السعوديون الأعلى مشاركة

أحد المشاريع التي اشتهر تسويقها في "تويتر" هو بيع منتج يتصف بمواصفات "الكتابة في الشبكات الاجتماعية" يمكن تعليقه في البيت أو العمل أو في المطبخ وفي أي مكان للكتابة عليه وإمكانية المسح والتعديل والرسم والتعبير، كأن تقول رأيك مثلا في الغداء أو تعبر عن مشاعرك حول موضوع معين دون أن تصرح به لفظيا، نوع من البوح والكتابة التي بدلا من أن تمارس في الشبكات الاجتماعية حين نكون نقصد بها أحدا من أفراد البيت أو العمل تمارس داخل البيت أو داخل العمل بدائرة أضيق وربما نتائج إيجابية أكثر، إنها منتجات لإمكانية كتابة الرأي أو أي كلمة ممكن تطرأ مع إمكانية التراجع في المسح أو التعديل.
تحصل لكثيرين من مستخدمي الشبكات أن لا يرغبوا مثلا في أن يتابعهم أهاليهم أو أقاربهم أو زملاؤهم في العمل لأسباب مختلفة، لكن مؤكد أن السبب الرئيس هو رغبة صاحب الحساب في الحرية بحسابه أن يقول ما يشاء وقتما يشاء حتى لو تعرض لمشكلة في العمل مثلا فإنه يرغب في أن يكتب أو يبوح عنها بحرية أكثر. ربما وجود كل هؤلاء من أقارب وزملاء عمل وأفراد عائلة أمر جيد لتقييد الحرية والتحفظ أكثر في الكتابة عن أي أمور تمس الخصوصية.
الدكتور كين إيزولد الرئيس السابق للجمعية الدولية لدراسة التحليل النفسي في أمريكا يتساءل عما لو كانت الخصوصية لا تزال خيارا ممكنا! رغم أن إحصائية صدرت قبل عام من مركز أبحاث أمريكي - صيني بحثت التشاركية في دول العالم أجمع ومعدلاتها فظهرت نتائج مذهلة، وصل معدل التشاركية حول العالمsharing on line بلغ رقما قدره 24 في المائة، والغريب أن بلدا مثل أمريكا كان معدل التشاركية أون لاين أقل من المعدل العالمي، أي أن الأمريكان لا يتشاركون في أغلبية شؤونهم أون لاين كما هي دول العالم الأخرى ووصل معدلهم إلى 14 في المائة فقط، فيما تكون النتيجة أكثر عجبا أن تكون الدولة الأكثر تشاركية في كل شؤون الحياة في المرتبة الأولى هي السعودية، فقد وصل المعدل فيها إلى أعلى رقم ما يفوق 60 في المائة، ورغم هذا يكتب كين إيزولد قلقا على خصوصية حياة الأمريكيين في الإنترنت .
ما الأسباب التي تجعل السعوديين يحتلون المرتبة الأولى في التشاركية أون لاين؟ ربما تكون الإجابة ذات أبعاد متعددة، أعتقد أن أبرز الأسباب أن حياة الواقع لا تشغلنا بالمعنى الحقيقي فأماكن الترفيه منحصرة في أكثر الأحيان في مطعم أو مجمع تجاري أو مقاه، لا توجد خيارات كثيرة يقضي فيها السعودي وقته ربما هذا من الأسباب الرئيسة. ومؤكد أن الإجابة الأدق عن هذا السؤال تحتاج إلى دراسات وأبحاث من معامل شبكات اجتماعية (سعودية) تقيس وتحسب وتحلل، لكنها حتى الآن غير موجودة. عادة يكون في أقسام الإعلام وكليات الاتصال في الجامعات في دول أخرى معامل خاصة للشبكات الاجتماعية تجمع المعلومات وتحللها وتعطي نتائج علمية من الخبراء والباحثين.
فهل تبادر إحدى جامعاتنا بهذا المعمل؟

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي