«ول يهب عليه»

الجملة المكتوبة أعلاه هي عبارة عن طريقة للتعبير باللهجة الحجازية عن مدى استكثار الإنسان الخير أو الرزق على أخيه المسلم (ليس غبطة) وعدم ذكر الله عز وجل عند الحديث عن هذه الأرزاق التي يكتسبها الشخص الآخر، طبعا ذكر الله عز وجل يكون بجملة (ما شاء الله تبارك الله أو ما شاء الله لا قوة إلا بالله).
ولمجمل الوصف السابق هو اختصار الحسد أو الداء المتفشي والمنتشر في أوساط مجتمعاتنا بمختلف تخصصاتها، فهو يتواجد في القطاع الدوائي الذي أنتمي إليه على الرغم من ارتفاع مستوى الفكر والتعليم، كما أراه موجودا في القطاع الطبي القريب من تخصصي أيضاً مع ارتفاع التعليم، وهو منتشر في أغلب الأوساط كما ذكرت، خاصة مجال حديثي هنا الوسط الرياضي.
فالوسط الرياضي يحمل شرائح مختلفة من المجتمع مع خليط من الجنسيات العربية والأجنبية ومختلف الخبرات والأفكار وطرق العمل وحتى أسلوب التعامل وأهمية العمل (مثل مساعدي المدرب وأدوارهم غير الظاهرة) وهنا تأتي الآراء حول أهمية شخص عن آخر، وما يتم دفعه من مبالغ لشخص دون آخر وإن كان الوسط الرياضي يتغاضى قليلا عندما يكون اللاعب أو المدرب أجنبيا (هذا لم يحدث في قصة المدرب فرانك ريكارد مع المنتخب السعودي) ولكن مع الأسف الحديث يكثر والحسد يظهر كثيرا عندما يكون المعني بالأمر شخصا مسلما يحمل الجنسية السعودية، ويقدم عملا برع فيه ومطلوبا من مسؤولي النادي أو المنتخب أو غيره.
وهنا سأطرح بعض الأمثلة عن حسد البعض على غيرهم في وسطنا الرياضي؛ فهذا أحد الإعلاميين أصحاب الصوت العالي واللسان المنطلق ينتقد علنا المدرب السابق للمنتخب السعودي القدير ناصر الجوهر على ما يتقاضاه كمستشار للاتحاد السعودي لكرة القدم مستكثرا المبلغ، ومعتقدا نفسه قادرا على نفس العمل أو غيره، إذا عرض عليه نفس المبلغ، فهو بذلك يحسد الرجل القدير الذي لا تقدر خبرته وإنجازاته بثمن وينسى نفسه في مجاله وما يتقاضاه الذي من وجهة نظره يستحقه بكل قرش، وهو في آواخر العشرينات والجوهر في الستينات وكأن السنين وخيراتها لا تحمل أي اعتبار أو ميزات عند أحد.
وتحول الكلام هذه الأيام على سامي الجابر الذي بوجوده في تدريب الهلال بهذه الميزات (ما شاء الله) سيكون هناك باب مفتوح للمدربين الوطنيين للمطالبة بحقوق وميزات وتساوي على أقل تقدير في مجموعها مع مساعدي المدربين وأكثر ممن يأتون للمملكة من غير السعوديين، ولا ننسى في هذه الأيام أيضاً علي كميخ المدرب السعودي لفريق خارج المملكة العربية السعودية نسأل الله له التوفيق في مهمته ولكل المدربين الوطنيين.
ولا ننسى اللاعبين وعقودهم المحفوفة بالكثير من الحسد والغيرة من الوسط الرياضي، فهذا اللاعب لا يستحق التجديد بهذا المبلغ، والآخر كثير الإصابات وخلالها هو يستلم هذا المبلغ واللاعب شهريا له مستحقات أكثر من وكيل الوزارة، متناسين أن الموظف له حقوق إلى التقاعد ومن ثم إلى الممات وبعدها لمستحقي الإرث بعده، بينما اللاعب يحصل على هذه المبالغ في فترة عشر سنوات فقط من غير تأمينات أو تقاعد حتى مباريات الاعتزال أصبحت مثل الترجي والتسول. من المسؤول عن تقدير اللاعب؟ "وإذا ما من وراك مردود مادي معليش يا أبو الشباب ما لك اعتزال المهم فكنا من سيرتك".
ولا ننسى إعلامنا المقروء والمرئي وفوق البيعة المسموع، فكم يأخذ هذا المذيع وهذا المعلق وهذا الكاتب وهذا المراسل وهذا المعد والضيوف والمحللون، والمشكلة أن من يحسد كل هؤلاء على ما أتاهم الله من فضله بسبب خبرتهم وقدرتهم على الإبداع والتألق وتقديم العمل المطلوب وزيادة هم إعلاميون ومسؤولون يعرفون كم هي غالية ومهمة وعالية الحقوق الفكرية والحصرية ليس فقط على مستوى العالم، بل حتى على المستوى الخليجي والعربي والإقليمي والقاري، والمشكلة الأكبر هي فيمن يملك القرار للتنفيذ ويلتفت لما يقوله الحاسد وما يمليه عليه المتخلف عن ركب التقدم والحقوق والعقود جاهلا وحاسدا وحاقدا وناقما على حظه الذي لم يجعله مراسلا أو محللا أو معلقا.
أخيرا "يهب" على المسؤول القريب من صاحب القرار والحاسد الذي لا يقدر عمل وخبرة وأرزاق الآخرين.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي