مارك تشامبيون: ترمب يملك الأدوات لتقديم مفاجأة في ألاسكا
لقاء مرتقب بين الرئيس الأمريكي دونالد ترمب ونظيره الروسي فلاديمير بوتين في ألاسكا اليوم
التالي:بوتين يسعى لاتفاق للحد من التسلح بعد قمته مع ترمب
- تشامبيون: قرار وقف الحرب بيد ترمب؛ إن أراد إنهاء الصراع فعليه أن يثبت لبوتين أن الاستمرار سيُقابل بتصعيد حقيق
- يملك ترمب وسائل ضغط حقيقية على روسيا، أهمها إمكانية فرض عقوبات اقتصادية ومالية ودعم عسكري لأوكرنيا
أحياناً يكون أفضل ما يمكن الخروج به من قمة رفيعة المستوى هو ببساطة عقد قمة أخرى، وقد يكون هذا هو الحال عندما يلتقي دونالد ترمب فلاديمير بوتين في قاعدة عسكرية أمريكية في ألاسكا، عند منتصف النهار بالتوقيت المحلي (اليوم). لقد بدأ الرئيس الأمريكي في خفض سقف التوقعات هذا الأسبوع، في مواجهة قلق متزايد من أنه قد يوافق على شروط تقترب من استسلام أوكرانيا.
ومع ذلك، فإن مجرد لقاء تعارف، لا يتماشى تماماً مع التهديد الذي أطلقه أيضاً بفرض "عواقب شديدة جداً" إذا لم تُظهر موسكو اهتماماً بإنهاء حرب اختارت هي أن تبدأها 2014. وعلى الرغم من شكوكي المستمرة بأن ترمب مستعد فعلاً لفرض تلك التكاليف، إلا أنه من الجدير بالتذكير أنه يستطيع ذلك. وإن فعل، فسأكون أول من يعترف بأنه قلّل من شأنه.
أدوات ضغط بيد ترمب
النجاح ممكن. يملك ترمب الأدوات التي قد تدفع بوتين نحو تسوية، ومن بينها رفضه لأعراف السياسة الخارجية الأمريكية التقليدية عندما يتعلق الأمر بالتقارب مع المستبدين. الأمر ليس أن بوتين يُفتن بحضور ترمب (إن حدث ذلك، فغالباً ما يكون العكس هو الصحيح). لكن الزعيم الروسي يدرك تماماً أنه لن يأتي خَلفٌ لترمب في البيت الأبيض يكون أكثر وداً منه تجاهه أو تجاه مصالح موسكو. وهذه المعرفة وحدها تخلق هامشاً محتملاً للمناورة.
سلاح العقوبات الاقتصادية
على نحو أكثر تحديداً، يمكن لترمب أن ينفذ تهديده المتكرر بفرض عقوبات ثانوية على مشتري النفط الروسي، بما في ذلك الصين والهند وتركيا. وكما أفادت "بلومبرغ" يوم الخميس، فإن الاقتصاد الحربي الروسي القائم على الاستدانة يزداد هشاشة، حيث بدأ كبار المسؤولين في الحكومة والبنك المركزي في إصدار تحذيرات علنية. وقد يؤدي انهيار في عائدات صادرات النفط إلى ألم اقتصادي حقيقي.
تشديد العقوبات المالية
كما يمكن لترمب تشديد العقوبات المالية، من خلال قطع إمكانية الوصول إلى أنظمة المقاصة بالدولار التي لا تزال بعض البنوك الروسية تستفيد منها. ومع أن العقوبات وحدها لا يُرجّح أن تُجبر بوتين على إنهاء الحرب، فإنها تستطيع تهيئة الظروف لأشكال ضغط أخرى يمكن أن تفعل ذلك.
الدعم العسكري لأوكرانيا
يجب أن تتعلق تلك الضغوط بالحرب ذاتها، بما في ذلك رفع مستوى المساعدات العسكرية الأمريكية لأوكرانيا بشكل واضح. فمنذ توليه الرئاسة في يناير، أوقف ترمب مرتين إمدادات الأسلحة الأمريكية وعلّق مرة مشاركة المعلومات الاستخباراتية مع كييف، ما أدى إلى تأثير مدمر ولصالح روسيا. وقد تراجع أخيراً، وسمح لأوكرانيا وحلفائها الأوروبيين بشراء الأسلحة الأمريكية، لكن هذا لا يزال يمثل تقليصاً كبيراً في الدعم القتالي للقوات الأوكرانية، لأن الأموال المتاحة محدودة.
مكاسب روسية مستنزفة
بالاقتران مع النقص الحاد في القوى البشرية في أوكرانيا، وحملة الطائرات المسيّرة والصواريخ الروسية المكثفة على المدن وغيرها من الأهداف البعيدة عن خطوط الجبهة، فقد أدّى الانسحاب الأمريكي إلى مكاسب روسية استنزافية استمرت لأشهر. ونتيجة لذلك، بات بوتين مقتنعاً بأنه يحقق النصر ميدانياً. وليس لديه سبب وجيه لإنهاء حرب بدأها بأهداف أكثر طموحاً، في وقت تبدو فيه قابلة للتحقق.
صحيح أن التكلفة لكل كيلومتر مربع جرى كسبه خلال العام الماضي لا تُعد منطقية إطلاقاً، سواء من حيث عدد الضحايا أو من حيث الفرص الاقتصادية الضائعة التي ألحقتها بالاقتصاد الروسي، الذي يظل، حتى بعد تعديله وفقاً لتعادل القوة الشرائية، أقل من عُشر حجم اقتصادات حلفاء أوكرانيا. لكن هذا الفهم يسيء قراءة نظرة بوتين إلى ما سيضمن له مكانة في التاريخ الروسي، التي تتمثل في استعادة مكانة موسكو بصفتها مركزاً لإحدى القوى العظمى في العالم.
لهذا السبب يتمسك بوتين بشدة بأهدافه الحربية الأصلية، وهو أمر كان مستشار الأمن القومي في عهد جيمي كارتر، زبيجنيو بريجنسكي، يفهمه بشكل فطري. إذ كتب ذات مرة بشكل شهير: "من دون أوكرانيا، تتوقف روسيا عن كونها إمبراطورية، لكن مع إخضاع أوكرانيا ثم إخضاعها بالكامل، تصبح روسيا تلقائياً إمبراطورية".
موقف زيلينسكي من الشروط
الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي ليس العقبة هنا. فبلاده ترغب بشدة وتحتاج إلى وقف إطلاق النار، للأسباب نفسها التي تجعل بوتين متردداً في منحه ما لم يحقق كل ما يريد أولاً. يعلم زيلينسكي ويقبل أن أي وقف لإطلاق النار لا بد أن يتشكل في نهاية المطاف على أساس خطوط الجبهة الحالية. ما لا يمكنه فعله هو إضفاء الشرعية على مكاسب بوتين عبر الاعتراف بالأراضي المحتلة كجزء من روسيا. كما لا يمكنه التنازل عن أراضٍ لم تستولِ عليها روسيا بعد، كما يطالب بوتين، أو الموافقة على "نزع السلاح" من أوكرانيا (بمعنى التخلي عن وسائل الدفاع عن نفسها في حال جددت روسيا هجومها)، و"إزالة النازية" (بمعنى فرض نظام موالٍ لروسيا في كييف).
هجوم جديد محتمل
كل هذا يجعل من غير الواقعي الاعتقاد بأن وقفاً دائماً لإطلاق النار يمكن التوصل إليه اليوم. فقد اخترقت القوات الروسية أخيراً خطوط الدفاع الأوكرانية الضعيفة في الشرق، ومن المؤكد أنها تحاول الآن العثور على احتياطيات لتطوير هذا النجاح التكتيكي إلى اختراق يمكن أن يغيّر مجرى الحرب. وتفيد أجهزة الاستخبارات الأوكرانية بأن بوتين ينقل قوات على طول الجبهة لشن هجوم جديد. ولا يملك الكرملين أي حافز للتوقف الآن.
ترمب يقرر الثمن
مهمة بوتين اليوم ستكون التأكد من أنه يستطيع مواصلة حربه من دون إثارة أي رد فعل أمريكي ذي مغزى. أما القرار بشأن الأهداف الأمريكية فيعود إلى ترمب. ولكن إذا كان يريد فعلاً إنهاء سفك الدماء، فعليه التأكد من أن بوتين سيغادر ألاسكا وهو مقتنع بأن ثمن التعنت سيكون التعرض لعقوبات مالية قاسية ودعم أمريكي أكبر لدفاعات أوكرانيا، ما سيجعل النصر الذي يطمح إليه بعيد المنال.
كاتب في "بلومبرغ" يغطي أوروبا وروسيا والشرق الأوسط. رئيس لمكتب إسطنبول لصحيفة وول ستريت جورنال سابقا
خاص بـ "بلومبرغ"