وزارة للمغفلين

ذات يوم وأنا غارق في النوم اقتحم خلوتي مع الحلم صوت رنين هاتفي، رددت على الاتصال وسمعت في الطرف المقابل "لهجة" خليطا من العربية والإفريقية، سمى صاحبها نفسه الشيخ "بكر"، وبعد السلام ورده كشف لي المتصل عن أمر جعلني أقفز قبل أن أقف على ركبتي في وضعية تدل على الحماس والإنصات.
أفصح لي الشيخ بكر ـــ قدس الله سره ـــ أن رزقي معلق بين السماء والأرض منذ زمن بعيد، ويحتاج كي يهطل على رأسي إلى "قربان" عبارة عن ثورين سمينين يذبحهما "بكر" بيده الكريمة، على أن أتكفل بقيمتهما البالغة ألفي دولار لا تنقص دولارا واحدا.
العرض كان مغريا فرزقي المعلق ـــ وفق الشيخ بكر ـــ يبلغ 60 كيلوجراما ذهبا وبضعة ملايين من الدولارات، ولأن الوقت كان في آخر الشهر والحساب على "الحديدة" فلم أستطع تلبية رغبته الكريمة في تحويل المبلغ إلى حسابه، وهو الأمر الذي دفعني إلى أن اقترح على "بكر" أن يشتري الثورين من حسابه الخاص وعندما يهطل رزقي من السماء أحول له قيمتهما مضاعفة.
عندما علم بكر أن صاحبه من الطبقة الكادحة "المطفرة" لم يمهلني لمزيد من الحديث ومحاولة إقناعه بالتكفل بقيمة الثورين، وبادر بإغلاق الهاتف في وجهي دون رحمة أو شفقة، وغير مكترث بحالة الطمع التي تلبستني بسبب اتصاله.
بعض وسائل الاحتيال التي تطول السعوديين، خاصة الإفريقية منها كوسيلة صاحبي "بكر"، تبدو ساذجة ولا يخطر على بالك أن يصدقها أحد، ولكن رواجها يدل على أن هناك من تنطلي عليه مدفوعا بالطمع والرغبة في الثراء السريع، وهو ما يجعلنا نجزم بأن بيننا آلاف المغفلين تجب حمايتهم من الغير ومن أنفسهم.
ارتفعت قضايا الاحتيال في السنوات الأخيرة في السعودية خاصة القادمة من القارة الإفريقية، ولعل أشهرها كذبة "توليد الدولارات" التي وقع ضحيتها البعض، وتشير تقارير إعلامية ـــ غير رسمية ـــ إلى أن قضايا الاحتيال المالية ارتفعت في السعودية بأكثر من 267 في المائة، وأن المرأة السعودية هي الأكثر عرضة لعمليات الاحتيال فقد استغل المحتالون شغفها في "التسوق" وقدموا لها عروضا مغرية للإيقاع بها كضحية في عمليات تسوق وهمية.
ومع تعاظم حالات الاحتيال التي تطول في الغالب "مغفلين" أقترح إنشاء وزارة تحمي هؤلاء المغفلين، وألا نكون أسرى للعبارة الشهيرة والقائلة إن "القانون لا يحمي المغفلين"، فبزعمي أن "المغفل" هو أكثر من يحتاج إلى قانون يحميه.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي