السحر الأزرق
في خضم التهافت على كل ما هو مثير، أضحت الحبة الزرقاء ورصيفاتها أحد أفضل الاختراعات الحديثة، التي زادت من نسبة الخصوبة ورفعت من الثقة بالنفس، ليصبح الرجل غير معني بأن تشيخ زوجته توافقاً معه، فتهرم هي، أما هو .. فلا .. لأن الحبة الزرقاء أو ما يقوم مقامها من الألوان الأخرى جديرة بأن يفتح آفاقا واسعة من الطموح باللذة والتلذذ بالحياة.
لذا فلا بأس الآن من أن يفكر كل رجل بدأت مقدرته الجنسية والرومانسية في التراجع والعطب من إعادة اكتشاف نفسه وفقما أحله الله من زواج مسيار أو متعة ولا بأس بـ "العرفي"، وإن كان هناك بعض شجاعة لإعلانه زواجاً كاملاً على الملأ. وبحمد الله الشرط الأساسي لنجاح أي زواج أصبح مرتبطاً بتلك الحبة الصغيرة .. لا حرم الله نفعها كل محب للخير والتواصل المحمود...
وقد ساق لي القدر التعامل مع الحبة الزرقاء عن طريق صديق في عقده السادس، قرأ ما قرأ عن الأثر السحري لتلك الحبة، ليتعلق شغفاً بها ولاسيما أنه سيردّ بها بعض كرامة فقدت أمام أم العيال ... لكن .. وآه.. من هذه الـ "لكن" .. فهو يعاني خجلاً يمنعه حتى أن يشير إلى ما يقترب من معنى ما يروم إليه .. فما بالك أن يذهب بنفسه ليشتريها رغم سهولة عرضها وبيعها وتناولها!!.
الشاهد أن الصديق الولهان رمى ما في جعبته للفقير إلى الله، مشاورات خاصة وأحاديث متواصلة وأسئلة حائرة وجلة .. وبعد الإقناع والإيمان بأهميتها والتأكيد على أن الصحة "عال العال" فلا ضغط دموياً يمنع تناولها .. ولا سكر يضعف تأثيرها.
المعنى أن الخطوة الأهم هي شراء هذه الساحرة وحاجز الخجل الذي يمنع ذلك خشية مشاهدة صديق أو قريب أو حتى جار أو غريب عملية التبادل النفعي بين الصيدلي وصاحبنا، بل ما السؤال الذي سيطرحه على الصيدلي ؟! فما كان من الفقير إلى الله إلا أن أرشد صاحبه إلى أن يقول للصيدلي "أريد الحبوب الزرقاء التي تفيد قبل النوم"، ففي هذه الجملة وضوح تام للبائع ومنع لاستخدام الألفاظ الجالبة لتصبب العرق والحياء.. لينال صاحبنا مبتغاه، وليغرس إصبعه على أرقام جواله ليخبر الفقير إلى الله بأن العملية تمت بنجاح.
لا شك أن النتيجة الأهم مهمة جداً ولابد من معرفتها لأن الفقير إلى الله شارك في حبكتها وجمع رأسين بالحلال وفقما يرضي الله. لكن .. وآه من هذه الـ "لكن"!! وعندما أردت في الغد ركوب سيارتي وإذا بصاحبي يحضر وكل علامات الغضب ظاهرةً على محياه قابضاً على علبة دواء بيده اليمنى ويلوح بها وكأنه سيقذفها في وجهي.. وبعد أن استقبلته بالتحية، وعبارة " خير إن شاء الله" لم يكذب خبراً ليقذفها باتجاهي وهو يزمجر غضباً بقوله "الله لا يحللك، ولا يبيحك" ومع إصراري على معرفة أسباب غضبه، أضاف: حينما تحترم الرجال ولا تخدعهم نعاود الكلام معك.
الصورة اتضحت للفقير إلى عفو ربه فصاحبنا نفذ التعليمات بحذافيرها .. فانتظر حينما خلت الصيدلية، ليبادر الصيدلي بسؤاله عن الحبوب الزرقاء التي تفيد عند النوم وأعطاه الصيدلي مبتغاه برضا وحبور تجاوز كل الأعراف ولاسيما أنه لم يطلب ثمناً لها سوى تسعة ريالات! ليقبض صاحبنا على الساحرة بيده، ويهرول إلى البيت ويتناول واحدة من تلك الحبوب .. لكن بعده بنصف ساعة وهو موعد اللقاء الرومانسي سقط نائما أمام زوجته لأن الحبة التي تناولها هي حقيقة ما يتم تناوله لأجل النوم، فهي الحبة الزرقاء الخاصة بالبندول الليلي !!.