صندوق الأجيال .. يكفي تأخيراً

بلادنا تعيش في هذا العهد الزاهر طفرة مالية غير مسبوقة ولله الحمد .. وهذا أمر طبيعي ما دام إنتاجنا من النفط يزداد وأسعار برميل النفط تقفز فوق التوقعات يوماً بعد يوم .. لكن المشكلة تتربص بنا في المستقبل البعيد وربما المتوسط وذلك لتوافر عامليْن نراهما رأي العين وهما .. الصرف غير المعقول للفوائض المالية. أما العامل الثاني وهو الأهم أن النفط وهو المصدر الأساسي لإيرادات الدولة يعتبر مورداً ناضباً وقدرت مدة الاحتياطي المخزون في أرضنا بما لا يزيد على 80 عاماً ''تقرير مؤسسة ستاندارد آند بورز العالمية'' ومن هذا المنطلق فإن الحاجة إلى إيجاد صندوق للأجيال أصبحت أكثر من ضرورية وكفى تأخيراً لتنفيذ هذه الفكرة .. فتأمين حياة كريمة لمستقبل أجيالنا مقدم على رفاهيتنا الحالية التي بلغت حد البذخ والإسراف في جوانب معينة مثل المباني الضخمة والفخمة جداً.
ولقد تنبهت دول عديدة يصل عددها على المستوى العالمي إلى أكثر من ثلاثين دولة لهذا الأمر وأسّست صناديق احتياطية للأجيال القادمة .. ومن أكثر هذه الصناديق تنظيماً ونجاحاً الصندوق الكويتي الذي تأسّس عام 1976م ويتم تمويله باقتطاع 10 في المائة من الإيرادات العامة للدولة وتم على مدى سنوات استثمار المبالغ المودعة في هذا الصندوق في مشاريع اقتصادية في الداخل والخارج .. وحينما تم احتلال الكويت عام 1990م كان لهذا الصندوق الأثر الكبير في تخفيف الأزمة والصرف على الشعب الكويتي في أماكن تواجده.
وفي الأسبوع الماضي وافق مجلس الشورى مشكوراً على ملاءمة دراسة مقترح مشروع نظام صندوق الاحتياطي الوطني (وينص النظام المكون من 18 مادة على وضع إطار تنظيمي لتجميع وإدارة فوائض الاحتياطيات المالية التي تنتج كل سنة من ميزانية الدولة وإدارتها بصفة مستقلة تحت إشراف المجلس الاقتصادي الأعلى ومراقبة مجلس الشورى حتى تكتمل الاستقلالية والمحاسبة عن إدارة هذه الفوائض بما يحقق الهدف الأسمى منها وهو إيجاد أصول مالية راسخة تنتفع بها الأجيال القادمة ويمكن الاستفادة من فوائضها المالية في سنوات الحاجة أو تدني مستوى الإيرادات الأخرى).وبعد هذا النص الجميل .. لماذا التأجيل وطلب المناقشة مرة أخرى .. فالموضوع لا يحتمل التأخير .. حيث الأجيال القادمة في ظل النمو المتزايد في عدد السكان وشبح البطالة الذي أطل علينا وأخذ يهدد حتى حاملي الشهادات العليا من أرقى الجامعات العالمية مهددة بالكثير من الإشكالات وشظف العيش المشابه لما عاشه الأجداد والآباء في فترة زمنية ماضية قبل اكتشاف النفط وتغلبوا عليه بالصبر والعمل تحت أقسى الظروف في حقولهم لزراعة ما يأكلون .. وهو ما قد لا يتحمله الجيل الحالي أو الأجيال القادمة.
وأخيراً: صندوق الأجيال سيكون هدية خادم الحرمين الشريفين للأجيال القادمة بعد أن أهدى الجيل الحالي الشيء الكثير، بحيث يتجاوز هذا الصندوق تعرجات الروتين والبيروقراطية ثم ينفذ بشكل عاجل وتوفر له وسائل الشفافية كافة للإشراف عليه بحيث يضم مجلس إدارته شخصيات من القطاعين الحكومي والخاص ممّن شهد لهم بالنزاهة والمصداقية والحرص على المال العام مع الخبرة في مجال الاستثمار بطريقة إسلامية نقية من الشوائب التي كانت السبب في الأزمات المالية العالمية.

الأكثر قراءة

المزيد من مقالات الرأي