.. وتراجع للمخصصات

في ظل التوسع الحالي والمتوقع للاقتصاد السعودي، ومواصلة مسيرته في النمو، إضافة إلى الأنظمة الجديدة التي...

Author

مزيد من الأوجاع الاقتصادية

|
العام الرابع بعد انطلاق الأزمة المالية العالمية في عام 2008 مضى ولم يحدث تغير كبير أو تحول في التعافي الاقتصادي العالمي. العالم الأول لا يزال يتعامل مع هذه الأزمة كأنها أزمة عادية، ويستخدم أسلوب الترميم والتجميل والتأجيل، على أمل شراء الوقت للمرحلة التالية. أصبحت الأزمة جزءاً من الاقتصاد وأصبح الاقتصاد العالمي جزءاً منها، وبات على الجميع التعامل الآني مع هذه الأزمة. السنوات الأربع الأخيرة تعلمنا خلالها عدداً من الدروس، أهمها أن التعامل مع الأزمات يختلف باختلاف حدوثها، فالأزمة التي تحدث في الدول المتقدمة يتم التعاطي معها بشكل مختلف مع الأزمة التي تحدث في الدول النامية وفي دول الاقتصادات الصاعدة. العودة بالتاريخ إلى الوراء قليلاً ومقارنة الطريقة التي تعاملت بها الدول المتقدمة مع الأزمة المالية التي حدثت في آسيا بالطريقة التي يتم التعامل بها مع الأزمة في منطقة اليورو، تعطي دلالات كبيرة على خلل كبير في نظم وأساليب الحوكمة للاقتصاد العالمي. ويبدو أن الآسيويين هم أكثر من تعلم من هذا الدرس، ولذلك فهم عملوا خلال السنوات الأخيرة التي تلت أزمتهم التي حدثت في عام 1997 على إجراء إصلاحات هيكلية كبيرة لاقتصاداتهم، لزيادة متانتها ومقاومتها للأزمات المالية. في المقابل، فإن الدول المتقدمة التي نعتت آسيا خلال أزمتها بتبني المحسوبية الرأسمالية Crony Capitalism، لم تكن بعيدة كل البعد عن هذا الوصف عندما ضربتها الأزمة المالية في عام 2008 أي بعد أكثر من عشر سنوات من تلقينها هذا الدرس لآسيا. المشكلات العميقة في التشريعات المالية في الدول المتقدمة أبرزت ضعفاً هيكلياً عميقاً نتج بشكل كبير عن التأثير الكبير لمؤسسات القطاع المالي الكبيرة في تغيير هذه التشريعات لتصب في مصلحة الرؤساء التنفيذيين الكبار لهذه المؤسسات. وزاد الطين بلة الطريقة التي تعاملت بها الدول عندما ووجهت بأزمة كبيرة تضرب العمود الفقري للنظم المالية فيها، حيث حملت دافعي الضرائب تكلفة انتشال هذه المؤسسات. الضغوط التي واجهتها هذه الدول من ناخبيها هي التي أجبرتها على الدخول في مفاوضات لإصلاح الأنظمة التشريعية المالية فيها، ما نتج عنه الاتفاق على الالتزام التدريجي بتشريعات بازل 3، لكن الضغوط التي تواجهها حكومات الدول المتقدمة بالتحديد من المؤسسات المالية الكبرى، تثير التساؤلات حول إمكانية الالتزام بهذه التشريعات في الوقت المحدد. في عام 2012 بدأ برنامج إقراضي جديد للاتحاد الأوروبي والبنك المركزي الأوروبي وصندوق النقد الدولي مع اليونان، وكانت هناك تساؤلات كثيرة حول إمكانية الالتزام بهذا البرنامج في البداية في ظل التجاذبات السياسية التي شهدتها اليونان في بداية العام، وبروز تيار يميني يدعو إلى عدم الالتزام بذلك ورمي الكرة في مرمى الدول الأوروبية. وبالفعل تأخرت اليونان كثيراً في تحقيق الالتزام بشروط البرنامج، ما زاد من تكاليف التصحيح، التي انتهت أخيراً بحزمة من الإصلاحات كان من ضمنها عملية شراء اليونان ديونها لإعادة الدين العام إلى وضع مستقر بنهاية عام 2020 في أوروبا الآن هناك أكثر من عشر دول لديها برامج إقراض وتصحيح اقتصادي مع صندوق النقد الدولي يتجاوز مجموعة قيمتها 186 مليار دولار. هذا يعني أن اليونان ومنطقة اليورو وأوروبا بشكل عام، ستظل لفترة طويلة نسبياً مركزاً للمخاطر التي تواجه الاقتصاد العالمي. أو بمعنى آخر، فإن النمو الاقتصادي العالمي سيظل أسيراً لمسيرة الإصلاح والتعافي الاقتصادي في أوروبا. الولايات المتحدة هي الأخرى ليست بعيدة عن المشهد الأوروبي فيما يتعلق بتأثيرها السلبي في النمو الاقتصادي العالمي، خصوصاً بالنظر إلى وضع الدين العام وعجز الموازنة الأمريكية. النقاش السياسي داخل الولايات المتحدة وأوروبا، والانتخابات التي تحصل في كل دولة من هذه الدول، أصبحت مصدراً للقلق والتأخر في عملية الإصلاح بدلاً من أن تكون حافزاً لعملية الإصلاح والتعافي الاقتصادي العالمي. فما إن انتهى العالم من متابعة ما أسفرت عنه انتخابات اليونان في بداية العام، والتي مرت بمرحلتين صعبتين للغاية، حتى بدأت انتخابات الرئاسة الفرنسية ثم انتخابات الرئاسة الأمريكية، وعلى العالم أن ينتظر الآن ما ستسفر عنه انتخابات الرئاسة الألمانية. النتيجة لكل ذلك، مزيد من التراجع في النمو الاقتصادي العالمي، في وقت يحتاج فيه العالم إلى هذا النمو أكثر من أي وقت مضى لخلق المزيد من الوظائف وتوفير فرص العيش الكريم. صندوق النقد الدولي يتوقع أن يتراجع النمو الاقتصادي لهذا العام 2012 إلى 3.3 في المائة، ويرتفع إلى 6.3 في عام 2013 هذه التوقعات بالطبع مشروطة بقيام الاتحاد الأوروبي بما يلزم لتصحيح الوضع في منطقة اليورو وفي اليونان بالتحديد، والتوصل في الولايات المتحدة إلى اتفاق لتجنب الوقوع في الهاوية المالية. وفي حين اتخذ الأوروبيون أخيرا بعض الإجراءات للحد من المخاطر التي تهدد بخروج اليونان من منطقة اليورو، فإن السياسيين في الولايات المتحدة ما زالوا يراوحون مكانهم في سبيل التوصل إلى اتفاق بشأن سقف الدين والزيادات الضريبية والحد من عجز الموازنة. هذا الأمر يلقي بظلاله بالطبع على النشاط الاقتصادي في الدول النامية التي لن تكون بمعزل عن هذا التراجع في حال حدوثه، ويستوجب اتخاذ المزيد من التدابير التي تضمن متانة اقتصاداتها في حال حدوث أي ركود اقتصادي محتمل. * كاتب سعودي مقيم في واشنطن
إنشرها
Author

الاقتصاد السعودي .. مؤشرات 2013

|
كبير الاقتصاديين في وزارة المالية سابقا
وبالأرقام، يتوقع أن ينمو الاقتصاد الوطني في العام المنصرم 2012 أو العام الذي يليه نموا اسميا لا يتجاوز نصف ما تحقق عام 2011. أما النمو الحقيقي فيتوقع أن يكون في حدود 5 في المائة للاقتصاد الوطني وفي حدود 6 في المائة للقطاع الخاص لعام 2012، وأقل من هذين الرقمين قليلا في عام 2013. ارتفعت إيرادات النفط خلال الفترة 2004 - 2011 من نحو 330 مليار ريال إلى نحو 1150 مليار ريال، أي أكثر من ثلاثة أضعاف. ويتوقع أن تزيد قليلا في العام المنصرم 2012. أما الناتج المحلي الإجمالي (بالأسعار الجارية) فقد نما خلال الفترة نفسها (2004 - 2011) من نحو 800 مليار ريال إلى نحو 2200 مليار ريال. ويتوقع أن يبلغ هذا الناتج للعام المنصرم نحو 2400 مليار ريال، ونحو 2550 مليار ريال للعام التالي 2013، وهو أعلى رقم تحققه المملكة حتى الآن. وتوضح هذه الأرقام الارتباط القوي في دول الخليج بين مستويات الازدهار الاقتصادي وأسعار وإيرادات النفط. أبرز تحديات الاقتصاد المحلي للناس خلال العام المنصرم 2012 ستبقى هي أبرز تحديات عام 2013، بل ستبقى أبرز التحديات على المدى المتوسط. هذه التحديات تتركز في البطالة ومشكلات سوق العمل والإسكان وارتفاع أسعار الأراضي السكنية. أما التحديات المزمنة فتتركز في تنمية اقتصاد غير متطور. ومن جهة المال، أسعار الفائدة على الريال تتأثر بأسعارها على الدولار. وقد أبقى التباطؤ في نمو الاقتصاد العالمي أسعار الفائدة متدنية، ويتوقع أن يستمر الوضع كذلك، دون تغيير يذكر في عام 2013. وهذا التباطؤ في النمو الاقتصادي العالمي سيمنع أسعار النفط والبتروكيماويات من الارتفاع بصورة ملحوظة. وإجمالا، يتأثر الاقتصاد السعودي بعوامل عدة، أهمها: الميزانية العامة والتضخم والتمويل البنكي وسياسات التدريب والتوظيف والاستقدام والسياسات والقوانين المحلية المتعلقة بالقطاعات والأنشطة الاقتصادية، والظروف الاقتصادية الدولية. توقعات الميزانية تتسم عمليات الميزانية بإيرادات وإنفاق أعلى من المبالغ المقرة في الميزانية عند اعتمادها من مجلس الوزراء. يتوقع أن تزيد إيرادات ونفقات هذا العام زيادة لا تتجاوز 5 في المائة مقارنة بإيرادات ونفقات العام الماضي. وبلغت إيرادات العام الماضي 2011 نحو 1150 مليار ريال. أما نفقات ذلك العام فبلغت نحو 850 مليار ريال. أما في العام المقبل 2013، فيتوقع تحقيق إيرادات تقل قليلا عما تحقق في العام الماضي 2011. وأما النفقات فيتوقع أن تستمر في التصاعد، لكن بنسبة لا تتجاوز 5 في المائة. وهذا يعني توقع فوائض في حدود 150 إلى 200 مليار ريال، مقارنة بنحو ضعفها للعام الحالي 2012. وتتولى مؤسسة النقد العربي السعودي استثمار فوائض الميزانية، لكن لا تنشر المؤسسة ولا وزارة المالية معلومات عن حجمها ولا طريقة استثمارها. ويمكن للباحث أن يستخلص معلومات من بيانات مؤسسة النقد في تقاريرها الشهرية والربعية والسنوية، المتاحة على موقع المؤسسة. هل سيفرض انخفاض أسعار النفط على الحكومة خفض إنفاقها؟ الترابط الوثيق بين مستويات الإنفاق الحكومي وأسعار وإيرادات النفط في دول الخليج معروف للقاصي والداني. يتوقع أن يحافظ الإنفاق الحكومي على زخمه في السنوات القليلة المقبلة، لكن بمعدلات نمو أقل كثيرا مما حدث في السنوات 2004 - 2011، حيث بلغ متوسطه نحو 20 في المائة. ونقول إن هذا الزخم في الإنفاق سيستمر حتى لو انخفضت أسعار النفط إلى نحو 80 دولارا للبرميل، لثلاثة أسباب رئيسة: أولا: لوجود احتياطيات هائلة. وثانيا: لأن الحكومة ادخرت نسبة كبيرة من أرباح أسهمها في الشركات كـ (سابك والاتصالات وسامبا) خلال السنوات الماضية، ويستنتج ذلك من أرقام الإيرادات (موقع مؤسسة النقد). وثالثا: الظروف الحالية تزيد من الحاجة إلى استمرار الإنفاق الحكومي دون خفض عن الوتيرة الحالية. لو تدهورت أسعار النفط سنين عديدة لتحول الأمر إلى مشكلة كبرى، واحتمال هذا وارد، وهذا يعني وجوب إعطاء مزيد من الاهتمام لتنويع مرسخ لمصادر الدخل، وزيادة نسبة إيرادات الحكومة غير النفطية على المدى البعيد. وبالله التوفيق. التضخم بلغ معدل التضخم قرابة 5 في المائة لعام 2011 (موقع مصلحة الإحصاءات العامة). وتضخم 2011 يساوي تقريبا نصف المعدل المسجل عام 2008، الذي كان أعلى معدل في السنوات الأخيرة. من المتوقع ألا تزيد أو تنخفض بصورة ملحوظة مستويات التضخم للعام الماضي 2012 والعام الذي يليه 2013، عن المعدلات المحققة في عام 2011. يرجع ذلك إلى مجموعة من الأسباب كارتفاع معدلات التضخم المستورد. وأحد أسبابه الضخ الهائل للنقود من قبل البنوك المركزية الغربية أملا في تحفيز النمو الاقتصادي. يقابل ارتفاع التضخم المستورد استقرار أو جمود نسبي في أسعار الأراضي والعقارات حاليا. أما تكاليف البناء فبعيد جدا انخفاضها. ولا يتوقع أن ترتفع الإيجارات على المدى القصير بسبب الرهن العقاري. معدل نمو الإنفاق الحكومي المتوقع لعام 2013 سينخفض، لكن بنسبة ليست كبيرة، مقارنة بمعدل عام 2011 أو عام 2012. ويرجع التضخم المحلي للعام الجاري 2012، في جزء منه إلى ارتفاع أسعار الذهب، الذي يشكل سلعة مهمة لدى العائلات. كما يرجع أيضا إلى زيادة متوقعة في الإنفاق الاستهلاكي، نتيجة عوامل عدة كزيادة الدخل وتوسع الإقراض البنكي، وتوسع وارتفاع تكلفة البناء والتشييد. وينتقل تأثير الأخيرة في تكلفة المعيشة للمستهلكين بعدة طرق كالإيجارات. ومتوقع بقاء أو استمرار هذه العوامل في عام 2013. التمويل من المتوقع أن تستمر أسعار الفائدة متدنية خلال هذا العام المقبل 2013. وارتفع التمويل المصرفي لعام 2011 مقارنة بعام 2010 قرابة 4 في المائة للقطاع الخاص و8 في المائة للأفراد. ومن المتوقع استمرار هذه النمو في العام الحالي 2012 أو العام التالي 2013، بحيث يزيد قليلا على معدل النمو المحقق في عام 2011. وتبنى هذه التوقعات على استمرار تعافي النظام المالي المحلي من تبعات وآثار الأزمة المالية العالمية، وتوافر السيولة لدى البنوك، وارتفاع مستويات الإنفاق الحكومي، واستمرار وتيرة تنفيذ مشاريع القطاع العام، وحاجة الشركات الحكومية وغير الحكومية إلى إنفاق المزيد على الاستثمارات الرأسمالية. كما أن حاجة المقاولين المتنامية إلى تمويل تزيد الطلب على التمويل. كما أن طلب الأفراد سيزيد، خاصة من جهة الطلب على المساكن. ومن جهة أخرى، ستعمل قوانين الرهن والتمويل العقاري على زيادة نمو التمويل المصرفي، وعلى ربط القطاع العقاري بالقطاع المالي بصورة أقوى كثيرا مقارنة بالوضع القائم حاليا. عملت التطورات الرقابية على النظام المالي، التي أقرت خلال الأعوام الماضية بعد ظهور الأزمة المالية العالمية أواخر 2008، وتم تبنيها عالميا، بهدف حماية النظم المالية من تكرار الأزمة المالية العالمية، على تقليل مخاطر الإقراض. من المرجح أن يبدأ نمو الإقراض في الهدوء والتباطؤ في بداية 2013 مع ارتفاع نسبة القروض إلى الودائع، ورغم هذا التباطؤ إلا أن من المتوقع أن تكون معدلات نمو الإقراض أعلى بوضوح من المعدلات المحققة في 2010 و2011. باختصار .. كان نمو الاقتصاد السعودي (واقتصادات دول مجلس التعاون الخليجي عامة) لعام 2011 أفضل من التوقعات، نظرا للارتفاع الكبير في إيرادات النفط. أما خلال عام 2012 والعام الذي يليه فمن المتوقع أن تقل قوة النمو بنحو 25 في المائة نظرا للاستقرار النسبي المتوقع في إيرادات النفط. لكن من المتوقع أن يشهد قطاع التشييد والبناء نموا واضحا خلال عام 2013، مدعوما بالإنفاق الحكومي ومخصصات التمويل الإسكاني وبدء تطبيق الرهن العقاري. أما أبرز تحديات الاقتصاد المحلي هذا العام فستبقى كما هي: البطالة، مشكلات سوق العمل، الإسكان، وارتفاع أسعار الأراضي السكنية. أما التحديات المزمنة فتتركز في أداء الاقتصاد، أي تنمية اقتصاد غير متطور. وبالله التوفيق.
إنشرها