عضو مجلس إدارة الشركة المساهمة .. غالب أم مغلوب
قرار إيقاف تداول سهم شركة بيشة وشركة أنعام عن التداول أثار العديد من التساؤلات وزاد من حدة اللغط حول واجبات مجالس إدارات الشركات المساهمة تجاه الشركة ومسؤوليتهم عن نتائجها، وإثارة هذا الموضوع ظاهرة صحية تصب في مصلحة السوق والاقتصاد السعودي بشكل عام، فقد نصت المادة 72 من نظام الشركات على أن لمجلس إدارة الشركة المساهمة أوسع السلطات في إدارة الشركة، وبالتالي فقد فوضت الجمعية العامة صلاحياتها كليا (وهذا هو الغالب الأعم) أو جزئيا لمجلس الإدارة، وأرجو أن يشاركني القراء في هذا المقال المقتضب التعليق على بعض نصوص نظام الشركات، وتطبيقاتها على أرض الواقع. تأملوا النصوص التالية الواردة في نظام الشركات السعودي والتي تحكم تعارض المصالح أو المخالفات الممكن حدوثها من عضو مجلس الإدارة:
المادة 69: "لا يجوز أن يكون لعضو مجلس الإدارة أية مصلحة مباشرة أو غير مباشرة في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة، إلا بترخيص من الجمعية العامة العادية يحدد كل سنة .. إلخ، وعلى عضو مجلس الإدارة أن يبلغ المجلس بما له من مصلحة شخصية في الأعمال والعقود التي تتم لحساب الشركة .. إلخ".
المادة 70: "لا يجوز لعضو مجلس الإدارة بغير ترخيص من الجمعية العامة العادية يجدد كل سنة، أن يشترك في أي عمل من شأنه منافسة الشركة أو أن يتجر في أحد فروع النشاط الذي تزاوله، وإلا كان للشركة أن تطالبه بالتعويض، أو أن تعتبر العمليات التي باشرها لحسابه الخاص قد أجريت لحسابها".
المادة 71: "لا يجوز للشركة المساهمة أن تقدم قرضا نقديا من أي نوع لأعضاء مجلس إدارتها أو أن تضمن أي قرض يعقده واحد منهم مع الغير، ويستثنى من ذلك البنوك وغيرها من شركات الائتمان إذ يجوز لها في حدود أغراضها وبالأوضاع والشروط التي تتبعها في معاملاتها مع الجمهور أن تقرض أحد أعضاء مجلس إدارتها أو .. إلخ".
المادة 72: "لا يجوز لأعضاء مجلس الإدارة أن يذيعوا إلى المساهمين في غير اجتماعات الجمعية العامة، أو إلى الغير ما وقفوا عليه من أسرار الشركة بسبب مباشرتهم لادارتها وإلا وجب عزلهم ومساءلتهم عن التعويض".
ودعونا نطرح الأسئلة التالية ليجيب عنها كل قارئ بقدر ما رزقه الله من حصافة وفطنة:
1 – هل جميع أعضاء مجالس الإدارة في شركاتنا المساهمة لا تربطهم أي مصلحة مباشرة أو غير مباشرة بأعمال وعقود الشركة؟ وإذا وجدت هذه المصلحة هل قام العضو بإبلاغ المجلس رسميا بذلك، فضلا عن أخذ موافقة الجمعية العامة على ذلك؟
2 – هل جميع أعضاء مجالس إدارة شركاتنا المساهمة مستقلون فعليا من حيث الشكل فضلا عن الموضوع؟ وهل من يقوم بمنافسة الشركة منهم قام فعلا بأخذ ترخيص من الجمعية العامة بذلك؟ ومن لم يحصل على ترخيص هل سبق أن تمت مطالبته بالتعويض أو بالاستقالة على الأقل؟
3 – هل يمكن الجزم فعلا بعدم وجود معاملة تفضيلية في الشركات المساهمة بما فيها المؤسسات الائتمانية لأعضاء مجلس الإدارة؟
4 – هل قام جميع أعضاء مجالس إدارات شركاتنا المساهمة بالمحافظة على سرية معلومات الشركة؟ وإذا كانت الإجابة بنعم فلماذا أشارت هيئة السوق المالية إلى تجاوزات لم تعلن عن تفاصيلها في حينه؟ وإذا كانت الإجابة بنعم أيضا فلن أزيد تعليقا حيث إن السوق بما فيه ينضح!
بعد إجابتكم عن الأسئلة السابقة، وما يستنبط منها من أسئلة أخرى، تأملوا معي النصوص التالية الواردة في نظام الشركات السعودي والتي تحكم مسؤوليات مجلس الإدارة:
المادة 76: "يسأل أعضاء مجلس الإدارة بالتضامن عن تعويض الشركة أو المساهمين أو الغير عن الضرر الذي ينشأ عن إساءتهم تدبير شؤون الشركة .. وتقع المسؤولية على جميع أعضاء مجلس الإدارة إذا نشأ الخطأ عن قرار صدر بإجماعهم، أما القرارات التي تصدر بأغلبية الآراء فلا يسأل عنها المعارضون متى أثبتوا اعتراضهم صراحة في محضر الاجتماع. ولا يعتبر الغياب عن حضور الاجتماع الذي يصدر فيه القرار سببا للإعفاء من المسؤولية إلا إذا ثبت عدم علم العضو الغائب بالقرار أو عدم تمكنه من الاعتراض عليه بعد علمه به".
المادة 77: "للشركة أن ترفع دعوى المسؤولية على أعضاء مجلس الإدارة بسبب الأخطاء التي تنشأ عنها أضرار لمجموع المساهمين، وتقرر الجمعية العامة رفع هذه الدعوى وتعين من ينوب عن الشركة في مباشرتها، وإذا حكم بشهر إفلاس الشركة كان رفع الدعوى المذكورة من اختصاص ممثل التفليسة، وإذا انقضت الشركة تولى المصفي مباشرة الدعوى بعد الحصول على موافقة الجمعية العامة العادية".
المادة 78: "لكل مساهم الحق في رفع دعوى المسؤولية المقررة للشركة على أعضاء مجلس الإدارة إذا كان من شأن الخطأ الذي صدر منهم إلحاق ضرر خاص به .. إلخ".
ودعوني استقطع جزءا آخر من وقتكم الثمين لطرح باقة ثانية من الأسئلة الروتينية:
1 – هل يعرف أعضاء مجالس إدارة شركاتنا المساهمة حجم المسؤولية الملقاة على عواتقهم؟
2 – هل يعي أعضاء مجالس إدارة شركاتنا المساهمة أنهم شركاء بالتضامن عن سوء إدارة الشركة أو عن قراراتها الخاطئة بسبب التقصير؟
3 – هل يعرف المساهمون في الشركات المساهمة حقوقهم الشرعية والنظامية أو حتى جزءا منها، وخاصة ما يتعلق بمساءلة أعضاء مجالس الإدارة؟
4 – هل يعرف المساهمون أن إبراء ذمة أعضاء مجلس الإدارة من قبل الجمعية العامة يعفيهم من المسؤولية عن أخطاء وسوء الإدارة باستثناء الغش والتزوير؟
5 – هل ما يتقاضاه أعضاء مجالس إدارة الشركات المساهمة من حيث المقابل المالي يتناسب مع المسؤولية الملقاة على عواتقهم؟
6 – هل يعلم أعضاء مجالس الإدارة في شركاتنا المساهمة أنهم يمكن أن يحصلوا على مكافأة عن عضوية المجلس على شكل راتب شهري أو بدل حضور جلسات أو مزايا عينية أو نسبة من الأرباح، ويجوز الجمع بين أكثر من ميزة في الوقت نفسه؟
الطريف في الأمر أن الشركة عند حاجتها لرئيس تنفيذي أو لأحد كبار التنفيذيين، تبذل الغالي والنفيس في سبيل إيجاده وتتعاقد مع الشركات المتخصصة لصيد هؤلاء الرجال، وتغريهم بالرواتب النقدية والمزايا العينية، وعند تعيين أعضاء مجالس الإدارات غالبا ما يتم ذلك بأسلوب الفزعة، ويحمد المرشح ربه حيث سيصبح عضو مجلس إدارة الشركة الفلانية، والأهم من ذلك أنه سيحصل على شرهة قدرها ثلاثة آلاف ريال عن كل اجتماع!