تسارع المؤشرات الأمريكية نحو أرقام قياسية

حققت المؤشرات الأمريكية هذا الأسبوع أرقاما قياسية جديدة ومستويات تاريخية هي الأعلى على الإطلاق حتى الآن، فقد حقق مؤشر الإس آند بي500 "سباكس" مستوىً جديدا عند 6446, مرتفعا منذ قاع أبريل الماضي بنحو 33% وبأكثر من 1600 نقطة، كذلك حقق مؤشر الناسداك الذي يحوي أسهم قطاع التكنولوجيا مستوى تاريخيا عند 21690، مرتفعا منذ شهر أبريل الماضي بنحو 46% وبأكثر من 6890 نقطة.
هذه المستويات القياسية خلال 4 أشهر ونصف فقط، جاءت بدعم متواصل ولا محدود من طفرة الذكاء الاصطناعي والأسهم المرتبطة بها وعلى رأسها أسهم "العظماء السبعة" أو ما يطلق عليها Magnificent 7""، والتي تحوي ألفابت (الشركة الأم لجوجل)، وأمازون، وأبل، وميتا (مالكة فيسبوك وواتساب وإنستجرام)، ومايكروسوفت، وإنفيديا، وتسلا.
لكن هذه الارتفاعات حدثت بشكل متسارع وباختراقات بعض الشركات القيادية لمناطق قمم ومقاومة سابقة دون عمليات إعادة اختبار أو تهدئة، كذلك لم يصاحبها أحجام تداول عالية! ما يعني أن أي أخبار أو احداث سلبية قد تنعكس بشكل كبير على حركة هذه الشركات ما قد ينعكس سلبا وربما يدفع الشركات القيادية وبالتالي مؤشرات السوق لعمليات تصحيح قاسية، لذلك دائما يفضّل المستثمرون الارتفاعات البعيدة عن التسارع.
خاصة أن متوسط تقييم سعر السهم في مؤشر ستاندرد آند بورز 500 أقل بنسبة 12% من أعلى مستوى له في عام، وهو ما يحصر الارتفاعات بشركات معينة ومحدودة فقط، لذلك يفضّل دائما في مثل هذه الحالات عدم إهمال صفقات التحوط تحسبا لأي طارئ وذلك حماية لرأس المال في المقام الأول يلي ذلك المحافظة على الأرباح المحققة.
من جانب آخر انخفض مؤشر تقلبات بورصة شيكاغو (CBOE) إلى 15.15، مسجلاً أكبر انخفاض أسبوعي له منذ نوفمبر الماضي، وهذا يفسر حالة التفاؤل المفرطة في السوق خاصة بعد هدوء عاصفة الرسوم الجمركية، وارتفاع توقعات المستثمرين بنسبة تجاوزت 94% حتى الآن، بخفض الفيدرالي لمعدلات الفائدة بربع نقطة مئوية في اجتماعه الشهر المقبل.
ورغم ما مرت به السوق خلال الأسبوع الماضي من أحداث مهمة والتي بلغت ذروتها بإقالة رئيس مكتب إحصاءات العمل الأمريكي، كما تضمن اختيارًا مفاجئًا لمجلس محافظي الاحتياطي الفيدرالي، وفرض رسوم جمركية على معظم شركاء الولايات المتحدة التجاريين، إلا أن السوق كانت لا تنصت لأي أحداث تخالف اتجاهها الصاعد! وهو ما يبرز مدى تفاؤل المستثمرين داخلها.
وربما من المشجع لتحقيق مؤشري سباكس والناسداك لقممها التاريخية خلال الأسبوع الجاري، تراجع أسعار المستهلك على أساس سنوي بأقل من التوقعات، حيث جاءت البيانات الصادرة عند 2.7% وهو أقل من التوقعات التي كانت تشير إلى ارتفاعه لمستوى 2.8%.
لكن يتبقى للمستثمرين بالسوق عدم إغفال ان حرب الرسوم الجمركية لم تنتهي بعد، وإن كانت هناك مهلة منحتها الولايات المتحدة للصين لمدة 90 يوماً لإنهاء المفاوضات المتعلقة بالرسوم المتبادلة بينهما، وأن تأثير هذه الرسوم في معظم الشركاء التجاريين للولايات المتحدة لم يظهر تأثيره بعد، حيث سيحتاج ذلك لبعض الوقت، كما أن عدم التوصل لحل لإنهاء الحرب الروسية الأوكرانية قد يشعل فتيل التضخم من جديد.
لذلك من المهم دائما التعامل مع الأسواق باتزان حسب اتجاهها دون تفاؤل مفرط او تشاؤم مطلق، بل وفق المعطيات الأساسية والفنية حسب كل مرحلة.

كاتب ومحلل اقتصادي

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي