الصمت فتنة

لم يكن الصمت في يوم من الأيام حكمة حين يتعلق الأمر بقول الحق الذي يخمد الفتنة، والذي يسعى البعض لإخفائه بطريقة مدلسة ماكرة. بل إن الصمت في مثل هذه المواقف أحد أبسط وأخفى أساليب تأجيج الفتن، وأحد أشكال المشاركة في الجريمة التي يسعى البعض لارتكابها في البحرين والقطيف والعوامية. هناك من يستغل انبهار الشباب بالمنابر الإعلامية والاجتماعية المختلفة لبثّ سمومه وأفكاره الهدامة بطريقة ممنهجة ومعدة مسبقا، التي يسعى من خلالها عن سبق إصرار وترصد لتمرير أجندة ملالي طهران في المنطقة. ولا أقول شيئا جديدا حين أذكر أن هناك من يؤجج مشاعر الكراهية، ويكذب السلطات، ويلمع صور أحزاب طائفية أجنبية صنعتها أجهزة الاستخبارات الإيرانية، ويشوه صور رجال الأمن السعوديين الذين قدموا أعلى درجات التضحية في سبيل استتباب أمن هذا الوطن ومواطنيه. وما يكتب ويبث في مواقع التواصل الاجتماعي لا يعد ولا يحصى في هذا الصدد. عضو مجلس بلدي ''منتخب'' سابق عن القطيف يكتب بكل وقاحة واستهتار ما مفاده أن أجهزة الأمن تتربص بالشخصيات ''المعتدلة'' في القطيف، وغيره الكثير من الذين يروجون للسخافات والافتراءات. وللأسف لا نجد من القطيف والعوامية من يرد على هذه الأصوات النشاز بصوت عقلاني واضح يضع الأمور في نصابها، ويعيد للشباب قدرتهم على تمييز الصواب من الخطأ.
ولم يأتِ المدعي الأرجنتيني ألبرتو نزمان بجديد حين ذكر قبل أيام أن إيران سعت وما زالت تسعى لتكوين خلايا ومراكز استخبارية لها في البرازيل وتشيلي وكولومبيا ودول أخرى من أمريكا الجنوبية. فهذا النظام الطائفي والعنصري والإرهابي عانت منطقة الخليج العربي منه ومن محاولاته القذرة لاختراقه وبذر الفتنة فيه، ولكننا نجحنا في رد الدسائس وإبطال المؤامرات والحمد لله. إلا أننا ما زلنا نعاني من قلة تسوق للأشرار وتدعو للفتنة وتحث على كراهية الوطن و تزمر وترقص للشيطان وتبشر لولاية الفقيه الشاذة عقليا وفكريا وسياسيا، وتحث على الاقتداء بحزب حسن نصر الله. ومع الأسف لا نجد من أهل القطيف والعوامية من يرد على مثل هذا العزف السقيم، فأين أساتذة الجامعات، أين رجال الأعمال، أين المفكرون والشعراء، أين رجال الإعلام، أين أصحاب المنابر الوطنية والعقلانية، أين معلمو المدارس الأخيار، أين أنتم في وسط هذه الضوضاء الصاخبة التي لوثت أسماعنا وأضرّت بعقول شبابنا في القطيف والعوامية والبحرين الشقيقة. فصوت الحق أقوى وأولى أن يعلو ولا يُعلَى عليه. هل يرضى الأخيار أن تقوم طغمة فاسدة بتهميشهم وعزل تأثيرهم عن المجتمع. كيف يسمح الأخيار أن تقوم ثلة فاسدة تأتمر بأمر ملالي القذارة والرذيلة في طهران، بخطف عقول أبنائهم وتسييرهم وتحريكهم ضد أوطانهم ومجتمعاتهم. كيف لا يتصدى عقلاء القطيف والعوامية لمحاولة بعض الخونة والمجرمين تقديم أحزاب إرهابية منحطة ومنحلة من كل قيمة إنسانية سوية لأبنائهم على أنها منارات يجب الاقتداء بها. هل الأشرار أقدر من الأخيار على التأثير، هل هذا الصمت نتاج لا مبالاة بواقع القطيف والعوامية أم هو نتاج شيء آخر لا نعلمه؟ وتبقى الإجابة مجهولة ويبقى الجميع في حالة ذهول من الصمت المطبق تجاه ما يجري ويحدث في القطيف والعوامية.
إن الصمت عن الحق والسكوت عن الباطل خطيئة ينبغي لها ألا تستمر. فصوت الحكمة والعقل لا بد أن يعلو على صوت الشر والفتنة. فأطماع الملالي في إيران يجب ألا تجد لها طريقا إلى بلادنا وإلى دول الخليج العربي الشقيقة. إن بلادنا كفلت للجميع حرية الرأي وحرية التعبير عنه، وهذا الحق المكفول لن يسمح أن يستغله أي فرد كائنا من كان، لشق وحدة الصف الداخلي لبلادنا والعمل على إيجاد موطئ قدم لملالي طهران الأشرار السفلة أو لغيرهم من قوى الشر التي تتربص ببلادنا الشاهقة الأبية. وعلى العقلاء وأصحاب الرأي السديد في القطيف والعوامية وغيرها الاجتهاد في تصحيح المفاهيم الملتوية التي يروج ويصفق لها البعض. فدماء أبنائنا من رجال الأمن الأخيار، ودماء شبابنا الطيب في القطيف والعوامية يجب ألا تراق في سبيل تحقيق أجندة ملالي السوء في طهران. وعلى جميع الأطراف التي تسعى لتأجيج الفتنة في بلادنا أن تعلم أن سوء فعلهم يقربهم من حتفهم.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي