لا شجاعة بلا خوف

كم مرة قلت لنفسك: هناك شيء واحد لا يمكن أن أفعله أبدا، ثم ذكرت هذا الشيء؟ وما دمت قد ذكرته فأنت ستفعله.
إننا نخاف من تسلق الجبل، لكننا ما نلبث أن نتبين أننا نتسلق الجبل فعلا. وما من شخص سليم العقل يتوقع أن يتحرر من الخوف تحررا كاملا إذا أراد أن يواصل العيش في هذه الدنيا.
إن الخوف الحقيقي ضروري؛ لأنه يجعلنا نحسب خطواتنا ونقدر قوانا التقدير الصحيح. يقول عالم النفس أندرو أندرسون: إن الخوف والشجاعة ضدان، ولكنهما ضروريان لنمو الشخصية، واستكمال عناصر القوة يتوقف على معاناة الخوف والتغلب عليه. والخوف السليم يولد أضداده العقلية. فالخوف هو الألم المتوقع وضده الجلد، أي القدرة على الصمود للألم، وكما قال توماس كارليل: في نفس كل إنسان جبان وبطل.
ويسأل كل منا نفسه أيهما أكون؟ في كثير من الأحيان يشعر الإنسان منا بخوف خفي من أن يستولي عليه الجبن، لكن هذا غير صحيح، ففي كل نفس موارد مخزونة من التحمل الطبيعي ''البدني'' ومن الذخيرة العقلية ومن القوة الباطنية والروحية.
ودائما ما تجد أمامك عبارة ''تحرر من الخوف''، والمعنى المقصود منها في الحقيقة: ''التحرر من الهلع''، فالهلع هو الخوف القائم على غير أساس، ونعني به الجبن.
إن للخوف فوائد، ويستطيع الإنسان أن ينتفع بالخوف، وقد ذكر لي أحد أصدقائي الضباط قائلا: ''لا يتحمل الخوف سوى الشجعان، فالخوف هو مرحلة الاستعداد ليتحرك الجسم، فالقلب يدق بسرعة ويرسل بمزيد من الدم إلى ذراعيك وساقيك ومخك. وهكذا يتدفق الأدرينالين إلى مجرى دمك وقلبك وتنتاب جسمك تغيرات كيميائية ويبتعد عنك التعب مهما بلغت درجته.
والإخلاص لقضية من القضايا، خاصة قضية الوطن قدمت الكثيرين، فكانوا أشجع مما كانوا يظنون، فإذا أردت أن تقابل البطل الكامن في نفسك فيجب أن تحاول ذلك؛ لأن الشجاعة هي الخوف الذي لفظ أنفاسه الأخيرة.
ولقد قال وايمرسون: ليس البطل أشجع من أي إنسان آخر، إنما مدة شجاعته أطول بخمس دقائق، وفي استطاعتك أن تواصل صمودك خمس دقائق.
إن حب الإنسان لشخص ما يطلق قوى عاطفية لم تكن في الحسبان، تجعله يتغلب على أي خوف.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي